أعطت نيجيريا الضوء الأخضر لتوفير الحماية لقائد المعارضة في غينيا بيساو، فرناندو دياس دا كوستا، وذلك في أعقاب الانقلاب العسكري الأخير والنزاع الانتخابي المستمر. يأتي هذا الإجراء وسط تصاعد الضغوط الإقليمية والدولية على قادة الجيش الذين استولوا على السلطة. وتعتبر هذه الخطوة النيجيرية بمثابة دعم مباشر للمعارضة في غينيا بيساو، في ظل المخاوف المتزايدة بشأن سلامة دياس دا كوستا.
تصاعد الأزمة في غينيا بيساو وتدخل وساطة إيكواس
أرسلت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) وفداً إلى غينيا بيساو لإجراء محادثات وساطة مع قادة الانقلاب الذي وقع الأسبوع الماضي. يهدف الوفد، بقيادة رئيس سيراليون جوليوس مادا بيو، إلى الضغط على السلطات العسكرية من أجل “استعادة كامل للنظام الدستوري”. وتأتي هذه الجهود في وقت تشهد فيه البلاد حالة من عدم اليقين السياسي والأمني.
في الوقت الحالي، شدد الجيش من القيود المفروضة على البلاد، وحظر جميع المظاهرات والإضرابات. صرح وزير الخارجية في سيراليون، تيموثي موسى كابا، بأن المحادثات كانت “مثمرة للغاية”، وأن الجانبين قد أعربا عن “مخاوفهما المختلفة”.
من جانبه، أكد جواو برناردو فييرا، وزير الخارجية الذي تم تعيينه حديثًا في غينيا بيساو، أن إيكواس لن تغادر البلاد “خلال هذه الفترة الصعبة”. وأضاف أن السلطات الانتقالية والجيش سيواصلان مناقشاتهما.
خلفية الانقلاب والنزاع الانتخابي
وقد اندلع الانقلاب قبل ثلاثة أيام من الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل في غينيا بيساو، حيث أعلن كل من الرئيس الحالي أومارو سيسوكو إمبالو ومرشح المعارضة فرناندو دياس دا كوستا عن فوزهما قبل الإعلان عن النتائج الرسمية. وحتى الآن، لم يتم الإعلان عن أي نتائج للانتخابات.
أفاد إمبالو في تصريحات لوسائل الإعلام الفرنسية بأنه قد أُطيح به واعتقل. لاحقًا، تمكن من مغادرة البلاد والتوجه إلى برازافيل، عاصمة جمهورية الكونغو.
عين الجيش الجنرال هورتا إنتا-أ، الرئيس السابق لأركان الجيش، لقيادة حكومة انتقالية لمدة عام. وقد كشف عن تشكيلة حكومية جديدة تضم 28 عضواً، معظمهم من الشخصيات المرتبطة بالرئيس السابق.
نيجيريا توفر الحماية لدياس دا كوستا وسط تهديدات
فرناندو دياس دا كوستا، قائد المعارضة، يتواجد حاليًا في السفارة النيجيرية في بيساو، وذلك بعد أن أصدر الرئيس النيجيري بولا تينوبو أمرًا بتوفير الحماية له، استنادًا إلى “تهديد وشيك لحياته”. وقد طلبت وزارة الخارجية النيجيرية من إيكواس نشر قوات لحماية دياس دا كوستا.
هذا التحرك يعكس قلق نيجيريا المتزايد بشأن الوضع في غينيا بيساو، ورغبتها في ضمان سلامة قادة المعارضة. وتأتي هذه الخطوة في سياق الجهود الإقليمية الأوسع نطاقًا لحل الأزمة السياسية.
في تطور آخر، أفاد الحزب الأفريقي المستقل لغينيا والرأس الأخضر (PAIGC)، وهو حزب المعارضة الرئيسي، بأن مقره قد تعرض لـ “اقتحام غير قانوني من قبل مجموعات مسلحة بشكل كبير” في العاصمة.
يُذكر أن الحزب قد مُنع من تقديم مرشح رئاسي في الانتخابات التي جرت في 23 نوفمبر، وهو ما انتقدته منظمات حقوق الإنسان باعتباره جزءًا من حملة قمع أوسع ضد المعارضة. الوضع السياسي في غينيا بيساو يثير قلقًا بالغًا بشأن مستقبل الديمقراطية والاستقرار في البلاد.
رد فعل إيكواس والمجتمع الدولي
ردت إيكواس على الانقلاب بتعليق عضوية غينيا بيساو في جميع أجهزتها وصنع القرار “حتى استعادة النظام الدستوري الكامل والفعال في البلاد”. ويعتبر هذا الإجراء بمثابة إدانة قوية للانقلاب، وتحذير لقادة الجيش.
كما تصاعدت الإدانات الدولية، حيث أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه البالغ، وأدان الاستيلاء العسكري على السلطة، محذرًا من أن تجاهل “إرادة الشعب الذي أدلى بصوته بسلام في الانتخابات العامة التي جرت في 23 نوفمبر يشكل انتهاكًا غير مقبول للمبادئ الديمقراطية”.
وطالب غوتيريش بـ “استعادة النظام الدستوري الفورية وغير المشروطة” وإطلاق سراح جميع المسؤولين المحتجزين، بمن فيهم مسؤولو الانتخابات وشخصيات المعارضة.
من المتوقع أن تستمر إيكواس في جهودها الدبلوماسية للضغط على قادة الجيش في غينيا بيساو للعودة إلى الحكم المدني. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه الجهود ستنجح، وما إذا كان سيتم التوصل إلى حل سلمي للأزمة. يجب مراقبة تطورات الوضع عن كثب، بما في ذلك رد فعل الجيش على الضغوط الإقليمية والدولية، ومستقبل فرناندو دياس دا كوستا، والخطوات التالية نحو استعادة النظام الدستوري.










