أثار قرار حكومة بوتسوانا بزيادة حصص صيد الحيوانات الكبيرة السنوي للفيلة جدلاً واسعاً، حيث أعرب خبراء الحفاظ على البيئة عن قلقهم العميق. يأتي هذا القرار في وقت تواجه فيه البلاد تحديات متزايدة في إدارة أكبر تجمع للفيلة في العالم، مما يثير تساؤلات حول مستقبل هذه الحيوانات المهيبة.
تضم بوتسوانا، وهي دولة قاحلة في الغالب يبلغ عدد سكانها 2.3 مليون نسمة، أكثر من 130 ألف فيل، وهو ما يمثل ما يقرب من ثلث إجمالي عدد الفيلة في أفريقيا. ويقدر إجمالي عدد الفيلة في القارة الأفريقية بحوالي 415 ألف فيل، بينما تعيش بقية الفيلة في آسيا. تعتبر إدارة هذه الأعداد الكبيرة تحديًا معقدًا يتطلب موازنة بين الحفاظ على البيئة واحتياجات المجتمعات المحلية.
ما هي حصة صيد الحيوانات الكبيرة الجديدة في بوتسوانا؟
تشير مسودة حكومية أولية إلى أن حصة صيد الحيوانات الكبيرة للفيلة لعام 2026 قد ارتفعت إلى 430 فيلاً، مقارنة بـ 410 في عام 2025. يُعد صيد الحيوانات الكبيرة ممارسة قانونية لقتل الحيوانات البرية، مثل الفيلة والأسود والوحيد القرن، وأخذ جزء ذي قيمة عالية من أجسادها، مثل الأنياب أو القرون.
لطالما جذبت المناظر الطبيعية الشاسعة ولكن قليلة السكان في بوتسوانا الأجانب الذين يرغبون في زيارة الحياة البرية. يعكس هذا القرار النهج العام الذي تتبعه بوتسوانا في الحفاظ على قطعان الفيلة. ففي عام 2014، فرضت البلاد حظرًا كاملاً على صيد الحيوانات الكبيرة، لكنها تراجعت عن هذا القرار بعد خمس سنوات، قائلة إن أعداد الفيلة قد ارتفعت بشكل كبير وتشكل تهديدًا لمصادر رزق المزارعين.
تخصص الحكومة الآن حصص صيد سنوية لأكثر من دزينة من الأنواع، بما في ذلك الفيلة والوحيد القرن وفرس النهر. دول أفريقية أخرى، بما في ذلك ناميبيا وزيمبابوي وتنزانيا، لديها أيضًا حصص صيد الحيوانات الكبيرة لإدارة أعداد الفيلة والحياة البرية الأخرى.
لماذا تسمح الحكومة بصيد الحيوانات الكبيرة؟
تجادل حكومة بوتسوانا بأن هذه الممارسة مهمة للسيطرة على أعداد الحيوانات الكبيرة، حيث أنها تتزايد في الصراع مع البشر. وقد أدت التغيرات المناخية وقطع الأشجار، التي تنتهك الموائل ومصادر الغذاء الطبيعية للفيلة، أيضًا إلى إجبار الفيلة على البحث عن موائل وغذاء في أماكن أخرى.
نتيجة لذلك، يُعرف عن الفيلة في العديد من البلدان الأفريقية أنها تدخل المنازل والقرى الخاصة، وتدوس المحاصيل، وتأكل الحبوب المخزنة، وتتلف المنازل والأسوار والبنية التحتية المائية. كما أن صيد الحيوانات الكبيرة يوفر مصدر دخل كبير. فقد ذكر الوزير وينتر ممولوتسي للبيئة في وقت سابق من هذا العام أن البلاد كسبت أكثر من 4 ملايين دولار من بيع تراخيص الصيد في عام 2024، مقارنة بـ 2.7 مليون دولار في عام 2023، وأن هذه الأموال تستخدم لدعم مشاريع الحفاظ على البيئة والمجتمع.
هل صيد الحيوانات الكبيرة يمثل تهديدًا خطيرًا للفيلة؟
ترى أيمي ديكمان، أستاذة الحفاظ على الحياة البرية ومديرة WildCRU بجامعة أكسفورد، أنه على الرغم من أن صيد الحيوانات الكبيرة قد يكون “مثيرًا للجدل”، إلا أنه لا يمثل تهديدًا رئيسيًا لأي نوع، بما في ذلك الفيلة، وأن “الإيرادات من الصيد القانوني تساعد في الحفاظ على مساحات واسعة من موائل الحياة البرية ويمكن أن تكون مهمة جدًا للسكان المحليين”.
وأضافت: “بوتسوانا – الدولة الرائدة في العالم في الحفاظ على الثدييات الكبيرة – لديها تجمع مزدهر للفيلة، ويحتاج كل من الحكومة والمجتمعات المحلية إلى رؤية فوائد مالية من هذا الوجود. لقد استخدموا صيد الحيوانات الكبيرة منذ فترة طويلة لتوليد بعض هذه الفوائد، ويجب الوثوق بقراراتهم السيادية واحترامها.”
ماذا يقول منتقدو نظام حصص صيد الحيوانات الكبيرة؟
وفقًا لويل ترافيرس، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لـ Born Free، وهي مؤسسة خيرية للحياة البرية، فإن توسيع حصة صيد الحيوانات الكبيرة للفيلة في بوتسوانا “يثير مخاوف بيولوجية عميقة”. وأوضح أن الصيادين يستهدفون الأفراد الذين يعتبرونهم “جوائز”، وفي حالة الفيلة، فإنهم يستهدفون ذوي الأنياب الأكبر، والذكور الناضجين، وهم مخازن للمعرفة الحيوية للبقاء على قيد الحياة داخل مجتمع الفيلة، ومرغوب فيهم من قبل الإناث، ويمكنهم التكاثر بنجاح، وتمرير جيناتهم حتى الشيخوخة.
بالإضافة إلى ذلك، يرى الخبراء أن إزالة الفيلة تغير سلوكها، مما قد يؤدي في الواقع إلى تفاقم الصراع مع المجتمعات البشرية المجاورة. يجب على السلطات اعتماد نهج قائم على المجتمع للسيطرة على التفاعل مع الفيلة من خلال تزويد السكان بالمعرفة والمهارات اللازمة للعيش جنبًا إلى جنب مع الحياة البرية.
ما هي البدائل؟
واقترح نوا أن السلطات يجب أن تتبنى نهجًا قائمًا على المجتمع للسيطرة على التفاعل مع الفيلة من خلال تزويد السكان المحليين بالمعرفة والمهارات اللازمة للعيش جنبًا إلى جنب مع الحياة البرية. كما أشار إلى أن المجتمعات في بوتسوانا يمكن أن تستفيد من العيش جنبًا إلى جنب مع الفيلة إذا اعتمدت الحكومة سياسة تربط آبار المياه بالسياحة.
من المتوقع أن تقوم وزارة البيئة في بوتسوانا بمراجعة شاملة لسياسات صيد الحيوانات الكبيرة بحلول نهاية عام 2024، مع الأخذ في الاعتبار ردود الفعل من أصحاب المصلحة المحليين والدوليين. ستكون هذه المراجعة حاسمة في تحديد مستقبل إدارة الفيلة في البلاد، وستراقب المنظمات البيئية عن كثب عملية صنع القرار لضمان حماية هذه الحيوانات الرائعة للأجيال القادمة.










