تصعّد أوكرانيا من هجماتها في البحر الأسود، معلنةً للمرة الأولى هذا العام استهداف ناقلات نفط مرتبطة بـ”أسطول الظل” الروسي بالقرب من السواحل التركية. تأتي هذه الخطوة، بحسب تقارير غربية، في محاولة مباشرة لتقويض مصادر تمويل موسكو في حربها ضد كييف، مما يثير توترات جديدة في المنطقة ويدفع نحو إعادة تقييم أمن الملاحة.
في الأيام الأخيرة، أكدت كييف تنفيذ هجمات بطائرات مُسيرة على ناقلتي نفط مرتبطتين بروسيا وخاضعتين للعقوبات بالقرب من الساحل التركي في البحر الأسود. وتشير التقديرات إلى وقوع حوالي ستة حوادث مماثلة منذ بداية العام الجاري، مما يعكس استمرار الحملة الأوكرانية على البنية التحتية المرتبطة بالطاقة الروسية.
هجمات أوكرانية على ناقلات النفط في البحر الأسود
هذه الهجمات تمثل تصعيداً ملحوظاً في الصراع البحري، حيث كانت تستهدف في السابق سفناً حربية روسية ومحطات عسكرية، لكنها الآن تطال بشكل مباشر ناقلات النفط التي تعتبر شرياناً حيوياً للاقتصاد الروسي. واستخدمت البحرية الأوكرانية وجهاز الأمن مسيرات “Sea Baby” في هجوم استهدف ناقلتي النفط “كايروس” و”فيرات” يوم الجمعة الماضي.
وبحسب مسؤول أوكراني، فإن المسيرات البحرية، التي طورتها أجهزة الأمن الأوكرانية، اصطدمت بهيكلي السفينتين، مما أدى إلى أضرار محدودة ولكنها تحمل رمزية كبيرة. وقد تم تصوير الهجوم في لقطات فيديو، نشرتها الاستخبارات الأوكرانية، تُظهر كرة نارية في السماء.
تأتي هذه الهجمات في الوقت الذي تدرس فيه الولايات المتحدة فرض عقوبات إضافية على “أسطول الظل” الروسي، في محاولة للضغط على موسكو ووقف تمويل الحرب. وتعد هذه العقوبات جزءاً من جهود دولية أوسع نطاقاً لتقليل اعتماد روسيا على عائدات النفط.
ردود الفعل الروسية والتركية
في المقابل، توعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتوسيع نطاق الضربات على الموانئ الأوكرانية والسفن المتجهة إليها. وأضاف أن “الخيار الأكثر تطرفاً هو عزل أوكرانيا عن البحر، وعندها ستصبح عمليات القرصنة مستحيلة”.
وأعرب وزير الخارجية التركي هاكان فيدان عن قلقه البالغ إزاء هذه الهجمات، واصفاً إياها بأنها “مخيفة للغاية”. وأشار إلى أن هذه الهجمات تؤثر على سلامة الملاحة والتجارة في المنطقة، وأن تركيا، إلى جانب رومانيا وبلغاريا، تدرس اتخاذ تدابير للحد من وقوع حوادث مماثلة في المستقبل. ويُعد البحر الأسود ممراً حيوياً للتجارة العالمية، وتهدد هذه الهجمات بإعاقة حركة السفن وزيادة التكاليف.
“أسطول الظل” الروسي وأهميته
يعتمد “أسطول الظل” الروسي على شبكة معقدة من ناقلات النفط، غالباً ما تكون قديمة، وتعمل تحت أعلام مختلفة لتفادي العقوبات الدولية. وتُتهم هذه السفن بالقيام بعمليات نقل غير قانونية للنفط الروسي، مما يساعد موسكو على الالتفاف حول القيود التجارية المفروضة عليها.
وتنفي موسكو استخدام “أسطول خفي”، وتصف العقوبات الغربية بأنها “غير شرعية”. ومع ذلك، تشير التقارير إلى أن “أسطول الظل” يلعب دوراً حاسماً في الحفاظ على صادرات النفط الروسية، حتى في ظل الظروف الصعبة.
تأثير الهجمات على أسعار النفط
أدت الهجمات الأوكرانية على ناقلات النفط والموانئ الروسية إلى ارتفاع أسعار خام برنت في الأسواق العالمية. ويرجع ذلك إلى المخاوف من انخفاض المعروض من النفط الروسي، مما قد يؤدي إلى زيادة الضغط على الأسعار. وتُظهر التحليلات أن أسعار النفط قد ترتفع بشكل أكبر إذا استمرت الهجمات وتسببت في تعطيل كبير لصادرات النفط الروسي.
بالإضافة إلى ذلك، تزيد هذه الهجمات من تكلفة نقل النفط الروسي، حيث ترتفع أقساط التأمين على السفن ويزداد خطر التعرض لأضرار أو مصادرة.
من المتوقع أن تستمر أوكرانيا في استهداف البنية التحتية للطاقة الروسية في محاولة لتقويض قدرة موسكو على تمويل الحرب. وستراقب تركيا ودول حلف شمال الأطلسي الوضع عن كثب، وربما تتخذ تدابير إضافية لضمان أمن الملاحة في البحر الأسود. ويعتمد مستقبل هذه التوترات على مسار المفاوضات الدبلوماسية الجارية، ونجاح أو فشل الجهود المبذولة للتوصل إلى حل سلمي للصراع.










