أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، الأحد، استمرار العلاقات الدبلوماسية بين طهران وبيروت، وذلك في ظل تأخير اعتماد السفير الإيراني الجديد في لبنان، وتصريحات متبادلة حول مستقبل التعاون الثنائي. يأتي هذا التأكيد بعد أيام من اعتذار وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي عن زيارة طهران، معرباً عن أمله في إجراء محادثات في دولة ثالثة. وتعتبر قضية العلاقات الإيرانية اللبنانية من القضايا الحساسة في المنطقة، خاصةً في ظل التوترات السياسية المستمرة.
وأوضح بقائي أن الإجراءات الخاصة بتعيين السفير الإيراني الجديد في لبنان قد اكتملت من الجانب الإيراني، معرباً عن تفاؤله باستكمال الإجراءات اللبنانية في أقرب وقت ممكن. وأشار إلى أن السفير اللبناني الجديد قد بدأ بالفعل مهامه في طهران، مؤكداً وجود تبادل دبلوماسي مستمر بين البلدين.
تأخر اعتماد السفير الإيراني وتداعياته على العلاقات الثنائية
تأخر اعتماد السفير الإيراني الجديد في لبنان أثار تساؤلات حول مستقبل العلاقات بين البلدين. وذكرت وسائل الإعلام اللبنانية أن وزير الخارجية يوسف رجي لم يرفع أوراق اعتماد السفير إلى مجلس الوزراء والقصر الجمهوري، ولم يبلغ طهران بموافقة بيروت الرسمية. هذا الإجراء يعتبر غير معتاد في البروتوكول الدبلوماسي، ويدل على وجود خلافات أو تحفظات من الجانب اللبناني.
في المقابل، أكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أن بلاده تفضل عدم الخوض في أي تصريحات قد تشتت انتباه لبنان عن قضايا سيادته ووحدة أراضيه. واعتبر أن التهديد الحقيقي لسيادة لبنان يكمن في الأطماع الإسرائيلية، داعياً إلى الحوار بين الجانبين اللبناني والإيراني لتعزيز الثقة وتجنب أي سوء فهم.
اعتذار لبنان عن زيارة طهران
اعتذر وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي الأربعاء الماضي عن قبول دعوة نظيره الإيراني عباس عراقجي لزيارة طهران “في ظل الظروف الحالية”، واقترح بدلاً من ذلك عقد لقاء في دولة ثالثة. وأشار رجي إلى أن الأجواء السياسية غير مواتية حالياً للزيارة، ولكنه أكد في الوقت نفسه استعداد لبنان لإرساء علاقات بناءة مع إيران على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.
وشدد رجي على أن أي علاقة قوية بين الدول يجب أن تقوم على احترام استقلال وسيادة كل دولة، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية بأي شكل من الأشكال. كما أعرب عن ترحيبه بزيارة وزير الخارجية الإيراني إلى لبنان في وقت لاحق.
قضية سلاح حزب الله والتدخل الإيراني
تعتبر قضية سلاح حزب الله من أبرز القضايا الخلافية بين لبنان وإيران. وأكد وزير الخارجية اللبناني أن الدولة يجب أن تحتكر حق حمل السلاح، وأن تكون صاحبة القرار الحصري في قضايا الحرب والسلم. هذا التصريح يعتبر إشارة إلى المخاوف اللبنانية من النفوذ المتزايد لحزب الله، والذي يحظى بدعم كبير من إيران.
وفي أغسطس الماضي، استنكر يوسف رجي تصريحات لمستشار المرشد الإيراني علي خامنئي، علي أكبر ولايتي، اعتبرها “تدخلاً سافراً” في الشؤون الداخلية اللبنانية. وكان ولايتي قد صرح بأن إيران تعارض أي مساعي لنزع سلاح حزب الله، وأنها ستواصل دعم “المقاومة” في لبنان. هذه التصريحات أثارت غضب العديد من الأطراف اللبنانية، واعتبرت بمثابة اعتراف بالتدخل الإيراني في الشؤون اللبنانية. وتشكل هذه القضية تحدياً كبيراً أمام تحسين العلاقات الإيرانية اللبنانية.
تتأثر السياسة اللبنانية بشكل كبير بالتطورات الإقليمية، وخاصةً التوترات بين إيران ودول أخرى في المنطقة. وتشكل قضية دعم إيران لحزب الله نقطة حساسة في العلاقة مع لبنان، حيث يرى البعض أن هذا الدعم يساهم في زعزعة الاستقرار في البلاد. بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاوف من أن إيران تستخدم نفوذها في لبنان لتعزيز مصالحها الإقليمية.
من المتوقع أن تستمر المشاورات بين الجانبين اللبناني والإيراني في الأيام والأسابيع القادمة، بهدف تجاوز الخلافات الحالية وإيجاد حلول ترضي الطرفين. وسيكون من المهم مراقبة تطورات قضية تعيين السفير الإيراني الجديد في لبنان، وكذلك ردود الفعل على تصريحات المسؤولين الإيرانيين واللبنانيين. كما يجب الانتباه إلى أي تطورات جديدة في قضية سلاح حزب الله، والتي قد تؤثر بشكل كبير على مستقبل العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. يبقى الوضع معقداً ويتطلب حذراً ودبلوماسية عالية لتجنب أي تصعيد.










