تبنّت الجمعية العامة للأمم المتحدة، مساء الجمعة، قراراً يطالب إسرائيل بتسهيل وصول المساعدات الإنسانية لغزة، ويعارض تهجير الفلسطينيين. جاء هذا القرار بعد تصاعد الأزمة الإنسانية في القطاع، وتأكيداً على التزامات إسرائيل كـ”قوة احتلال” وفقاً للرأي الاستشاري الأخير لمحكمة العدل الدولية. القرار حظي بتأييد واسع النطاق، لكنه قوبل بمعارضة من الولايات المتحدة التي وصفته بـ”المسيس”.
القرار، الذي أيدته 139 دولة وعارضته 12 دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة وإسرائيل، وامتنعت 19 دولة عن التصويت، يهدف إلى تحسين الوضع الإنساني المتدهور في قطاع غزة. ويُلزم إسرائيل بتوفير الاحتياجات الأساسية للسكان، بما في ذلك الغذاء والماء والدواء والمأوى، والسماح بدخول المساعدات دون قيود. كما يؤكد القرار على الدور الحيوي لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في تقديم هذه المساعدات.
أهمية قرار الأمم المتحدة بشأن المساعدات الإنسانية لغزة
يأتي هذا القرار في وقت حرج، حيث يواجه قطاع غزة أزمة إنسانية عميقة تتفاقم بسبب القيود المفروضة على حركة الأشخاص والبضائع. تعتمد غالبية سكان غزة على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة، وقد أدت التوترات الأخيرة إلى زيادة كبيرة في الاحتياجات. القرار يعكس قلق المجتمع الدولي المتزايد بشأن هذه الأوضاع.
التزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي
يستند القرار إلى الرأي الاستشاري الصادر مؤخراً عن محكمة العدل الدولية، والذي يوضح التزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي كـ”قوة احتلال”. وتشمل هذه الالتزامات ضمان رفاهية السكان الفلسطينيين وتوفير الاحتياجات الأساسية لهم. القرار يذكر إسرائيل بمسؤولياتها القانونية والأخلاقية تجاه سكان غزة.
دور الأونروا المحوري
أكد القرار بشكل خاص على الدور “اللا غنى عنه” لوكالة الأونروا في تقديم المساعدات الإنسانية في غزة. تعتبر الأونروا المزود الرئيسي للخدمات الأساسية، بما في ذلك التعليم والرعاية الصحية، للفلسطينيين في القطاع. القرار يهدف إلى حماية قدرة الأونروا على مواصلة عملها الحيوي.
ترحيب أممي ومعارضة أمريكية
رحب المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، بالقرار، واصفاً إياه بأنه “مؤشر مهم على دعم الأغلبية الساحقة من المجتمع الدولي للوكالة”. وأضاف أن القرار يؤكد على أهمية تسهيل عمل الأونروا، وليس إعاقته. ودعا لازاريني الدول الأعضاء إلى مواصلة دعم جهود الأونروا لتلبية الاحتياجات الإنسانية المتزايدة في غزة.
في المقابل، أعربت الولايات المتحدة عن معارضتها الشديدة للقرار، واصفة إياه بأنه “انقسامي ومُسيّس”. وذكرت الخارجية الأمريكية في بيان لها أن القرار “يستند إلى ادعاءات غير صحيحة ويصرف الانتباه عن الدبلوماسية الواقعية”. كما اعترضت الولايات المتحدة على الإشارة إلى الأونروا، معتبرة أن “إجبار أي دولة على العمل مع منظمة بعينها يعد انتهاكاً للسيادة”.
وأضافت الخارجية الأمريكية أن الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية “غير ملزم” و”ليس أساساً للتشريع”. وقد جددت الولايات المتحدة اتهاماتها للأونروا بالارتباط بحركة حماس، وهو ما تنفيه الوكالة الأممية باستمرار. هذه الاتهامات ليست جديدة، وقد أدت في الماضي إلى تعليق المساعدات الأمريكية للأونروا.
تداعيات القرار المستقبلية
من المتوقع أن يثير هذا القرار جدلاً دبلوماسياً كبيراً. سيكون من المهم مراقبة رد فعل إسرائيل على القرار، وما إذا كانت ستلتزم بتنفيذ بنوده. كما سيكون من المهم متابعة موقف الولايات المتحدة، وما إذا كانت ستتخذ أي إجراءات لتقويض القرار أو دعم إسرائيل.
بالإضافة إلى ذلك، يجب مراقبة الوضع الإنساني في غزة عن كثب، وتقييم ما إذا كان القرار سيؤدي إلى تحسين ملموس في حياة السكان. قد يتطلب الأمر جهوداً إضافية من المجتمع الدولي لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين، وتلبية الاحتياجات المتزايدة. من المرجح أن تستمر الأمم المتحدة في متابعة هذا الملف عن كثب، وتقديم تقارير دورية عن الوضع في غزة.
في الختام، يمثل هذا القرار خطوة مهمة نحو معالجة الأزمة الإنسانية في غزة، لكن نجاحه يعتمد على التزام جميع الأطراف المعنية بتنفيذه. من المتوقع أن تستمر المناقشات حول هذا الموضوع في الأمم المتحدة والمحافل الدولية الأخرى في الأسابيع والأشهر القادمة، مع التركيز على سبل تحسين الوضع الإنساني في القطاع وضمان حقوق الفلسطينيين.










