حذر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، يوم الخميس، من أن روسيا قد تشن حربًا على دول الحلف خلال خمس سنوات، داعيًا الأعضاء إلى تسريع وتيرة تعزيز دفاعاتهم. يأتي هذا التحذير في ظل تصاعد التوترات بين روسيا وأوروبا، وتأكيد موسكو استعدادها للرد على أي تهديد، بما في ذلك استهداف القوات الأوروبية في أوكرانيا. هذا الوضع يثير مخاوف متزايدة بشأن مستقبل الأمن الأوروبي ويدفع إلى إعادة تقييم الاستراتيجيات الدفاعية.
وأكد روته، في كلمته أمام مؤتمر ميونخ الأمني، أن العديد من حلفاء الناتو لا يدركون الخطر الحقيقي الذي تمثله روسيا، مشيرًا إلى أن بلاده هي “الهدف التالي” بعد أوكرانيا. وشدد على ضرورة زيادة الإنفاق الدفاعي وتسريع وتيرة الإنتاج العسكري، محذرًا من أن الوقت ليس في صالحهم. في الوقت نفسه، دعت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، إلى تسريع بناء القدرات العسكرية الأوروبية، مؤكدة على أهمية التكامل بين تعزيز الدفاع الأوروبي ودعم أوكرانيا.
التهديد الروسي وتصعيد الدفاعات
تأتي هذه التصريحات في وقت تشهد فيه العلاقات بين روسيا والغرب تدهورًا حادًا، خاصةً بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022. وتعتبر روسيا أن توسع الناتو باتجاه الشرق يمثل تهديدًا لأمنها القومي، بينما يرى الحلف أنه يهدف إلى حماية دوله الأعضاء.
وفي سياق متصل، أكد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، أن بلاده ستستهدف أي قوات أوروبية لحفظ السلام في أوكرانيا، مضيفًا أن روسيا مستعدة لخوض حرب ضد أوروبا إذا قررت ذلك. وأضاف لافروف أن خطط الغرب لإلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا باءت بالفشل، وأن موسكو ترى أن موقف أوروبا تجاه أوكرانيا غير عقلاني.
مخاوف بشأن التزام الولايات المتحدة
يثير التزام الولايات المتحدة تجاه الناتو أيضًا بعض القلق، خاصةً بعد التصريحات المتكررة للرئيس السابق دونالد ترامب بانتقاده للحلف. على الرغم من أن ترامب أكد التزامه بالمادة الخامسة من معاهدة الناتو، إلا أن تصريحاته اللاحقة بدت وكأنها تضع الولايات المتحدة خارج المنظمة.
بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاوف بشأن خطط الإدارة الأميركية لخفض القوات المتمركزة في أوروبا، حيث أعلنت رومانيا عن تخفيض محتمل لعدد الجنود الأميركيين المتمركزين على أراضيها. ويرجع هذا التوجه جزئيًا إلى تركيز الولايات المتحدة على التهديدات الأمنية في آسيا ومناطق أخرى.
ومع ذلك، يرى البعض أن هذه التحركات لا تعني بالضرورة تراجعًا في التزام الولايات المتحدة تجاه الناتو، بل هي إعادة توزيع للموارد والاستراتيجيات بما يتماشى مع التحديات الأمنية المتغيرة.
الوضع الحالي يتطلب من دول الناتو أن تتخذ خطوات ملموسة لتعزيز دفاعاتها، سواء من خلال زيادة الإنفاق العسكري أو من خلال تطوير القدرات العسكرية الأوروبية بشكل مستقل. كما يتطلب الأمر حوارًا مستمرًا بين الحلفاء لضمان التنسيق والتعاون في مواجهة التهديدات المشتركة.
وفي هذا الإطار، من المهم الإشارة إلى أن حلف الناتو قد وضع بالفعل خططًا لتعزيز وجوده العسكري في أوروبا الشرقية، بما في ذلك نشر قوات إضافية في دول البلطيق وبولندا. كما أن الحلف يعمل على تطوير نظام دفاع صاروخي متكامل لحماية أراضيه من الهجمات الصاروخية.
التحذيرات المتتالية من مسؤولين في الناتو والاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى التصريحات الروسية المتشددة، تشير إلى أن الوضع الأمني في أوروبا يتجه نحو مزيد من التعقيد والتدهور.
من المتوقع أن تستمر المناقشات حول هذه القضايا في الأشهر المقبلة، وأن تتخذ دول الناتو قرارات حاسمة بشأن مستقبل دفاعاتها. كما يجب مراقبة التطورات على الأرض في أوكرانيا، وتقييم أي تغييرات في الاستراتيجيات العسكرية الروسية.
في الختام، يظل مستقبل الأمن الأوروبي غير مؤكد، ويتطلب يقظة مستمرة وتعاونًا وثيقًا بين جميع الأطراف المعنية. التركيز الآن ينصب على الاستعداد لمواجهة أي تطورات محتملة، وتقليل المخاطر التي تهدد الاستقرار الإقليمي.










