تشهد العاصمة البريطانية لندن اجتماعات مكثفة لقادة أوكرانيا والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا، بهدف بحث سبل التوصل إلى اتفاق سلام ينهي الصراع المستمر مع روسيا. وتأتي هذه اللقاءات في ظل تباين في الرؤى حول كيفية إنهاء الحرب، حيث أعرب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن خيبة أمله من تعامل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مع مقترحات السلام المطروحة، مما يلقي بظلال من الشك على آفاق المفاوضات. مفاوضات السلام الأوكرانية هي محور هذه التطورات الدولية.
وأدلى ترامب بتصريحات انتقد فيها زيلينسكي بعد اختتام محادثات بين مفاوضين أمريكيين وأوكرانيين استمرت ثلاثة أيام، دون تحقيق تقدم كبير. وأشار ترامب إلى أن الرئيس الأوكراني لم يقم بمراجعة المقترح الأمريكي للسلام حتى وقت متأخر، معتبراً ذلك عائقاً أمام إحراز أي اختراق.
جهود دبلوماسية متعددة الأطراف لإنهاء الصراع
على الرغم من أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يتبنَّ بشكل صريح الخطة الأمريكية، إلا أنه صرّح بأن تحقيق السلام يتطلب جهوداً مضنية وتنازلات قد لا تكون روسيا قادرة على قبولها. وتأتي هذه التصريحات في وقت تحاول فيه الدول الأوروبية إحياء عملية السلام، من خلال الاجتماعات التي تستضيفها لندن.
واستبق الرئيس زيلينسكي هذه الاجتماعات بتصريح أكد فيه أن المحادثات مع الجانب الأمريكي كانت “بناءة ولكنها لم تكن سهلة”. وأضاف أنه أجرى مكالمة هاتفية مع المبعوثين الأمريكيين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، عقب لقائهما بمسؤولين أوكرانيين في ميامي، وأنهم على اطلاع كامل بمواقف كييف الأساسية.
ويسعى القادة الأوروبيون إلى دعم عملية دبلوماسية تدريجية لأوكرانيا، تتضمن ضمانات أمنية طويلة الأمد وتقديم مساعدات عسكرية مستمرة. ووفقًا لوكالة “أسوشيتد برس”، فإن هذا النهج يهدف إلى تعزيز موقف أوكرانيا التفاوضي.
تباين الرؤى بين واشنطن وأوروبا
في المقابل، يركز ترامب على إمكانية التوصل إلى اتفاقات سريعة تتضمن تقاسم الأعباء بين الأطراف المتنازعة. ويحذر الدبلوماسيون من أن أي محادثات سلام لا تزال هشة، وقد تتأثر بالتغيرات المحتملة في السياسة الأمريكية، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية. هذا التباين في وجهات النظر يعكس التحديات التي تواجه جهود السلام.
وقد أعلنت الخارجية الأمريكية، الجمعة، أن مفاوضيها توصلوا مع كييف إلى “إطار لترتيبات أمنية”، يناقش القدرات الردعية اللازمة لإنهاء الحرب. ومع ذلك، أكدت أوكرانيا أن هناك قضايا معلقة، أبرزها مسألة التنازل عن الأراضي لصالح روسيا.
تصريحات مثيرة للجدل من دونالد ترامب جونيور
وفي سياق متصل، صرح دونالد ترامب جونيور، نجل الرئيس الأمريكي السابق، في منتدى الدوحة بأن والده “قد ينسحب من دعم أوكرانيا” إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق سلام مع روسيا. وانتقد ترامب جونيور ما وصفه بـ”الفساد المستشري” في أوكرانيا، معتبراً أن هذا الفساد يؤجج الصراع من الجانبين. هذه التصريحات أثارت جدلاً واسعاً حول مستقبل الدعم الأمريكي لأوكرانيا. الدعم الأمريكي لأوكرانيا أصبح محل تساؤل.
وأضاف أن الرئيس زيلينسكي يواجه تهديدات سياسية بسبب تحقيقات الفساد التي طالت بعض مساعديه المقربين. وأشار إلى أن الرئيس ترامب لا يلتزم بسياسات ثابتة، مما يجبر الأطراف الأخرى على التعامل معه بصدق.
العلاقة بين ترامب وزيلينسكي شهدت تقلبات منذ وصول ترامب إلى البيت الأبيض، حيث يرى ترامب أن الحرب الروسية الأوكرانية تمثل تبديداً لأموال دافعي الضرائب الأمريكيين. وسبق أن دعا ترامب الأوكرانيين إلى التنازل عن أراضٍ لروسيا من أجل إنهاء الصراع الذي يقترب من عامه الرابع. الوضع في أوكرانيا لا يزال معقداً.
في المقابل، رحبت روسيا بالاستراتيجية الأمريكية الجديدة للأمن القومي، التي لم تعد تعتبرها “تهديداً مباشراً”. وأشار المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إلى أن هذه الخطوة تمثل فرصة لتحسين العلاقات بين البلدين والتعاون في مجالات الاستقرار الإستراتيجي.
وفي هذا الإطار، صرّح كيث كيلوج، المبعوث الأمريكي المنتهية ولايته لأوكرانيا، بأن جهود إنهاء الحرب “وصلت إلى الأمتار العشرة الأخيرة”. وأضاف أن القضايا المتبقية تتمثل في مسألة الأراضي، وخاصة منطقة دونباس، ومستقبل محطة زابوريجيا للطاقة النووية.
من المتوقع أن تستمر المفاوضات في لندن، مع التركيز على إيجاد حلول للقضايا العالقة. ومع ذلك، تظل آفاق النجاح غير واضحة، في ظل التباين في الرؤى بين الأطراف المتنازعة والضغوط السياسية الداخلية والخارجية. ومما لا شك فيه أن التطورات القادمة في الولايات المتحدة، وخاصة نتائج الانتخابات الرئاسية، ستلعب دوراً حاسماً في تحديد مستقبل الأزمة الأوكرانية.










