رحبت الولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية بالتقدم الذي أحرزته الحكومة السورية خلال العام الماضي في المرحلة الانتقالية، مع التأكيد على التزامها بدعم الاستقرار وإعادة الإعمار في سوريا. يأتي هذا الترحيب بعد مرور عام على التغيير السياسي في البلاد، والذي أنهى عقودًا من الحكم السابق، ويشكل نقطة تحول مهمة في مستقبل المنطقة.
أشاد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، يوم الثلاثاء، بالخطوات التي اتخذتها الحكومة والشعب السوريين، مؤكدًا دعم بلاده لسوريا “آمنة ومزدهرة”. وأشار إلى أن هذا التقدم يمثل فرصة لتحقيق سلام أوسع في الشرق الأوسط، مع الحفاظ على حقوق جميع الأقليات السورية.
الوضع في سوريا بعد عام من التغيير
بعد مرور عام على سقوط نظام بشار الأسد، تواجه سوريا تحديات كبيرة، ولكنها تشهد أيضًا فرصًا جديدة. أكد السيناتوران الأمريكيان جيم ريش وجين شاهين أن صمود الشعب السوري أتاح له فرصة لبناء مستقبل أفضل، واصفين ذلك بأنه “إنجاز مذهل”.
ومع ذلك، أشار السيناتوران إلى ضرورة تحرير سوريا من النفوذ الخارجي، خاصة الروسي والإيراني، وتدمير مخزونات الأسلحة غير المشروعة، والعمل على إيجاد المفقودين، بمن فيهم المواطن الأمريكي أوستن تايس. كما رحبا بإلغاء بعض العقوبات، مع التأكيد على استمرار الالتزام بدعم سوريا المستقرة والمزدهرة.
الترحيب الأوروبي والتحديات المستمرة
أعرب رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا عن تفاؤله بمستقبل سوريا، مؤكدًا أن السوريين “يتقدمون نحو مستقبل أكثر استقرارًا وشمولية”. وأكد الاتحاد الأوروبي وقوفه إلى جانب سوريا ودعمه لعملية سلام يقودها السوريون أنفسهم.
لكن كوستا أقر بوجود تحديات مستمرة، وشدد على التزام الاتحاد الأوروبي بالحوار السياسي والمساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار على المدى الطويل. وأعرب الاتحاد عن قلقه إزاء موجات العنف التي اندلعت في البلاد منذ مارس الماضي، مؤكدًا أنه لا يمكن أن يكون هناك سلام واستقرار دون حوار وطني ومصالحة.
كما أعرب الاتحاد الأوروبي عن إدانته لأي تدخل عسكري أجنبي يهدد استقرار سوريا، مجددًا الدعوة إلى احترام سيادتها ووحدتها وسلامة أراضيها. وشدد على أهمية الامتثال لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 497 (1981).
وزراء الخارجية الأوروبيون أعربوا عن دعمهم للمرحلة الانتقالية في سوريا. فقد كتب وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس على منصة “إكس” عن دعمه لمسيرة سوريا نحو الاستقرار والعدالة والأمن للجميع. كما أكد وزير الخارجية النرويجي إسبن بارث إيدي التزام النرويج بدعم عملية الانتقال السلمي وإعادة الإعمار.
ورأت رئيسة كوسوفو فيوسا عثماني أن الشعب السوري أظهر قوة وعزيمة في مواجهة الظلم والمعاناة، وأن إيمانه بالحرية لا يمكن أن يمحى. من جانبه، وصف وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو انهيار النظام السابق بأنه “نقطة اللاعودة”، مؤكدًا أن سوريا يجب ألا تعود إلى عهد الخوف والتعسف.
البعثة البريطانية في سوريا عبرت أيضًا عن أملها في مستقبل أفضل للبلاد، مؤكدة استمرار دعم المملكة المتحدة لمسار سوريا نحو السلام والازدهار والاستقرار. وتشير هذه التصريحات إلى توافق دولي واسع على أهمية دعم سوريا في هذه المرحلة الحرجة.
مستقبل سوريا: إعادة الإعمار والتحديات الأمنية
مع استمرار الجهود الدبلوماسية والإنسانية، يظل مستقبل سوريا معلقًا بالعديد من العوامل. تشمل التحديات الرئيسية معالجة التحديات الأمنية المستمرة، بما في ذلك خطر الإرهاب، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي، وتلبية احتياجات الشعب السوري المتزايدة.
من المتوقع أن تركز الجهود الدولية في الأشهر المقبلة على تعزيز الحوار السياسي بين مختلف الأطراف السورية، وتوفير المساعدات الإنسانية اللازمة، ووضع خطط لإعادة الإعمار على المدى الطويل. كما ستراقب الدول المعنية عن كثب التطورات الأمنية والسياسية في البلاد، وتقييم مدى التزام الحكومة السورية بتلبية تطلعات شعبها.
الوضع في سوريا لا يزال يتطلب مراقبة دقيقة، مع الأخذ في الاعتبار التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية المعقدة التي تواجهها البلاد. النجاح في تحقيق الاستقرار والازدهار في سوريا سيعتمد على التعاون المستمر بين الحكومة السورية والمجتمع الدولي.










