يستعد برنامج “إيراسموس” للتبادل الطلابي، وهو مبادرة أوروبية مرموقة، لاستقبال الطلاب البريطانيين مرة أخرى ابتداءً من عام 2027. يأتي هذا القرار بعد سنوات من الغياب منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، وذلك بفضل اتفاق جديد بقيمة 570 مليون جنيه إسترليني. سيعيد هذا الاتفاق فتح الأبواب أمام الطلاب والمهنيين البريطانيين للاستفادة من فرص الدراسة والتدريب والعمل في جميع أنحاء أوروبا، مما يمثل تحولاً كبيراً في سياسة التعليم بعد بريكست.
أعلنت الحكومة البريطانية عن هذا التطور الهام، مؤكدةً أن ما يقرب من 100 ألف شخص من مختلف الفئات العمرية والخلفيات التعليمية سيتمكنون من المشاركة في البرنامج خلال عامه الأول. يشمل ذلك طلاب الجامعات، والمتدربين، وطلاب التعليم التكميلي، بالإضافة إلى المتعلمين في مراحل لاحقة من حياتهم. وقد تم التوصل إلى هذا الاتفاق بعد مباحثات مكثفة بين لندن وبروكسل، كجزء من جهود أوسع لإعادة بناء العلاقات بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي.
عودة برنامج إيراسموس: فرص جديدة للطلاب البريطانيين
يمثل انضمام المملكة المتحدة إلى برنامج إيراسموس+ في عام 2027 فرصة تاريخية لإعادة إحياء التبادل التعليمي والثقافي بين البريطانيين وأوروبا. وفقًا لوزيرة المهارات البريطانية، جاكي سميث، فإن الهدف من ذلك هو “إزالة الحواجز التي تحول دون الحصول على الفرص، ومنح المتعلمين فرصة لبناء المهارات والثقة واكتساب خبرة دولية يقدّرها أصحاب العمل”. هذا البرنامج سيعزز بشكل كبير من إمكانية الوصول إلى التعليم والتدريب الدوليين للشباب البريطاني.
وتشير التقديرات إلى أن المساهمة البريطانية في برنامج إيراسموس+ لعام 2027 ستبلغ حوالي 570 مليون جنيه إسترليني، وسيتم تمويلها من الميزانيات الحالية للوزارات المعنية. هذا التمويل سيضمن مشاركة عادلة ومستدامة في البرنامج، مما يسمح للطلاب والموظفين البريطانيين بالاستفادة الكاملة من الفرص المتاحة.
تأثير الاتفاق على قطاعات التعليم المختلفة
سيستفيد طلاب الجامعات بشكل خاص من هذا الاتفاق، حيث سيتمكنون من قضاء ما يصل إلى عام دراسي في جامعات أوروبية كجزء من دراستهم، دون تحمل رسوم إضافية. بالإضافة إلى ذلك، ستتمكن الجامعات البريطانية من استقبال الطلاب الأوروبيين بنفس الشروط. هذا التبادل الطلابي سيعزز التنوع الثقافي والفكري في المؤسسات التعليمية في كلا الجانبين.
بالإضافة إلى التعليم العالي، سيستفيد طلاب كليات التعليم التكميلي والمشاركون في برامج التدريب المهني من المنح الدراسية المتاحة لتغطية تكاليف المعيشة في الخارج. هذا سيشجع على اكتساب مهارات جديدة وتوسيع الآفاق المهنية للشباب البريطاني. كما أشاد ديفيد هيوز، الرئيس التنفيذي لرابطة الكليات، بالاتفاق ووصفه بأنه “خبر رائع” للطلاب والموظفين في كليات التعليم التكميلي.
وفي سياق متصل، أعلنت بريطانيا مؤخرًا عن عودتها إلى برنامج الأبحاث العلمية الأوروبي، مما يعكس رغبة متزايدة في التعاون مع الاتحاد الأوروبي في المجالات الرئيسية. هذه الخطوة تأتي في إطار جهود “إعادة ضبط” العلاقات مع الاتحاد الأوروبي التي يقودها رئيس الوزراء كير ستارمر.
أليكس ستانلي، نائبة رئيس الاتحاد الوطني للطلاب، أشارت إلى أن عدد الطلاب البريطانيين الذين يدرسون في أوروبا قد انخفض بشكل ملحوظ منذ خروج بريطانيا من البرنامج. لكنها أعربت عن تفاؤلها بأن هذا الاتفاق سيعيد إحياء هذه الفرص للجيل القادم من الطلاب.
يذكر أن برنامج إيراسموس انطلق عام 1987 كبرنامج للتبادل الجامعي، ثم توسع ليشمل فرص العمل والتدريب، وتمويل الرحلات المدرسية والفعاليات الثقافية. وكانت المملكة المتحدة قد انسحبت من البرنامج في أعقاب بريكست، معلنةً أن البرنامج لا يقدم قيمة مقابل المال، وأنشأت برنامجًا بديلاً محدودًا يُعرف باسم “برنامج تورينج”.
الآن، وبعد هذا الاتفاق الجديد، يتوقع أن تبدأ الحكومة البريطانية في وضع اللمسات النهائية على التفاصيل التنفيذية لعودة برنامج إيراسموس+، بما في ذلك تحديد معايير الأهلية وإجراءات التقديم. من المتوقع أن يتم الإعلان عن هذه التفاصيل في الأشهر المقبلة، مع استعداد البرنامج لاستقبال الطلاب البريطانيين في عام 2027. يبقى من المهم مراقبة كيفية تنفيذ هذا الاتفاق وتأثيره الفعلي على الطلاب والمؤسسات التعليمية في المملكة المتحدة.










