أعلن رئيس بنجلاديش محمد شهاب الدين عن نيته الاستقالة من منصبه بعد الانتخابات البرلمانية المقررة في فبراير المقبل. جاء هذا الإعلان بعد تصريحات أدلى بها الرئيس، عبر تطبيق واتساب، أعرب فيها عن شعوره بالإهانة من قبل الحكومة المؤقتة برئاسة الحائز على جائزة نوبل محمد يونس. هذا التطور يثير تساؤلات حول مستقبل الانتخابات في بنجلاديش وعلاقاتها مع الدول المجاورة.
أكد شهاب الدين، في أول مقابلة إعلامية له منذ توليه منصبه، أنه يحرص على الرحيل، ولكنه ملتزم بالبقاء في منصبه حتى إجراء الانتخابات، امتثالاً للدستور. وتأتي هذه الخطوة في ظل أوضاع سياسية واجتماعية معقدة تشهدها البلاد، بما في ذلك الأحكام الصادرة بحق شخصيات بارزة مثل رئيسة الوزراء السابقة الشيخة حسينة.
الخلفية السياسية لـ الانتخابات في بنجلاديش
تأتي هذه التطورات بعد فترة شهدت اضطرابات سياسية في بنجلاديش. فقد أطاحت انتفاضة طلابية برئيسة الوزراء الشيخة حسينة في أغسطس 2024، مما دفعها إلى الفرار إلى نيودلهي. وقد أصبحت منصب الرئاسة أكثر أهمية بعد هذا الحدث، حيث أصبح الرئيس شهاب الدين آخر سلطة دستورية قائمة بعد حل البرلمان.
في الشهر الماضي، صدر حكم بالإعدام على الشيخة حسينة بتهمة إصدار أوامر بقمع عنيف للمتظاهرين خلال الاحتجاجات. كما صدر حكم آخر بحقها بالسجن لمدة 21 عاماً في قضايا فساد أخرى. وتشير التقارير إلى أن الأحكام تتعلق باستغلال النفوذ السياسي وتواطؤ مسؤولين كبار في تخصيص أراضٍ بشكل غير قانوني.
قضية الفساد وتداعياتها
وفقًا للادعاء، فإن الشيخة حسينة وآخرين متهمين استغلوا سلطاتهم للحصول على قطعة أرض تقدر مساحتها بـ 13610 قدم مربع خلال فترة توليها منصب رئيسة الوزراء. لم يكن معظم المتهمين حاضرين عند النطق بالحكم. هذه الأحكام أثارت ردود فعل واسعة النطاق داخل بنجلاديش وخارجها.
بالتزامن مع ذلك، أعلنت وزارة الخارجية الهندية الأسبوع الماضي أنها تدرس طلباً من بنجلاديش لتسليم الشيخة حسينة. وقد تم تقديم هذا الطلب لأول مرة في ديسمبر الماضي، وتجدد بعد صدور حكم الإعدام بحقها. تعتبر بنجلاديش تسليم حسينة “مسؤولية إلزامية” على نيودلهي لضمان عودتها.
مخاوف الناخبين وتوقعات ما بعد الانتخابات
يركز الناخبون في بنجلاديش بشكل كبير على استعادة الحكم الديمقراطي، وتحسين الأوضاع الاقتصادية، وخاصةً إنعاش صناعة الملابس الجاهزة التي تعتبر محركًا رئيسيًا للاقتصاد. كما يولي الناخبون اهتمامًا بإصلاح العلاقات مع الهند، التي شهدت بعض التوتر بعد قبول نيودلهي الشيخة حسينة.
يبلغ عدد الناخبين المؤهلين للمشاركة في الانتخابات التشريعية حوالي 128 مليون شخص، وسيدلون بأصواتهم في أكثر من 42000 مركز اقتراع موزعة على 300 دائرة انتخابية. على الرغم من أن منصب الرئيس يعتبر رمزيًا إلى حد كبير، إلا أن دوره يظل مهمًا كقائد عام للقوات المسلحة.
تعتبر هذه العملية الانتخابية حاسمة لمستقبل بنجلاديش، حيث يسعى الناخبون إلى اختيار قيادة جديدة قادرة على معالجة التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجه البلاد. وتشمل التحديات الرئيسية تعزيز الديمقراطية، وتحسين الأوضاع المعيشية، وإعادة بناء الثقة مع الشركاء الدوليين.
من المتوقع أن تشهد الأيام القادمة المزيد من التطورات المتعلقة بقضية الشيخة حسينة، وطلب التسليم المقدم إلى الهند. كما ستتركز الأنظار على الاستعدادات النهائية للانتخابات، وعلى الحملات الانتخابية التي ستخوضها الأحزاب السياسية المختلفة. يبقى مستقبل بنجلاديش معلقًا على نتائج هذه الانتخابات والقرارات التي ستتخذها الحكومة الهندية بشأن طلب التسليم.
بالإضافة إلى ذلك، يراقب المراقبون الدوليون عن كثب الوضع في بنجلاديش، مع التركيز على ضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة، واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية. وتعتبر هذه الانتخابات اختبارًا حقيقيًا لمدى التزام بنجلاديش بالقيم الديمقراطية والمبادئ الدولية.










