أعلن نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف يوم الثلاثاء عدم وجود محادثات جارية بين روسيا والولايات المتحدة بشأن تمديد معاهدة “نيو ستارت” للحد من الأسلحة النووية. يأتي هذا التصريح في وقت حرج، مع اقتراب انتهاء صلاحية المعاهدة في فبراير 2026، مما يثير مخاوف بشأن مستقبل الرقابة على الترسانات النووية العالمية. وتعتبر معاهدة “نيو ستارت” ذات أهمية بالغة في الحفاظ على الاستقرار الاستراتيجي بين القوتين النوويتين.
وأضاف ريابكوف أن بلاده لا تجري أي نوع من المشاورات مع واشنطن حول هذا الموضوع تحديدًا. في عام 2023، قررت روسيا تعليق مشاركتها في المعاهدة، مع التأكيد على أنها ستستمر في الالتزام بالقيود المفروضة على الرؤوس الحربية المنصوص عليها في الاتفاقية. ومع ذلك، فإن هذا التعليق لا يعني استمرار الحوار أو وجود آفاق واضحة لتمديد المعاهدة.
مستقبل معاهدة “نيو ستارت” والحد من الأسلحة النووية
إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق جديد، فمن المتوقع أن يشهد العالم زيادة في عدد الرؤوس الحربية النووية التي تنشرها كل من روسيا والولايات المتحدة على صواريخها الاستراتيجية. تحدد معاهدة “نيو ستارت” حاليًا عدد الرؤوس الحربية الاستراتيجية المنشورة بـ 1550 رأسًا لكل دولة، بالإضافة إلى قيود على وسائل الإطلاق مثل الصواريخ والغواصات والطائرات القاذفة.
في المقابل، أعرب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب عن رأيه بأن عرض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالإبقاء طواعية على القيود المفروضة على الأسلحة النووية الاستراتيجية هو “فكرة جيدة”. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت إن مقترح بوتين “يبدو جيدًا للغاية”، لكن القرار النهائي يعود للرئيس ترمب.
عرض بوتين وتوقعات واشنطن
كان الرئيس بوتين قد اقترح الإبقاء طواعية على القيود المنصوص عليها في معاهدة “نيو ستارت” لعام 2010، شريطة أن تفعل الولايات المتحدة الشيء نفسه. يهدف هذا العرض إلى الحفاظ على مستوى من الشفافية والحد من التسلح، على الرغم من تعليق مشاركة روسيا في المعاهدة.
ومع ذلك، يطالب الرئيس ترمب بإطلاق محادثات أوسع نطاقًا لنزع السلاح النووي تشمل روسيا والصين. ويرى أن أي اتفاق بشأن “نيو ستارت” يجب أن يكون جزءًا من جهد عالمي أكثر شمولاً للحد من انتشار الأسلحة النووية.
تمتلك روسيا والولايات المتحدة معًا حوالي 90٪ من جميع الأسلحة النووية في العالم. تشير التقديرات إلى أن حجم مخزونات الأسلحة العسكرية لكل من الدولتين قد استقر نسبيًا في عام 2024، لكنهما تنفذان في الوقت نفسه برامج تحديث واسعة النطاق من شأنها أن تزيد من حجم ترساناتهما وتنوعهما في المستقبل. هذا التحديث يشمل تطوير أسلحة جديدة وتقنيات أكثر تطوراً.
بالإضافة إلى ذلك، يشهد برنامج التحديث النووي الشامل للولايات المتحدة تقدمًا ملحوظًا، ولكنه يواجه تحديات في التخطيط والتمويل قد تؤخر إدخال الترسانة الاستراتيجية الجديدة إلى الخدمة وتزيد من تكلفتها بشكل كبير. كما أن إضافة أسلحة نووية غير استراتيجية جديدة إلى الترسانة الأمريكية قد يزيد من الضغط على برنامج التحديث.
تعتبر هذه التطورات ذات أهمية خاصة في ضوء التوترات الجيوسياسية المتزايدة بين روسيا والولايات المتحدة. فقدان معاهدة “نيو ستارت” قد يؤدي إلى سباق تسلح جديد وزيادة خطر سوء التقدير والصراع.
في الوقت الحالي، لا توجد مؤشرات على استئناف المحادثات بين البلدين بشأن تمديد المعاهدة. من المتوقع أن تستمر روسيا في الالتزام بالقيود المفروضة على الأسلحة النووية طالما لم تتخذ الولايات المتحدة خطوات لزيادة ترسانتها الاستراتيجية. ومع ذلك، فإن هذا الوضع قد يتغير بسرعة في حالة تصاعد التوترات أو حدوث تطورات جديدة في مجال الأسلحة النووية.
الوضع الحالي يتطلب مراقبة دقيقة لتطورات الحوار بين روسيا والولايات المتحدة، بالإضافة إلى متابعة برامج التحديث النووي في كلا البلدين. القرار بشأن مستقبل معاهدة “نيو ستارت” سيكون له تداعيات كبيرة على الأمن والاستقرار العالميين.










