طالب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، مسؤولين أمريكيين وأوروبيين بتقديم ضمانات أمنية واضحة ومحددة كجزء من أي اتفاق سلام مستقبلي مع روسيا. يأتي هذا الطلب قبل اجتماع مرتقب في باريس يوم السبت، يجمع مسؤولين من الولايات المتحدة وأوروبا وأوكرانيا لمناقشة مقترحات سلام جديدة. وتعتبر قضية ضمانات الأمن هذه محوراً رئيسياً في المفاوضات الجارية، حيث تسعى أوكرانيا لتجنب تكرار السيناريوهات التي أدت إلى الصراع الحالي.
أجرى زيلينسكي محادثات عبر الفيديو مع وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، ووزير الحرب بيل هيجسيث، ومبعوث الرئيس ستيف ويتكوف، بالإضافة إلى صهره جاريد كوشنر، ورئيس هيئة الأركان المشتركة دان كين. كما حضر المحادثات الأمين العام لحلف الناتو مارك روته، والقائد الأمريكي لقوات الناتو في أوروبا الجنرال أليكسوس جرينكويتش، حسبما أفاد زيلينسكي عبر منصة “إكس”.
أهمية ضمانات الأمن لأوكرانيا
ركز زيلينسكي في محادثاته على ضرورة وجود “إجابات ملموسة” حول الإجراءات التي ستتخذها الدول الضامنة في حال شن روسيا عدواناً جديداً على أوكرانيا. وأكد على أهمية أن تكون هذه الضمانات أكثر من مجرد تعهدات لفظية، وأن تتضمن آليات واضحة للردع والتدخل. تم الاتفاق على مواصلة العمل بين الفرق المعنية لوضع صيغة نهائية لهذه الضمانات في أقرب وقت ممكن.
وأعرب زيلينسكي عن تقديره العميق للدعم الأمريكي، مشيداً بالانخراط النشط للولايات المتحدة في جهود إنهاء الحرب وضمان أمن أوكرانيا على المدى الطويل. إلا أنه شدد على أن ضمانات الأمن تمثل “أهم العناصر” في أي تقدم نحو السلام المستدام.
تجربة مذكرة بودابست
أشار زيلينسكي إلى “التجربة السلبية” التي اكتسبتها أوكرانيا من خلال “مذكرة بودابست” عام 1994، والتي لم تحترم روسيا بنودها المتعلقة بسيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها. تعتبر هذه المذكرة مثالاً واضحاً على عدم كفاية الضمانات الأمنية الشفهية، وأهمية وجود آليات إنفاذ قوية.
مذكرة بودابست، التي وقعتها أوكرانيا وروسيا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، كانت تهدف إلى طمأنة أوكرانيا بعد التخلي عن ترسانتها النووية. ومع ذلك، انتهكت روسيا لاحقاً هذه المذكرة بضم شبه جزيرة القرم ودعم الانفصاليين في شرق أوكرانيا.
اجتماع باريس ومقترحات السلام
من المتوقع أن يلتقي مسؤولون أمريكيون في باريس يوم السبت مع نظرائهم من أوكرانيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا لمناقشة خطة السلام التي يقترحها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب. تتضمن هذه الخطة، وفقاً لمسؤولين في البيت الأبيض، تنازلات إقليمية كبيرة من جانب أوكرانيا، وهو ما يثير قلقاً في كييف.
أفاد موقع “أكسيوس” بأن زيلينسكي والقادة الأوروبيين يرغبون في إجراء مكالمة مباشرة مع ترمب لمناقشة خطة السلام، لكن لم يتم تحديد موعد لهذه المكالمة حتى الآن. ويشير ذلك إلى وجود اختلافات في وجهات النظر بين الأطراف المعنية.
في الوقت الحالي، يمثل مستشارو الأمن القومي في أوكرانيا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا بلدانهم في هذه المفاوضات. ويقود المفاوضات الأمريكية ستيف ويتكوف، مبعوث ترمب، وجاريد كوشنر، صهره.
التطورات الميدانية
على الصعيد الميداني، أفادت تقارير إعلامية روسية، نقلها تلفزيون “آر تي”، بسيطرة القوات الروسية على مدينة سيفيرسك الاستراتيجية في إقليم دونباس. لم يصدر تعليق رسمي من الجانب الأوكراني حول هذه الأنباء حتى الآن. كما ذكرت التقارير الروسية عن سيطرة القوات على بلدتي كوتشيروفكا وكوريلوفكا.
في سياق متصل، صرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن الجيش الروسي يمتلك “المبادرة الاستراتيجية الكاملة” في منطقة العمليات بأوكرانيا. تأتي هذه التصريحات في ظل استمرار القتال العنيف في شرق وجنوب أوكرانيا.
من المتوقع أن تستمر المفاوضات حول ضمانات الأمن وخطة السلام في الأيام المقبلة. وستكون ردود فعل الأطراف المعنية على مقترحات ترمب، وموقف روسيا من أي اتفاق سلام محتمل، من العوامل الرئيسية التي ستحدد مستقبل الأزمة الأوكرانية. يجب مراقبة التطورات الميدانية عن كثب، حيث يمكن أن تؤثر بشكل كبير على مسار المفاوضات.










