أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، يوم الخميس، أن مسألة التنازل عن الأراضي لا تزال العقبة الرئيسية أمام التوصل إلى اتفاق سلام مع روسيا، وذلك في إطار مناقشات جارية حول خطة سلام أمريكية. ورفضت أوكرانيا مقترحًا أمريكيًا بإنشاء “منطقة اقتصادية حرة” في أجزاء من منطقة دونباس الشرقية، قبيل اجتماع مرتقب السبت يجمع مسؤولين أمريكيين وأوروبيين وأوكرانيين لمناقشة هذه القضية الحساسة.
وأوضح زيلينسكي أن الخطة الأمريكية تقترح تحويل الأراضي الأوكرانية المتبقية في دونباس إلى “منطقة اقتصادية حرة” خالية من القوات الأوكرانية والروسية. في المقابل، ستتمكن روسيا من الاحتفاظ بقواتها في المناطق التي سيطرت عليها بالفعل خلال الحرب. يأتي هذا في وقت تسعى فيه الأطراف المعنية إلى إيجاد حلول لإنهاء الصراع المستمر منذ أكثر من عامين.
خطة السلام الأمريكية والاعتراضات الأوكرانية
أعرب زيلينسكي عن رفضه لهذا المقترح، معتبرًا أنه من غير المنصف أن تضطر أوكرانيا إلى التخلي عن أراضيها بينما يُسمح لروسيا بالبقاء فيها. وأشار إلى أن روسيا تصف هذه المنطقة المقترحة بأنها “منطقة منزوعة السلاح”، لكنه تساءل عن الجهة التي ستحكم هذه المنطقة في الواقع. وشدد على أن أي تنازل عن الأراضي يجب أن يخضع لاستفتاء شعبي أوكراني.
بالإضافة إلى ذلك، ناقشت الأطراف المعنية احتمال انسحاب القوات الروسية من مناطق خاركيف وسومي في شمال شرق أوكرانيا، ومنطقة دنيبروبيتروفسك في الجنوب الشرقي. ومع ذلك، لا تزال القضايا الإقليمية تمثل “قضية كبرى غير محلولة”، وفقًا لتصريحات زيلينسكي.
ضمانات الأمن كشرط أساسي
أكد زيلينسكي أن ضمانات أمنية قوية لمنع أي عدوان روسي مستقبلي هي قضية أساسية أخرى قيد التفاوض. وطالب المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين بتقديم ضمانات محددة تتضمن إجراءات واضحة في حال قررت روسيا شن هجوم جديد على أوكرانيا. وتأتي هذه المطالب في ظل مخاوف أوكرانية متزايدة بشأن مستقبلها الأمني.
وعقد زيلينسكي اجتماعًا عبر الفيديو مع مسؤولين أمريكيين بارزين، بمن فيهم وزير الخارجية ماركو روبيو ووزير الحرب بيل هيجسيث، لمناقشة وثيقة خاصة بضمانات الأمن. وأكد على ضرورة أن تتضمن هذه الوثيقة “إجابات ملموسة” على أكثر ما يقلق الأوكرانيين بشأن أي عدوان روسي محتمل.
الردع الأوروبي والجهود الدبلوماسية
وفي سياق متصل، قال زيلينسكي إن “تحالف الراغبين” عقد اجتماعًا بهدف العمل على ضمان أن تتضمن “ضمانات الأمن” مكونات جدية للردع الأوروبي وأن تكون موثوقة. وأضاف أن الولايات المتحدة يجب أن تدعم هذه الجهود، مؤكدًا على أن “لا أحد يريد حدوث غزو روسي ثالث”.
وقدمت أوكرانيا للولايات المتحدة نسخة معدلة من 20 بندًا لإنهاء الحرب مع روسيا. وتشمل هذه البنود مقترحات بشأن الضمانات الأمنية، وإنشاء منطقة عازلة، وعضوية أوكرانيا في الاتحاد الأوروبي.
كشف دبلوماسيون أوروبيون عن مضمون مسودة خطة السلام الأوروبية الأوكرانية المكونة من 20 نقطة، والتي تهدف إلى تعديل الخطة الأمريكية الأصلية المكونة من 28 بندًا. وتنص المسودة على تقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا على غرار المادة الخامسة لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، بالإضافة إلى منح أوكرانيا عضوية في الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2027.
الاجتماع المرتقب في باريس
من المتوقع أن يلتقي مسؤولون أمريكيون وأوروبيون وأوكرانيون في باريس يوم السبت لمناقشة خطة السلام الأمريكية. ويهدف هذا الاجتماع إلى التوصل إلى توافق بشأن هذه الخطة، مع التركيز على القضايا العالقة، بما في ذلك مسألة الأراضي وضمانات الأمن. ويأمل القادة الأوكرانيون في إجراء مكالمة مشتركة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، لكن لم يتم تحديد موعد لذلك حتى الآن.
في الختام، لا تزال المفاوضات بشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا معقدة للغاية، مع وجود خلافات جوهرية حول مسألة الأراضي وضمانات الأمن. الاجتماع المرتقب في باريس يمثل فرصة مهمة لتقريب وجهات النظر، لكن نجاحه يعتمد على استعداد الأطراف المعنية لتقديم تنازلات متبادلة. من المتوقع أن تشهد الأيام القادمة مزيدًا من المشاورات الدبلوماسية المكثفة، مع التركيز على إيجاد حلول مستدامة تضمن الأمن والاستقرار في المنطقة.










