اندلعت اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن السوري وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) في محيط مدينة حلب الشمالي يوم الاثنين، مما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى مدنيين، وتجديد الاتهامات المتبادلة بخرق وقف إطلاق النار الهش بين الطرفين. وتأتي هذه المواجهات في سياق تصاعد التوترات بشأن تنفيذ اتفاق 10 مارس الذي يهدف إلى دمج قوات قسد في الجيش السوري.
ووفقاً لتقارير إعلامية متعددة، استهدفت قوات قسد منطقة جسر الرازي في حلب، مما أدى إلى مقتل مدنيين اثنين. في المقابل، اتهمت قسد فصائل مرتبطة بالحكومة السورية باستهداف أحياء الشيخ مقصود والأشرفية، حيث سقطت امرأة وأصيب 17 شخصاً آخرون، بينهم أطفال وعناصر من الدفاع المدني.
اشتباكات حلب وتصعيد التوترات بين قوات الأمن وقسد
تشهد مدينة حلب، التي كانت مسرحاً لمعارك طاحنة خلال الحرب الأهلية السورية، تصعيداً جديداً في التوترات بين قوات الأمن السورية وقسد. وبدأت المواجهات بقصف متبادل، حيث استخدمت قسد الرشاشات الثقيلة وقذائف الـ”آر بي جي” والهاون، بينما ردت القوات السورية على مصادر النيران التي استهدفت الأحياء السكنية.
أفادت وزارة الدفاع السورية بأنها أمرت بوقف استهداف مواقع قسد، بعد “تحييد” بعضها، بهدف تخفيف الأثر على المدنيين. وذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) إغلاق طريق غازي عنتاب – حلب بسبب استهداف قوات قسد له، مما أدى إلى خروج العشرات من العائلات وعمال المصانع من المنطقة.
من جهتها، اتهمت وزارة الداخلية السورية قسد بـ”الغدر” من خلال إطلاق النار على حواجز مشتركة بعد انسحابها المفاجئ، مؤكدة على أن هذه الخطوة تمثل خرقاً للاتفاقات القائمة. ودعا الدفاع المدني السوري السكان القريبين من مناطق الاشتباك إلى البقاء في منازلهم حفاظاً على سلامتهم.
اتهامات متبادلة وتباين في الروايات
تضاربت الروايات حول بداية الاشتباكات ومسؤولية التصعيد. نفت قسد بشكل قاطع الاتهامات الموجهة إليها بشن هجوم على أحياء حلب، معتبرة أن الفصائل المرتبطة بدمشق هي المسؤولة عن القصف المستمر للأحياء السكنية.
وقالت قسد إن هذه الفصائل تستخدم الدبابات والمدافع وتفتعل الأزمات من خلال حصار أحياء الشيخ مقصود والأشرفية، وهو ما يشكل تحدياً لاتفاق 10 مارس. وأكدت قسد على تحمل حكومة دمشق المسؤولية الكاملة عن هذه الاعتداءات.
في المقابل، نفت وزارة الدفاع السورية اتهامات قسد، مؤكدة أن قسد هي التي بدأت الهجوم على نقاط انتشار قوات الأمن والجيش السوري في محيط حي الأشرفية. وأوضحت الوزارة أن الجيش السوري يرد فقط على مصادر النيران التي تستهدف المدنيين ومنازلهم.
اتفاق 10 مارس ومصيره المجهول
تأتي هذه الاشتباكات بينما يواجه اتفاق 10 مارس، الذي تم التوصل إليه برعاية أمريكية بهدف دمج قوات قسد في المؤسسات السورية، صعوبات في التنفيذ. ويشمل الاتفاق نقل السيطرة على معابر حدودية ومطار وحقول نفط وغاز إلى دمشق.
صرح وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، مؤخراً بأن الحكومة السورية “لم تلمس مبادرة جدية” من قسد لتنفيذ الاتفاق، وأنها تماطل في الاندماج مع الجيش السوري. وأكد أن أي تأخير في هذا الاندماج سيؤثر سلباً على استقرار المنطقة الشرقية.
بينما يرى الطرف التركي، وفقاً لتصريحات وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، عدم وجود رغبة حقيقية لدى قسد في إحراز تقدم في تنفيذ الاتفاق. وأشار إلى وجود تنسيق بين قسد وإسرائيل يعيق الوصول إلى نتيجة. ومع ذلك، اتفق الطرفان على أن اندماج قسد في الحكومة السورية سيكون في صالح الجميع.
من المتوقع أن تستمر المفاوضات بين الحكومة السورية وقسد بشأن تنفيذ اتفاق 10 مارس. لكن يبقى مستقبل الاتفاق مجهولاً، ويهدد التصعيد الأمني في حلب بتعقيد هذه المفاوضات وربما إفشالها. والوضع يتطلب متابعة دقيقة لمدى التزام الأطراف بالتهدئة وتجنب المزيد من الخسائر في صفوف المدنيين.










