أعرب وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، عن استعداد طهران لاستئناف المحادثات النووية مع واشنطن، مع التأكيد على عدم التنازل عن حق إيران في تخصيب اليورانيوم. جاء ذلك خلال لقائه مع نظيره الروسي، سيرجي لافروف، في موسكو، حيث أكد عراقجي على التزام إيران بمنع انتشار الأسلحة النووية، بينما أعلن لافروف عن استعداد روسيا للوساطة في هذا الملف الشائك. هذا التطور يأتي في ظل توترات مستمرة بشأن البرنامج النووي الإيراني.
وأكد عراقجي أن أي مفاوضات يجب أن تكون “متكافئة” و”بشروط متساوية”، مشدداً على أن طهران لم تبادر بإرسال أي رسائل مباشرة إلى الولايات المتحدة بهذا الخصوص. في المقابل، أشاد لافروف بالشراكة الاستراتيجية المتنامية بين روسيا وإيران، معتبراً إياها عاملاً مهماً في الاستقرار الإقليمي.
البرنامج النووي الإيراني: آفاق جديدة للمفاوضات؟
تأتي تصريحات عراقجي في وقت يواجه فيه البرنامج النووي الإيراني ضغوطاً دولية متزايدة، خاصةً بعد اتهامات بتباطؤ التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وتشمل هذه الضغوط المطالبات بالكشف عن تفاصيل مخزون اليورانيوم المخصب ومواقع المنشآت النووية التي تعرضت للقصف في يونيو الماضي.
وأشار عراقجي إلى أن الغارات الجوية التي استهدفت منشآت إيران النووية ألحقت أضراراً، لكنها لم تدمر التكنولوجيا النووية الإيرانية أو تثبط عزيمة البلاد في مواصلة برنامجها السلمي. وأضاف أن إيران ترحب بأي دور بناء تلعبه روسيا في هذا السياق، معرباً عن تقديره لدعمها المستمر لحق إيران في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية.
دور روسيا في الملف النووي
أكد وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، استعداد بلاده لتقديم أي وساطة ضرورية لتسهيل التوصل إلى حل بشأن الملف النووي الإيراني، إذا طلبت إيران ذلك. وأوضح أن روسيا وإيران تتفقان على أهمية التوصل إلى تسوية سياسية وتجنب أي تصعيد عسكري جديد في المنطقة.
وأضاف لافروف أن معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين روسيا وإيران، والتي دخلت حيز التنفيذ في أكتوبر الماضي، تمثل إطاراً قوياً للتعاون الثنائي في مختلف المجالات، بما في ذلك السياسة والاقتصاد والتكنولوجيا. كما أشار إلى توقيع “خطة تشاور” جديدة بين وزارتي الخارجية في البلدين لتعزيز التنسيق الدبلوماسي.
بالإضافة إلى ذلك، أكد الطرفان على أهمية تطوير التعاون العسكري التقني بين روسيا وإيران، بما يتوافق مع القانون الدولي. ويرى مراقبون أن هذا التعاون يعكس رغبة البلدين في تعزيز قدراتهما الدفاعية في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.
وتشمل المشاريع المشتركة بين البلدين تطوير ممر العبور من الشمال إلى الجنوب، وبناء خطوط السكك الحديدية، وغيرها من البنى التحتية الحيوية. هذه المشاريع تهدف إلى تعزيز التجارة والتبادل الاقتصادي بين روسيا وإيران، وتسهيل الوصول إلى الأسواق الإقليمية.
العقوبات والتعاون الدولي
على الرغم من استعداد إيران لاستئناف المفاوضات، إلا أنها تصر على رفع العقوبات المفروضة عليها كشرط أساسي للعودة إلى طاولة الحوار. وتعتبر طهران أن العقوبات هي السبب الرئيسي في تعقيد الوضع النووي، وأن رفعها سيسهل التوصل إلى اتفاق شامل ومستدام.
في نوفمبر الماضي، أصدر مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية قراراً يطالب إيران بالكشف عن تفاصيل مخزونها من اليورانيوم المخصب ومواقع منشآتها النووية. ردت إيران بإنهاء اتفاقية التعاون مع الوكالة، لكنها استأنفت التعاون الفني في سبتمبر الماضي، قبل أن تعلق الاتفاق مجدداً بعد إعادة فرض العقوبات.
تعتبر قضية تخصيب اليورانيوم من القضايا الرئيسية الخلافية في المفاوضات النووية. تصر إيران على حقها في تخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية، بينما تطالب القوى الغربية بفرض قيود صارمة على هذا النشاط لضمان عدم استخدامه في إنتاج أسلحة نووية.
الوضع الحالي يتسم بالتعقيد وعدم اليقين، مع استمرار التوترات بين إيران والولايات المتحدة وإسرائيل. من المتوقع أن تشهد الأيام والأسابيع القادمة مزيداً من المشاورات والاتصالات الدبلوماسية بين الأطراف المعنية، بهدف إيجاد حلول مقبولة لجميع الأطراف. وسيكون من المهم مراقبة رد فعل الإدارة الأمريكية على استعداد إيران لاستئناف المفاوضات، وما إذا كانت ستتبنى موقفاً أكثر مرونة تجاه المطالب الإيرانية.










