أفشل الأمن في بنين محاولة انقلاب عسكري الأحد، حسبما أعلنت الحكومة، في تطور يهدد الاستقرار السياسي في غرب إفريقيا. وقد أعلن الرئيس باتريس تالون أن الوضع “تحت السيطرة التامة” بعد تدخل القوات الموالية له، بينما أعلنت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) عن دعمها لبنين ونشر قوات احتياطية للحفاظ على النظام الدستوري. وتأتي هذه المحاولة قبل أشهر من الانتخابات الرئاسية المقررة في أبريل.
أعلنت مجموعة من العسكريين عبر التلفزيون الوطني عن سيطرتها على السلطة وحل مؤسسات الدولة، وإغلاق الحدود. لكن سرعان ما تدخلت القوات الحكومية ونجحت في استعادة السيطرة، وفقاً لبيان رسمي من وزارة الداخلية. وقد أعلنت السلطات عن اعتقال 14 شخصاً فيما يتعلق بالمحاولة.
محاولة الانقلاب في بنين: تفاصيل وتداعيات
بدأت الأحداث في وقت مبكر من صباح الأحد، عندما ظهر ما لا يقل عن ثمانية عسكريين على التلفزيون الرسمي للإعلان عن تولي لجنة عسكرية بقيادة الكولونيل تيجري باسكال السلطة. وقد أدى هذا الإعلان إلى حالة من الذعر في مدينة كوتونو، حيث سمع دوي إطلاق نار في عدة أحياء.
أفادت السفارة الفرنسية في بنين عن سماع إطلاق نار بالقرب من مقر إقامة الرئيس تالون، وحثت مواطنيها على البقاء في منازلهم كإجراء احترازي. وقد أدى انقطاع البث التلفزيوني لفترة وجيزة إلى زيادة التوتر، لكنه استؤنف بعد تدخل السلطات.
الخلفية السياسية والأمنية
تأتي هذه المحاولة في ظل استعداد بنين للاستحقاق الانتخابي الرئاسي في أبريل المقبل، والذي من المتوقع أن يشهد تنافساً قوياً. وقد أثار التعديل الدستوري الأخير في نوفمبر، الذي أنشأ مجلس شيوخ ومدد الولاية الرئاسية، جدلاً واسعاً وانتقادات من المعارضة التي اعتبرته “استيلاء” على السلطة.
ورفضت المحكمة الدستورية ترشح إدريس كيدو من حزب الديمقراطيين، وهو حزب أسسه الرئيس السابق توماس بوني يايي، بسبب عدم استيفائه شروط الترشح. هذه القرارات أثارت مخاوف بشأن العملية الديمقراطية في البلاد.
بالإضافة إلى التوترات السياسية، تعاني بنين من تدهور الأوضاع الأمنية في شمال البلاد، حيث تتزايد هجمات الجماعات المسلحة. وقد أشار العسكريون المتمردون في بيانهم إلى هذه المشكلة، مطالبين بتحسين أوضاع الجنود الذين يواجهون تهديدات متزايدة.
يأتي هذا الحادث في سياق إقليمي مضطرب، حيث شهدت دول مجاورة مثل النيجر وبوركينا فاسو ومالي وغينيا انقلابات عسكرية في السنوات الأخيرة. الأحداث في هذه الدول أثارت مخاوف بشأن انتشار عدم الاستقرار وتراجع الديمقراطية في منطقة غرب إفريقيا.
ردود الفعل الإقليمية والدولية
أدانت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) بشدة محاولة الانقلاب، وأمرت بنشر قواتها الاحتياطية في بنين لدعم الحكومة والجيش في الحفاظ على النظام الدستوري. وستتألف القوة من وحدات عسكرية من نيجيريا وسيراليون وكوت ديفوار وغانا.
كما أدان الاتحاد الإفريقي هذه المحاولة، وحث على احترام سيادة القانون والمبادئ الديمقراطية. وثمنت هذه الجهات الإقليمية جهود الحكومة البنينية في إحباط الانقلاب وإعادة الاستقرار.
وتشير التقارير إلى أن إيكواس حريصة على منع المزيد من الانقلابات في المنطقة، وتتخذ موقفاً صارماً ضد أي محاولة لتقويض الديمقراطية. الانقلاب الأخير في بنين يمثل تحدياً جديداً لهذه الجهود.
في الوقت الحالي، تستأنف الحياة في بنين إلى طبيعتها تدريجياً، حيث تواصل القوات الحكومية عملياتها لتأمين البلاد واعتقال أي متورطين في محاولة الانقلاب. ومن المتوقع أن تصدر الحكومة بياناً مفصلاً حول الأسباب التي أدت إلى هذه المحاولة والإجراءات التي ستتخذها لمنع تكرارها. الوضع السياسي في بنين لا يزال متوتراً، وسيستمر المجتمع الدولي في متابعة التطورات عن كثب.
ويبقى السؤال حول ما إذا كانت هذه المحاولة تمثل حدثاً منعزلاً أم أنها علامة على تصاعد الاضطرابات السياسية والأمنية في بنين. من المهم مراقبة الاستعدادات للانتخابات الرئاسية ومستوى الحوار بين الحكومة والمعارضة، بالإضافة إلى تطورات الوضع الأمني في شمال البلاد. الاستقرار في بنين يعتبر أمراً بالغ الأهمية للاستقرار الإقليمي في غرب إفريقيا.










