بدأ الرئيس السوري السابق بشار الأسد، بعد مغادرته السلطة واللجوء إلى روسيا، في الاستعداد للعودة إلى ممارسة مهنة طب العيون، التخصص الذي درسه قبل توليه الرئاسة. وتأتي هذه الخطوة بينما تعيش عائلة الأسد حياة منعزلة في موسكو، وفقًا لمصادر نقلت عنها صحيفة “الجارديان” البريطانية.
وبعد مرور عام على مغادرة الأسد سوريا في ظروف أدت إلى تغييرات كبيرة في البلاد، كشفت مصادر عن تفاصيل نادرة حول حياة العائلة في المنفى، بما في ذلك عودة الأسد إلى شغفه القديم. وتأتي هذه التطورات في وقت لا يزال فيه مستقبل سوريا غير واضح، وتتجه فيه الأنظار نحو التطورات السياسية والاقتصادية.
عودة بشار الأسد إلى طب العيون
أفاد مصدر مطلع بأن الأسد بدأ في تلقي دروس في طب العيون، مستعيدًا مسارًا مهنيًا كان قد تخلى عنه عند وصوله إلى السلطة. وقال صديق للعائلة، لا يزال على تواصل معهم، إن الأسد يدرس اللغة الروسية ويعيد تنشيط معرفته في هذا المجال. وأضاف أن الأسد كان يمارس طب العيون بانتظام في دمشق حتى قبل اندلاع الحرب في سوريا، مما يشير إلى شغفه العميق بهذا التخصص.
ويرجح أن نخبة موسكو الثرية قد تكون العملاء المحتملين للأسد في ممارسته المهنية الجديدة. ويعيش الأسد وعائلته في منطقة روبليوفكا الراقية، وهي مجمع سكني مغلق يضم شخصيات بارزة، بما في ذلك الرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش.
العزلة والقيود المفروضة على الأسد
على الرغم من أسلوب الحياة المترف، تعيش عائلة الأسد حالة عزلة شبه كاملة عن الأوساط النخبوية السورية والروسية التي كانت تتمتع بنفوذها في السابق. وقد ترك فرار الأسد من سوريا شعورًا بالخذلان لدى أركان نظامه، بينما يفرض المسؤولون الروس عليه قيودًا تحد من قدرته على التواصل مع كبار مسؤولي النظام السابق.
وقال صديق للعائلة إن تواصل الأسد مع العالم الخارجي محدود جدًا، وأنه لا يزال على اتصال بعدد قليل فقط من المقربين، مثل منصور عزام، وزير شؤون رئاسة الجمهورية السابق، ويسار إبراهيم، أحد أبرز أذرعه الاقتصادية.
من جهته، قال مصدر مقرب من الكرملين إن الأسد بات إلى حد كبير “شخصية غير ذات صلة” بالنسبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين والنخبة السياسية في روسيا. وأضاف أن بوتين لا يتحمل القادة الذين يفقدون قبضتهم على السلطة، ولا ينظر إلى الأسد كشخصية مؤثرة.
هروب الأسد والعائلة وتداعياته
فر الأسد من دمشق في الساعات الأولى من فجر 8 ديسمبر 2024، مع اقتراب فصائل المعارضة المسلحة من العاصمة. وانتقل في ظل مرافقة عسكرية روسية إلى قاعدة حميميم الجوية، حيث جرى إخراجه جواً من البلاد. ولم يحذر الأسد أفراد عائلته الممتدة ولا أقرب حلفائه في النظام من الانهيار الوشيك، تاركاً إياهم لمصيرهم.
وكشفت شهادات عن حالة من الفوضى والارتباك في اللحظات الأخيرة قبل الهروب. وقال صديق لماهر الأسد، شقيق بشار، إن ماهر كان يتصل ببشار دون رد، وبقي في القصر حتى اللحظة الأخيرة، بينما لم يكن بشار يهتم إلا بنفسه. كما روى محامي رفعت الأسد، عم بشار، كيف اتصل به موكلوه في حالة من الهلع، وهم لا يعرفون كيف يغادرون سوريا.
صحة أسماء الأسد ومستقبل الأسد الإعلامي
في الأشهر الأولى التي أعقبت هروب أسرة الأسد، لم يكن حلفاؤه السابقون ضمن أولويات بشار، إذ تجمعت العائلة في موسكو لدعم أسماء الأسد، السيدة الأولى السابقة، التي كانت تعاني من سرطان الدم. وبحسب مصدر مطلع على تفاصيل حالتها الصحية، تعافت أسماء الأسد بعد خضوعها لعلاج تجريبي بإشراف الأجهزة الأمنية الروسية.
ويسعى الأسد حاليًا إلى إيصال روايته الخاصة إلى الرأي العام، فقد رتب لإجراء مقابلات مع قناة “آر تي” الروسية وأحد أشهر مقدمي البودكاست اليمينيين في الولايات المتحدة، لكنه لا يزال ينتظر موافقة السلطات الروسية للظهور إعلامياً. ويبدو أن روسيا فرضت حظراً فعلياً على أي ظهور علني لبشار الأسد.
وفي الوقت نفسه، يبدو أن أبناء الأسد يتأقلمون مع واقعهم الجديد في موسكو. وقد شوهدت زين الأسد، ابنة بشار، وهي تتخرج من معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية، بينما يقضي الأبناء ووالدتهم جزءًا كبيرًا من وقتهم في التسوق وتجهيز منزلهم الجديد.
من المتوقع أن يستمر الأسد في محاولاته لإعادة بناء حياته المهنية والشخصية في روسيا، مع بقاء مستقبله السياسي غير واضح. ويجب مراقبة التطورات المتعلقة بموافقة السلطات الروسية على ظهوره الإعلامي، بالإضافة إلى أي تحركات أو تصريحات جديدة من قبل الأسد أو المقربين منه. كما يجب متابعة التطورات السياسية في سوريا، والتي قد تؤثر على وضع الأسد وعائلته في المستقبل.










