أعلنت الحكومة الأمريكية، يوم الجمعة، عن تنفيذها عملية استيلاء على ناقلة النفط “سكيبر” قبالة سواحل فنزويلا، في خطوة تصعيدية مرتبطة بالعقوبات المفروضة على كراكاس. وتأتي هذه العملية، التي تعتبر الأولى من نوعها للاستيلاء على شحنة نفط فنزويلي، قبل انتهاء صلاحية مذكرة قضائية أمريكية سمحت بمصادرة الناقلة. وتهدف هذه الإجراءات إلى الضغط على حكومة الرئيس نيكولاس مادورو وتقييد قدرتها على تمويل عملياتها.
وقد تم إصدار مذكرة المصادرة من قبل قاضي الصلح الأمريكي ضياء فاروقي في 26 نوفمبر، ومنحت إدارة الرئيس دونالد ترامب مهلة حتى 10 ديسمبر للاستيلاء على السفينة. ووفقًا لمصادر في وكالة رويترز، فإن الولايات المتحدة تستعد لاعتراض المزيد من السفن التي تنقل النفط الفنزويلي، مما يشير إلى استمرار الضغط على قطاع الطاقة الفنزويلي.
الاستيلاء على ناقلة النفط وتصعيد التوترات
أعلنت إدارة ترامب أن ناقلة “سكيبر” كانت متورطة في نقل النفط الخاضع للعقوبات من فنزويلا وإيران. وقال كاش باتيل، مدير مكتب التحقيقات الاتحادي، إن عملية الضبط هذه تؤكد نجاح جهود الولايات المتحدة في تطبيق العقوبات على الحكومتين الفنزويلية والإيرانية. وغادرت الناقلة ميناء خوسيه النفطي في فنزويلا في الفترة بين 4 و 5 ديسمبر، بعد أن حمّلت حوالي 1.8 مليون برميل من خام ميري الثقيل.
تأتي هذه الخطوة في سياق جهود أمريكية متزايدة لاستهداف مصادر تمويل حكومة مادورو. العقوبات الأمريكية على فنزويلا، والتي بدأت في عام 2019، تهدف إلى إجبار مادورو على التنحي عن السلطة وإجراء انتخابات حرة ونزيهة.
خلفية العقوبات الأمريكية على فنزويلا
بدأت الولايات المتحدة في فرض عقوبات على فنزويلا ردًا على تدهور الوضع الديمقراطي وانتهاكات حقوق الإنسان في البلاد. وقد اتهمت واشنطن مادورو بقمع المعارضة والتلاعب بالانتخابات. تضمنت العقوبات حظرًا على السفر وتجميدًا للأصول على مسؤولين فنزويليين، بالإضافة إلى قيود على التجارة والاستثمار.
بالإضافة إلى ذلك، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على ست ناقلات نفط عملاقة متهمة بنقل النفط الخام من فنزويلا، بالإضافة إلى أربعة فنزويليين، من بينهم ثلاثة من أقارب السيدة الأولى سيليا فلوريس. ويركز النهج الأمريكي الجديد على ما يسمى بـ “أسطول الظل” من الناقلات التي تنقل النفط الخاضع للعقوبات إلى الصين، وهي أكبر مستورد للنفط الخام من فنزويلا وإيران.
الاستيلاء على السفينة أثار إدانة من قبل الحكومة الفنزويلية، التي وصفته بأنه عمل عدواني وانتهاك للقانون الدولي. وتعتبر فنزويلا أن العقوبات الأمريكية غير قانونية وتضر بشعبها.
تأثير محتمل على اقتصاد فنزويلا
يُعدّ النفط المصدر الرئيسي لإيرادات الحكومة الفنزويلية، حيث يمثل أكثر من 90% من صادرات البلاد. وبالتالي، فإن أي تقليل في صادرات النفط الفنزويلي يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد.
وتشير التقديرات إلى أن فنزويلا تواجه حاليًا واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في العالم، مع ارتفاع معدلات التضخم ونقص حاد في الغذاء والدواء. كما أن البلاد تعاني من أزمة سياسية عميقة، حيث يرفض مادورو الاعتراف بشرعية البرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة.
صناعة النفط في فنزويلا تعاني بالفعل من سنوات من سوء الإدارة والاستثمار غير الكافي، مما أدى إلى انخفاض كبير في الإنتاج. والآن، مع تشديد العقوبات الأمريكية، تواجه البلاد تحديات إضافية في الحفاظ على تدفق النفط إلى الأسواق العالمية.
في الأشهر الماضية، نفذت الولايات المتحدة عمليات تفتيش على سفن يُشتبه في تهريبها للمخدرات في المنطقة، وهو ما أثار انتقادات من بعض المشرعين والخبراء القانونيين الأمريكيين. كما لوح ترامب في الماضي باحتمالية التدخل العسكري الأمريكي في فنزويلا، في ظل استمرار الولايات المتحدة في تعزيز قواتها العسكرية في منطقة جنوب البحر الكاريبي.
من المتوقع أن تواصل الولايات المتحدة الضغط على فنزويلا من خلال فرض المزيد من العقوبات واستهداف ناقلات النفط. ومع ذلك، فإن فعالية هذه الإجراءات لا تزال موضع تساؤل، حيث أن فنزويلا قد تجد طرقًا بديلة لتصدير النفط أو الحصول على تمويل من مصادر أخرى. ما يجب مراقبته في الفترة القادمة هو رد فعل الحكومة الفنزويلية على هذه الإجراءات، وكيف ستؤثر على الوضع الاقتصادي والسياسي في البلاد، بالإضافة إلى أي تطورات جديدة في جهود الوساطة الدولية لحل الأزمة الفنزويلية.










