أثار فوز إنجلترا على الأرجنتين 27-23 في ختام مباريات الخريف الدولية جدلاً واسعاً، ليس فقط بسبب المنافسة الشرسة على أرض الملعب، بل أيضاً بسبب اتهامات متبادلة بين المدربين، وتحديداً حول تدخل عنيف من لاعب إنجلترا توم كاري على لاعب الأرجنتين خوان كروز ماليا، واشتباك آخر في النفق المؤدي إلى غرف تغيير الملابس. واتهم مدرب الأرجنتين فيليبي كونتي بومي كاري بـ “التنمر” بعد المباراة.
وقد تعرض ماليا لإصابة خطيرة في الركبة يُشتبه أنها تمزق في الرباط الصليبي الأمامي، مما أجبر الأرجنتين على إنهاء المباراة بـ 14 لاعباً بعد استنفاد جميع بدائلهم. وقد أثار هذا التدخل غضب الجهاز الفني واللاعبين الأرجنتينيين، وتصاعدت الأمور بعد صافرة النهاية.
توم كاري والاتهامات بالتنمر: تفاصيل الواقعة وتصريحات المدربين
وفقاً لتصريحات كونتي بومي، لم يقتصر الأمر على التدخل العنيف الذي أدى إلى إصابة ماليا. وأضاف أنه بعد نهاية المباراة، اشتبك كاري لفظاً وبدنياً معه في النفق. “لقد ضربني بقوة وبدون سبب، لم يكن هناك أي مبرر لهذا التصرف. لقد قلت له أن تدخله كان خطيراً وأن إصابة ماليا نتيجة لهذا التدخل، فرد عليّ بشتائم ودفعني.”
وأضاف كونتي بومي إنه يشعر بالإحباط بسبب عدم اتخاذ الإجراءات المناسبة ضد كاري. “أنا لا أفهم كيف لم يتم طرد كاري من المباراة. إذا كان هذا هو معيار التحكيم، فلا أعرف ما الذي يحدث في لعبة الرغبي” وأعرب عن قلقه من أن مثل هذه الأفعال تعزز ثقافة العنف في اللعبة.
من جانبه، دافع مدرب إنجلترا ستيف بوثويك عن كاري، مؤكداً أن شخصيته “لا يمكن المساس بها”. وقال: “أنا على علم بالحادثة في النفق، لكنني لم أشاهدها بنفسي. أعرف توم كاري جيداً وأثق تماماً بشخصيته وأخلاقه.” وأضاف أن المباراة كانت قوية ومنافسة، وأن المشاعر كانت متأججة.
إصابة ماليا وتأثيرها على المباراة
كانت إصابة ماليا نقطة تحول في المباراة. ورغم أن الأرجنتين قدمت أداءً قوياً ونجحت في العودة من تأخر بفارق 17 نقطة، إلا أن لعبها بأقل عدد من اللاعبين أثر بشكل كبير على قدرتها على المنافسة في الدقائق الأخيرة.
وقال مراقبون رياضيون إن إصابة ماليا قد تعني غيابه عن الفريق لفترة طويلة، مما يمثل ضربة قوية للمدرب كونتي بومي قبل البطولات القادمة. بالإضافة إلى ذلك، يثير الحادث تساؤلات حول سلامة اللاعبين في لعبة الرغبي، والحاجة إلى مراجعة قوانين اللعبة وإجراءات التحكيم.
التحكيم والشكاوى الأرجنتينية
لم تقتصر شكاوى الأرجنتين على تدخل كاري. فقد أعرب كونتي بومي أيضاً عن استيائه من عدم مراجعة حالات اشتباه في اللعب العالي على لاعب الأرجنتين بابلو ماتيرا. وأشار إلى أن هذه الحالات لم يتم فحصها بواسطة حكم الفيديو المساعد (TMO)، مما أدى إلى استبعاده من المباراة لإجراء تقييم إصابة الرأس (HIA).
وفي تصريحات لوسائل الإعلام، أشار قائد منتخب إنجلترا، مارو إيتوجي، إلى أن المنافسة كانت شرسة، وأن المشاعر كانت متأججة بعد المباراة. ولكنه أكد أن كلا الفريقين يكن احترامهما لبعضهما البعض، وأن الخلافات التي حدثت كانت جزءاً من طبيعة اللعبة.
هذا الحادث يضاف إلى قائمة الجدل المتزايد حول تدخلات عنيفة وتصرفات غير رياضية في مباريات الرغبي، ويطرح أسئلة مهمة حول كيفية حماية اللاعبين وضمان نزاهة اللعبة. وباتت الحاجة ملحة لتوضيح قوانين اللعبة وتفعيل دور حكم الفيديو المساعد بشكل أكبر.
من المتوقع أن يقوم الاتحاد الدولي للرغبي بمراجعة تقارير المباراة وتسجيلات الفيديو لاتخاذ قرار بشأن ما إذا كان سيتم اتخاذ أي إجراءات تأديبية ضد توم كاري أو أي لاعب آخر. وسيشكل هذا القرار سابقة مهمة، وستراقب الفرق والمشجعون عن كثب ليروا كيف سيستجيب الاتحاد الدولي للرغبي لهذه الحادثة. تبقى هذه القضية مفتوحة، وسيتعين على المسؤولين الدوليين تحديد ما إذا كانت هناك حاجة إلى مزيد من التدقيق في سلوك اللاعبين وتطبيق القواعد لضمان بيئة لعب آمنة وعادلة.










