تعتبر المنافسة في الدوريات الأوروبية، وخاصة دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي، اختبارًا حقيقيًا لقدرات الأندية الإنجليزية المشاركة، وغالبًا ما يثار جدل حول تأثير هذه المشاركة على أداء هذه الأندية في الدوري الإنجليزي الممتاز. هل يؤثر اللعب في أوروبا سلبًا على نتائج الفرق في الدوري المحلي؟ هذا ما سنحاول الإجابة عليه في هذا المقال، مع تحليل البيانات والأداء الحالي للأندية الإنجليزية.
أظهرت الجولة الأخيرة من مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز ميلًا واضحًا نحو تراجع أداء الفرق التي شاركت في مباريات أوروبية خلال منتصف الأسبوع. هذا الأمر أثار من جديد النقاش حول العلاقة بين المشاركة الأوروبية والنتائج المحلية.
تأثير المنافسة الأوروبية على أداء الفرق في الدوري الإنجليزي الممتاز
شهدت مباريات يوم الأحد تعادل تشيلسي وأرسنال بنتيجة 1-1 على ملعب ستامفورد بريدج، بعد فوز كل منهما في دوري أبطال أوروبا على برشلونة وبايرن ميونيخ على التوالي. يشير هذا إلى احتمال وجود علاقة بين الجهد البدني والذهني المبذول في البطولات الأوروبية وتراجع الأداء في الدوري المحلي.
كما تعرض كل من توتنهام هوتسبير، كريستال بالاس، ونوتنغهام فورست لهزائم أمام فرق حصلت على راحة خلال منتصف الأسبوع، وهي فولهام، مانشستر يونايتد، وبرايتون على التوالي. هذه الهزائم عززت فكرة أن الإرهاق قد يكون عاملًا مؤثرًا في نتائج المباريات.
من بين تسعة فرق إنجليزية شاركت في المسابقات الأوروبية، حقق ليفربول ونيوكاسل يونايتد انتصارات مريحة، بينما احتاج مانشستر سيتي إلى هدف في الوقت بدل الضائع للفوز على ليدز يونايتد، واكتفى أستون فيلا بفوز بشق الأنفس على وولفرهامبتون، المتذيل.
تقييم الأداء العام
لكن، كيف كان الأداء العام للفرق الإنجليزية المشاركة في البطولات الأوروبية بعد مبارياتها في دوري الأبطال والدوري الأوروبي والكونفرانس ليج هذا الموسم؟ تحليل البيانات يظهر أن النتائج كانت متباينة.
أظهرت الإحصائيات أن كريستال بالاس، ونوتنغهام فورست، وليفربول، وتشيلسي، وأرسنال لديهم متوسط نقاط أقل في المباريات التي تلي المشاركة الأوروبية مقارنة بالمباريات الأخرى. هذا يشير إلى أن هذه الفرق قد تعاني من الإرهاق أو صعوبة في استعادة التركيز بعد المباريات الأوروبية.
في المقابل، حققت فرق أخرى أداءً أفضل بعد مبارياتها الأوروبية، حيث سجل كل من مانشستر سيتي، وتوتنهام هوتسبير، ونيوكاسل يونايتد، وأستون فيلا متوسط نقاط أعلى في هذه المباريات. هذا يدل على أن هذه الفرق قد تكون قادرة على التعامل مع ضغط المباريات بشكل أفضل، أو أنها تستفيد من الزخم الإيجابي الذي تحققه في البطولات الأوروبية.
هل كريستال بالاس أسوأ من بيرنلي؟
بعد الفوز في مباراة واحدة فقط من ست مباريات في الدوري الإنجليزي الممتاز عقب مشاركته في البطولات الأوروبية هذا الموسم، حقق كريستال بالاس متوسط نقاط بلغ 0.8 نقطة في المباراة، مقارنة بـ 2.1 نقطة في المباريات الأخرى. يمثل هذا انخفاضًا بنسبة 61%، وهو ثاني أكبر انخفاض في متوسط النقاط بعد المشاركة الأوروبية لأي فريق في الدوري الإنجليزي الممتاز منذ موسم 2010/2011.
بيرنلي في موسم 2018/2019 كان الفريق الوحيد الذي سجل انخفاضًا أكبر في متوسط النقاط بعد مباريات الدوري الأوروبي. فشل بيرنلي في التأهل إلى الدوريات النهائية في ذلك الموسم.
هذا يثير تساؤلات حول الأسباب التي تجعل بعض الفرق تعاني بشكل خاص بعد المشاركة الأوروبية. أحد الأسباب الرئيسية هو نقص العمق في تشكيلة الفريق، مما يجعل من الصعب على المدرب إجراء تغييرات في التشكيلة الأساسية لإراحة اللاعبين.
أعرب أوليفر غلاسنر، مدرب كريستال بالاس، عن استيائه من عدم تعزيز الفريق بشكل كافٍ خلال فترة الانتقالات الصيفية الماضية، بعد تأهله للمشاركة في البطولات الأوروبية. وقال: “لقد فاتتنا فرصة لتعزيز عمق الفريق في الصيف، وكنا نعلم بجدول المباريات الكثيف، وكنا نعلم بأن إسماعيل سار سيغيب بسبب المشاركة في كأس الأمم الأفريقية. لم يحدث شيء، وهذا أمر مفاجئ.” وأضاف: “عندما تلعب للمرة الأولى في تاريخك في أوروبا، يجب أن تستثمر بدلًا من التوفير. لقد وفرنا، وهذا ما نواجهه.”
عدم وجود خيارات كافية للتبديل يؤدي إلى إرهاق اللاعبين الأساسيين، وهو ما يساهم في تراجع الأداء في المباريات.
هل تعلم أستون فيلا من أخطائها؟
في حين يعاني كريستال بالاس ونوتنغهام فورست، يحقق أستون فيلا نتائج ممتازة بعد مبارياته في الدوري الأوروبي. يعتبر أستون فيلا الآن الفريق الذي حقق أكبر نسبة إيجابية في متوسط النقاط بعد المباريات الأوروبية هذا الموسم.
على عكس كريستال بالاس ونوتنغهام فورست، كان لدى أستون فيلا عامين للتكيف مع متطلبات المشاركة في البطولات الأوروبية، بعد أن لعب في دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي في المواسم الماضية. على الرغم من أنهم واجهوا صعوبات في الموسم الماضي، إلا أنهم تعلموا دروسًا قيمة، وقاموا بتحسين إدارة الفريق واللاعبين.
أصبح أوناي إيمري، مدرب أستون فيلا، أكثر قدرة على إجراء تغييرات في التشكيلة الأساسية، وإراحة اللاعبين، والحفاظ على لياقتهم البدنية والذهنية. هذا ساعدهم على تحقيق نتائج إيجابية في الدوري الإنجليزي الممتاز.
خلاصة القول
بشكل عام، لا يوجد فرق كبير في متوسط النقاط الذي تحققه الفرق الإنجليزية بعد المشاركة في البطولات الأوروبية مقارنة بباقي المباريات. منذ موسم 2010/2011، بلغ متوسط النقاط 1.76 نقطة بعد المباريات الأوروبية، مقابل 1.79 نقطة في المباريات الأخرى.
لذا، فإن الاعتقاد الشائع بأن المشاركة الأوروبية تؤثر سلبًا على أداء الفرق في الدوري الإنجليزي الممتاز هو إلى حد كبير أسطورة. الأمر يعتمد بشكل كبير على قدرة الفريق على إدارة عبء المباريات، والتعامل مع الإرهاق، والاستفادة من العمق في تشكيلته.
من المتوقع أن تستمر المناقشات حول تأثير المشاركة الأوروبية على أداء الفرق في الدوري الإنجليزي الممتاز في المستقبل. سيكون من المهم متابعة أداء الفرق الإنجليزية في البطولات الأوروبية والدوري المحلي، وتحليل البيانات لتحديد ما إذا كانت هناك أي اتجاهات واضحة. كما سيكون من المهم مراقبة قرارات المدربين المتعلقة بإدارة الفريق واللاعبين، وتقييم مدى فعاليتها في التعامل مع ضغط المباريات.










