أثار نظام حكم الفيديو المساعد (VAR) جدلاً واسعاً في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم، خاصة فيما يتعلق بتفسير حالات التسلل وتأثيرها على القرارات التحكيمية. النقاش الدائر يرتكز على التوازن بين الدقة والتدخل المفرط الذي قد يعطل سير المباراة، والتوجه الأخير نحو منح الأولوية لقرارات الحكام الميدانيين، ما لم يكن هناك “خطأ واضح وصريح” يستدعي المراجعة. هذا التوجه أدى إلى إبقاء بعض القرارات المثيرة للجدل دون تغيير، مما زاد من انتقادات المشجعين والمحللين.
أكد هوارد ويب، رئيس لجنة الحكام، في أغسطس الماضي أن الهدف ليس الكمال، بل التحقق من صحة القرارات المتخذة في الملعب. ووفقاً لتوجيهاته، يجب على حكم الفيديو المساعد التدخل فقط في الحالات التي يكون فيها الخطأ “واضحاً وصريحاً”، مع تركيز أكبر على احترام قرارات الحكام الميدانيين، حتى لو كانت قابلة للتفسير أو هامشية. هذا التوجه يثير تساؤلات حول معايير “الخطأ الواضح والصريح” وكيفية تطبيقها بشكل متسق.
تحديات تقنية الفيديو المساعدة في حالات التسلل
أصبحت حالات التسلل، وتحديداً ما إذا كان اللاعب المتسلل يعيق رؤية الحارس أو يؤثر بشكل فعال على اللعب، من أكثر النقاط إثارة للخلاف في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم. على الرغم من أن التسلل هو أمر موضوعي – فاللاعب إما أن يكون متسللاً أو لا – فإن تحديد ما إذا كان اللاعب المتداخل يعيق المنافس يعتمد على تقدير الحكام، وهو ما يفتح الباب أمام تفسيرات مختلفة.
في الأسابيع السبعة الماضية، شهدنا سبع حالات سجل فيها هدف، وكان هناك لاعب مهاجم في وضعية تسلل. ومع ذلك، لم يتم تغيير قرار الحكم الأصلي إلا في حالتين فقط من هذه الحالات بعد مراجعة حكم الفيديو المساعد. وهذا يؤكد ميل الحكام إلى الالتزام بقراراتهم الأولية، ما لم يكن التدخل واضحاً تماماً.
لجنة الحوادث الهامة وتقدير القرارات
قامت لجنة الحوادث الهامة (Key Match Incident Panel) بتحليل حالة إلغاء هدف فيرجيل فان دايك ضد مانشستر سيتي، وقررت أن الهدف كان يجب أن يستمر. ومع ذلك، أيدت اللجنة قرار حكم الفيديو المساعد بعدم التدخل، معتبرةً أنه لم يكن هناك “خطأ واضح وصريح”. وهذا يوضح مدى صعوبة تحديد معيار “الخطأ الواضح” في هذه الحالات، خصوصاً وأن اللجنة لم تعتبر أن القرار الأصلي كان خاطئاً بشكل قاطع.
في الواقع، نظراً لعدم إبراز أي من الحالات السبع الأخرى من قبل لجنة الحكام أو الأندية المعنية، فمن المنطقي افتراض أن جميع الحالات السبع قد تم التعامل معها بشكل صحيح. لكن هذا لا يقلل من الجدل والنقد الذي يوجه إلى قرارات التحكيم، خاصةً من قبل المشجعين الذين يرون أن التقييمات متشابهة تؤدي إلى نتائج متناقضة.
أثار هذا الأمر تساؤلات حول مدى الاتساق في تطبيق هذه القواعد، وكيف يمكن للمشجعين أن يتقبلوا القرارات التي قد تبدو متناقضة، خاصةً عندما يتعلق الأمر بأندية مختلفة. على سبيل المثال، هناك مقارنة بين هدف فان دايك الملغي وهدف إيليمان نداي مع نوتنغهام فورست، حيث تم الأخذ في الاعتبار المساحة التي يغطيها اللاعب المتسلل.
تظل هذه الحالات معقدة، وتعتمد على التقييم الفني من قبل الحكام. لا توجد قواعد صارمة تحدد بدقة متى يجب إلغاء الهدف بسبب التسلل وتأثيره على اللعب.
مقاربة الدوري الإنجليزي الممتاز للفيديو المساعد
يشير هذا النهج إلى وجود اختلاف في المنهجية بين الدوري الإنجليزي الممتاز والاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA). فبينما يركز الدوري الإنجليزي الممتاز على منح الأولوية لقرارات الحكام في الملعب، إلا أن الاتحاد الدولي قد يفكر في توسيع نطاق تدخل الفيديو المساعد ليشمل حالات أخرى، مثل ركلات الزاوية، في النسخة القادمة من كأس العالم.
ويضع هذا التوجه الدوري الإنجليزي الممتاز في موضع مختلف عن المسابقات الدولية، ما قد يؤدي إلى المزيد من الجدل حول دور الفيديو المساعد وتأثيره على اللعبة. يعتبر العديد من المشجعين أن المراجعات المتكررة يمكن أن تعطل تدفق المباراة وتقتل الإثارة.
من ناحية أخرى، يعتقد البعض أن ضمان الدقة في القرارات الحاسمة يتطلب المزيد من التدخل من الفيديو المساعد. هذا يخلق معضلة صعبة، حيث يحاول المسؤولون تحقيق التوازن بين الدقة وسلاسة اللعب.
المشكلة ليست في التكنولوجيا نفسها، بل في كيفية تطبيقها وتفسيرها. يتطلب ذلك تدريباً مكثفاً للحكام، وتواصلاً فعالاً بينهم وبين غرفة الفيديو المساعد، بالإضافة إلى المزيد من الشفافية في عملية اتخاذ القرار.
في النهاية، من المتوقع أن يستمر الجدل حول نظام حكم الفيديو المساعد. سيراقب الجميع عن كثب القرارات التي يتم اتخاذها في المباريات القادمة، وكيفية تطور هذه التكنولوجيا في المستقبل. تحديداً، سيكون من المهم معرفة ما إذا كانت لجنة الحكام ستصدر المزيد من الإرشادات حول كيفية التعامل مع حالات التسلل المعقدة، وما إذا كانت ستتبنى نهجاً أكثر اتساقاً في تطبيق قواعد الفيديو المساعد.










