أعلنت شركة نفيديا (Nvidia) عن إطلاق سلسلة من نماذج الذكاء الاصطناعي المفتوحة المصدر المتطورة، بالإضافة إلى البيانات والأدوات اللازمة لدعم المهندسين في استخدامها. يمثل هذا التحرك دخولاً قوياً للشركة في مجال تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي، بعد أن حققت ثروة من خلال توفير الرقائق للشركات العاملة في هذا المجال. يأتي هذا الإطلاق في وقت يشهد فيه قطاع الذكاء الاصطناعي تحولاً نحو تطوير رقائق مخصصة من قبل شركات كبرى مثل OpenAI و Google و Anthropic.
تعتبر النماذج المفتوحة المصدر عنصراً أساسياً في منظومة الذكاء الاصطناعي، حيث تستخدمها العديد من المؤسسات البحثية والشركات الناشئة للتجربة والنماذج الأولية والبناء. على الرغم من أن شركتي OpenAI و Google تقدمان نماذج مفتوحة صغيرة، إلا أنها لا تقوم بتحديثها بنفس وتيرة الشركات الصينية المنافسة. تشير بيانات من منصة Hugging Face، المتخصصة في استضافة المشاريع مفتوحة المصدر، إلى أن النماذج الصينية المفتوحة المصدر تحظى بشعبية أكبر حالياً.
خطوة نفيديا نحو تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي المفتوحة
تأتي نماذج Nemotron 3 الجديدة من نفيديا ضمن أفضل النماذج المتاحة للتنزيل والتعديل والتشغيل على الأجهزة الخاصة، وفقاً لنتائج الاختبارات المعيارية التي شاركتها الشركة. يهدف هذا الإطلاق إلى توفير منصة مفتوحة للمطورين، مما يتيح لهم الشفافية والكفاءة اللازمة لبناء أنظمة ذكاء اصطناعي متقدمة وقابلة للتطوير.
تتميز نفيديا عن العديد من منافسيها الأمريكيين بتبني نهج أكثر شفافية من خلال نشر البيانات المستخدمة في تدريب نموذج Nemotron. هذا الأمر سيسهل على المهندسين تعديل النماذج وتحسينها. بالإضافة إلى ذلك، تقدم الشركة أدوات مخصصة للتخصيص والضبط الدقيق، بما في ذلك بنية نموذج هجينة جديدة تعتمد على “مزيج الخبراء الكامن” (hybrid latent mixture-of-experts)، والتي تعتبر مثالية لبناء وكلاء الذكاء الاصطناعي القادرين على اتخاذ إجراءات على أجهزة الكمبيوتر أو عبر الإنترنت.
أحجام النماذج وقدراتها
تتوفر نماذج Nemotron 3 بثلاثة أحجام مختلفة: Nano (30 مليار معلمة)، Super (100 مليار معلمة)، و Ultra (500 مليار معلمة). يعكس عدد المعلمات في النموذج قدرته بشكل عام، بالإضافة إلى مدى صعوبة تشغيله. تتطلب النماذج الأكبر حجماً أجهزة باهظة الثمن لتشغيلها بكفاءة.
أكدت كاري آن بريسكي، نائبة رئيس قسم برمجيات الذكاء الاصطناعي التوليدي في نفيديا، على أهمية النماذج المفتوحة لبناة الذكاء الاصطناعي لعدة أسباب. أولاً، يزداد حاجة البناة إلى تخصيص النماذج لمهام محددة. ثانياً، يساعد توجيه الاستعلامات إلى نماذج مختلفة في تحسين الأداء. وأخيراً، يسهل الحصول على استجابات أكثر ذكاءً من هذه النماذج بعد تدريبها من خلال محاكاة عملية التفكير.
يأتي هذا الإطلاق في سياق اتجاه أوسع في صناعة الذكاء الاصطناعي. فقد شهد العام الماضي تحولاً من قبل الشركات الأمريكية نحو مزيد من السرية فيما يتعلق بأبحاثها وتقنياتها الهندسية، وتجنب الكشف عن أحدث التطورات لمنافسيها. في المقابل، أطلقت شركة Meta (فيسبوك سابقاً) في فبراير 2023 نماذج مفتوحة متطورة تحت اسم Llama، ولكنها أبدت لاحقاً إشارات إلى أن الإصدارات المستقبلية قد لا تكون مفتوحة المصدر.
تعتبر التعلم الآلي (Machine Learning) والذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative AI) من المجالات الفرعية الرئيسية التي تستفيد من هذه النماذج المفتوحة. كما أن تطوير واجهات برمجة التطبيقات (APIs) يلعب دوراً حاسماً في تسهيل الوصول إلى هذه النماذج واستخدامها من قبل المطورين.
صرح الرئيس التنفيذي لشركة نفيديا، جينسن هوانغ، بأن “الابتكار المفتوح هو أساس التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي”. وأضاف: “من خلال Nemotron، نحول الذكاء الاصطناعي المتقدم إلى منصة مفتوحة تمنح المطورين الشفافية والكفاءة التي يحتاجونها لبناء أنظمة وكلاء قابلة للتطوير.”
من المتوقع أن تستمر نفيديا في تطوير وتحسين نماذجها المفتوحة، مع التركيز على توفير أدوات وموارد إضافية للمطورين. كما يجب مراقبة رد فعل الشركات المنافسة، وخاصة تلك التي كانت رائدة في مجال النماذج المفتوحة، مثل Meta. ستكون الخطوة التالية لشركة نفيديا هي تقييم مدى تبني المطورين لهذه النماذج الجديدة، وتحديد المجالات التي يمكن فيها إجراء المزيد من التحسينات والتخصيصات. يبقى أن نرى ما إذا كان هذا التحرك سيغير ديناميكيات السوق ويؤدي إلى مزيد من التعاون والابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي.










