تعمل السيماجلوتيد والتيرزيباتيد عن طريق محاكاة عمل GLP-1، وهو هرمون يوجد بشكل طبيعي في الجسم. تعمل هذه الأدوية على مستقبلات GLP-1 في البنكرياس لتحفيز إطلاق الأنسولين بعد تناول الطعام، مما يساعد في التحكم في مستويات السكر في الدم لدى الأشخاص المصابين بمرض السكري. كما ترتبط بمستقبلات GLP-1 في الدماغ لجعل الناس يشعرون بالشبع، مما يدفعهم إلى تناول كميات أقل من الطعام.
ولا يزال العلماء يحاولون فهم التأثيرات الأخرى المترتبة على هذه الأدوية، بما في ذلك الفوائد القلبية الوعائية. ومن بين التفسيرات أن مستقبلات GLP-1 موجودة أيضًا على خلايا القلب والأوعية الدموية والكبد والكلى، وبالتالي قد تعمل هذه الأدوية بشكل مباشر على هذه الأعضاء. وتقول كاثرين تاتل، أستاذة طب الكلى السريرية في كلية الطب بجامعة واشنطن: “اتضح أن هذه المستقبلات موجودة في العديد من أجزاء الجسم”.
توقفت تجربة حديثة قادها توتل مبكرًا بسبب وجود أدلة دامغة على أن السيماجلوتيد له تأثيرات وقائية على الكلى. شملت الدراسة أكثر من 3500 شخص مصابين بمرض السكري من النوع 2 وأمراض الكلى. تناول حوالي نصف المشاركين حقنة أسبوعية من السيماجلوتيد بينما حصل النصف الآخر على حقنة وهمية. بعد متوسط ثلاث سنوات ونصف، كان لدى مجموعة السيماجلوتيد احتمال أقل بنسبة 24 في المائة للإصابة بمرض الكلى الرئيسي – مثل الحاجة إلى غسيل الكلى أو زرع الكلى.
لا تهدف التجارب السريرية عادة إلى تحديد آلية عمل الدواء ــ وفي واقع الأمر، لا تزال آليات عمل العديد من الأدوية المتاحة في السوق غير معروفة بالكامل. ولكن تاتل لديها نظريتها الخاصة حول كيفية حماية السيماجلوتيد للكلى: من خلال إيقاف الالتهاب.
وقد تعمل أدوية GLP-1 على تهدئة الالتهاب في الدماغ، مما يزيد من الأمل في إمكانية استخدامها لعلاج حالات مثل الخرف ومرض باركنسون. ويُعتقد أن الالتهاب يلعب دورًا في تطور كلتا الحالتين.
وفي تجربة أجريت في المملكة المتحدة على 200 شخص مصابين بمرض الزهايمر الخفيف، ظهر أن عقار GLP-1 الأقدم المسمى ليراجلوتيد يبطئ انكماش أجزاء الدماغ التي تتحكم في الذاكرة والتعلم واللغة واتخاذ القرار بنسبة تصل إلى 50%. كما أظهر أولئك الذين تلقوا حقن أسبوعية من ليراجلوتيد على مدى 52 أسبوعًا تباطؤًا بنسبة 18% في تدهور الوظائف الإدراكية بعد عام مقارنة بمن حصلوا على الدواء الوهمي. والسمنة هي عامل خطر معروف للإصابة بمرض الزهايمر، لكن الدراسة لم تشمل على وجه التحديد الأشخاص المصابين بالسمنة، مما يشير إلى أن العقار يساعد من خلال وسيلة أخرى.
ويعتقد المؤلفون، الذين قدموا النتائج الشهر الماضي في المؤتمر السنوي لجمعية الزهايمر، أن الليراجلوتيد قد يعمل بطرق مختلفة عدة، بما في ذلك تقليل الالتهاب في الدماغ وخفض مقاومة الأنسولين.
وتقول هيذر سنايدر، نائبة رئيس العلاقات الطبية والعلمية في جمعية الزهايمر، إن النتائج مثيرة للاهتمام، على الرغم من أن الأمر يتطلب إجراء تجارب أكبر لتأكيد هذا التأثير الوقائي. وتضيف: “هذه هي الدراسة الأولى التي رأينا فيها إشارة إلى هذه الفائدة للأفراد”.
وقد تمتد التأثيرات العصبية الوقائية إلى مرض باركنسون أيضًا. فقد بدا أن عقار ليكسيسيناتيد، وهو عقار قديم لعلاج مرض السكري من عائلة GLP-1، يبطئ تقدم أعراض باركنسون في دراسة صغيرة أجريت على 156 مريضًا في فرنسا. وفي النتائج التي نُشرت في أبريل، لم يلاحظ المشاركون في مرحلة مبكرة من مرض باركنسون والذين تناولوا العقار لمدة عام تفاقم الأعراض الحركية مثل الرعشة ومشاكل التوازن والبطء والتصلب. ومن ناحية أخرى، عانى أولئك الذين تلقوا دواءً وهميًا من تدهور خلال نفس الفترة.