أعلنت شركة فورد للسيارات عن تعديلات كبيرة في خططها لإنتاج السيارات الكهربائية، وذلك استجابةً لتحديات واجهتها في العام الماضي. تأتي هذه التغييرات في ظل تراجع الدعم الحكومي للسيارات الكهربائية في السوق المحلي الأمريكي، وضعف حماس المستهلكين، بينما لا تزال هذه التكنولوجيا تحظى بشعبية في الأسواق الخارجية. وتستعد الشركة للتركيز بشكل أكبر على السيارات الهجينة والكهربائية ذات المدى الممتد.
بدلاً من استهداف أن تمثل السيارات الكهربائية 40% من مبيعاتها العالمية بحلول عام 2030، وهو الهدف الذي تعهدت به قبل أربع سنوات، تخطط فورد الآن لزيادة حصة السيارات الهجينة والكهربائية ذات المدى الممتد، بالإضافة إلى السيارات الكهربائية بالكامل، لتصل إلى 50% من إجمالي المبيعات بحلول نهاية العقد. وتهدف الشركة إلى توفير نسخ هجينة من معظم سياراتها.
تعديل استراتيجية فورد في سوق السيارات الكهربائية
أكدت فورد أنها لن تنتج شاحنة كهربائية كبيرة بالكامل، وستقوم بدلاً من ذلك بإعادة توجيه مصنع للسيارات الكهربائية في ولاية تينيسي لإنتاج سيارات تعمل بالبنزين. ويأتي هذا القرار في وقت يشهد فيه قطاع السيارات تحولاً كبيراً نحو الاستدامة، لكنه يواجه أيضاً تحديات اقتصادية وتقنية.
الجيل القادم من F-150 Lightning
سيتم تطوير الجيل القادم من شاحنة F-150 Lightning الكهربائية لتصبح سيارة كهربائية ذات مدى ممتد (EREV)، وهي سيارة هجينة قابلة للشحن تستخدم محركًا كهربائيًا لتشغيل العجلات بينما يقوم محرك بنزين أصغر بإعادة شحن البطارية. تعتبر هذه التقنية حلاً وسطاً بين السيارات الكهربائية بالكامل والسيارات التي تعمل بالبنزين، وتهدف إلى توفير قدرة جر أكبر ومدى يزيد عن 700 ميل.
على الرغم من هذه التغييرات، لا تزال فورد تخطط لإطلاق شاحنة كهربائية متوسطة الحجم بسعر يبدأ من حوالي 30 ألف دولار في عام 2027. وستكون هذه الشاحنة أول نموذج “بأسعار معقولة” يتم تصميمه في استوديو سري في كاليفورنيا، وستعتمد على بنية منصة “عالمية” تهدف إلى خفض تكاليف الإنتاج.
تتسبب هذه الخطط الجديدة في وجود طاقة إنتاجية فائضة للبطاريات لدى فورد، والتي تخطط لاستغلالها من خلال إطلاق نشاط تجاري جديد يتمثل في إنتاج بطاريات لتخزين الطاقة. وستركز هذه الوحدة على إنتاج بطاريات ليثيوم فوسفات الحديد (LFP) بتكلفة أقل وعمر أطول، والتي يمكن استخدامها من قبل شركات المرافق العامة أو مراكز البيانات.
صرح أندرو فريك، رئيس فورد بلو وفورد موديل إي، بأن فورد “تتبع العميل”. وأضاف أن تبني المستهلك الأمريكي للسيارات الكهربائية لم يصل إلى المستوى المتوقع في بداية العقد. كما أشار إلى التغييرات في البيئة التنظيمية، بما في ذلك إلغاء بعض الحوافز الضريبية للسيارات الكهربائية من قبل إدارة ترامب.
بالإضافة إلى ذلك، ألغت فورد خطط إنتاج سيارة تجارية كهربائية بالكامل للسوق الأوروبية. بدلاً من ذلك، ستتعاون مع شركة رينو لتطوير سيارتين كهربائيتين صغيرتين تحملان العلامة التجارية فورد للسوق الأوروبية، في خطوة وصفها الرئيس التنفيذي جيم فارلي بأنها “معركة من أجل البقاء” في مواجهة المنافسة من السيارات الكهربائية الرخيصة القادمة من الصين. وتشير هذه الشراكة إلى اعتراف فورد بأهمية التعاون لمواجهة التحديات المتزايدة في السوق.
كما أعلنت فورد عن خطط لإنتاج سيارة تجارية جديدة تعمل بالبنزين للسوق الأمريكية الشمالية. يعكس هذا القرار التوازن الذي تسعى إليه فورد بين تلبية الطلب الحالي على السيارات التي تعمل بالبنزين والاستثمار في مستقبل السيارات الكهربائية.
تأثير التغييرات على صناعة السيارات
تأتي هذه التعديلات في وقت تشهد فيه صناعة السيارات تحولاً جذرياً نحو الكهربة، مدفوعة باللوائح الحكومية الأكثر صرامة بشأن الانبعاثات والطلب المتزايد على السيارات المستدامة. ومع ذلك، فإن هذا التحول لا يخلو من التحديات، بما في ذلك ارتفاع تكاليف البطاريات ونقص البنية التحتية للشحن.
تعتبر فورد من بين العديد من شركات صناعة السيارات التي تواجه صعوبات في تحقيق أهدافها الطموحة للسيارات الكهربائية. وتشير هذه التعديلات إلى أن الشركات قد تحتاج إلى تبني نهج أكثر واقعية ومرونة في التحول نحو الكهربة. وتشمل التحديات الأخرى المتعلقة بالسيارات الكهربائية، مثل توفير المواد الخام اللازمة للبطاريات وضمان سلاسل التوريد المستدامة.
من المتوقع أن تشهد السنوات القادمة مزيدًا من التطورات في سوق السيارات الكهربائية، مع استمرار الشركات في الاستثمار في التكنولوجيا الجديدة وتطوير نماذج أكثر جاذبية وبأسعار معقولة. كما من المرجح أن نشهد زيادة في التعاون بين شركات صناعة السيارات لتسريع وتيرة الابتكار وتقاسم التكاليف.
في الختام، من المقرر أن تعلن فورد عن تفاصيل إضافية حول خططها الجديدة في الأشهر المقبلة، مع التركيز على استراتيجيتها لتطوير السيارات الهجينة والكهربائية ذات المدى الممتد. وسيكون من المهم مراقبة مدى قدرة الشركة على التكيف مع التغيرات في السوق وتحقيق أهدافها الجديدة في مجال السيارات الكهربائية. كما يجب متابعة تطورات سوق البطاريات وتأثيرها على تكاليف الإنتاج وتوافر السيارات الكهربائية.










