مخرج “ويكد” جون م. تشو يتحدث عن جمال الفن في عصر الذكاء الاصطناعي.

أثار تصريح المخرج الأمريكي جون تشو حول الذكاء الاصطناعي (AI) مخاوف واسعة في صناعة السينما، بعد أن أبدى تردداً في التعاون مع هذه التقنية الناشئة. جاء هذا الرد خلال حوار مع المذيعة مانيشا كريشنان، حيث بدا تشو غير متأكد من مستقبل علاقته بالذكاء الاصطناعي في أعماله الإخراجية. هذا التردد يعكس نقاشاً أوسع حول تأثير الذكاء الاصطناعي على صناعة الأفلام ومستقبل الإبداع فيها.

تصريح تشو، الذي أتى على هامش حديثه عن فيلمه الشهير “Crazy Rich Asians”، أثار جدلاً سريعاً على وسائل التواصل الاجتماعي وبين صناع الأفلام. في حين لم يقدم تشو تفسيراً محدداً لتردده، إلا أنه لم يستبعد التعاون المستقبلي بشكل قاطع، ممّا زاد من التكهنات حول موقفه النهائي. المحادثة كشفت أيضاً عن مخاوفه السابقة بشأن تصنيفه كمخرج متخصص في الأفلام الآسيوية.

هل يهدد الذكاء الاصطناعي فرص المخرجين؟

تزايد استخدام الذكاء الاصطناعي في صناعة الأفلام يثير تساؤلات حول دور المخرج التقليدي. الذكاء الاصطناعي قادر الآن على أداء مهام كانت حكراً على المخرجين، مثل كتابة السيناريو، وتحرير الفيديو، وحتى تقديم رؤى إبداعية. هذا التقدم التكنولوجي قد يؤدي إلى تقليل الاعتماد على المخرجين البشريين، خاصة في المشاريع ذات الميزانيات المحدودة.

ومع ذلك، يرى البعض أن الذكاء الاصطناعي سيكون أداة مساعدة للمخرجين وليس بديلاً عنهم. يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتولى المهام الروتينية والمملة، مما يتيح للمخرجين التركيز على الجوانب الإبداعية الأكثر أهمية في الفيلم. هذه النقطة تتفق مع الرؤى العامة حول تقنيات السينما التي تهدف إلى تسريع الإنتاج وتحسين الجودة.

مخاوف حول التمثيل الثقافي والنوعية

أشار جون تشو أيضاً إلى مخاوفه بشأن التصنيف العرقي في صناعة السينما، وكيف أنه كان يخشى أن يتم اختزاله إلى مجرد “مخرج آسيوي”. هذا يعكس تحدياً أكبر يواجهه المخرجون من خلفيات متنوعة، وهو الحصول على فرص متساوية لإخراج أفلام لمختلف الجمهور، وليس فقط تلك التي تستهدف ثقافتهم الأصلية.

بالإضافة إلى ذلك، تركز النقاشات حول استخدام الذكاء الاصطناعي على احتمالية فقدان التنوع والعمق في القصص. هناك قلق من أن الخوارزميات قد تميل إلى إنتاج محتوى يتناسب مع الأذواق السائدة، مما يؤدي إلى تهميش القصص غير التقليدية أو التي تتناول قضايا حساسة. هذا مرتبط بشكل وثيق بموضوع التمثيل في الأفلام وأهمية ضمان أصوات متنوعة.

في سياق حديثه عن فيلم “Crazy Rich Asians” الذي حقق نجاحاً كبيراً في تمثيل الثقافة الآسيوية، ذكر تشو أنه أدرك بعد فترة من العمل في أفلام ضخمة أنه قادر على تقديم قيمة مضافة من خلال قصصه الشخصية وخبراته الثقافية. وأشار إلى أنه تعلم من خلال ملاحظة تفاعل العملاء مع والديه في مطعم العائلة، حيث كان يتعلم أهمية أن يكونوا “سفراء” يمثلون ثقافتهم بطريقة إيجابية.

تأثير الذكاء الاصطناعي على وظائف صناعة الأفلام

لا يقتصر تأثير الذكاء الاصطناعي على دور المخرج فحسب، بل يمتد ليشمل العديد من الوظائف الأخرى في صناعة الأفلام. فقد أصبحت برامج الذكاء الاصطناعي قادرة على إنشاء مؤثرات بصرية معقدة، وتسجيل الأصوات، وحتى تأليف الموسيقى. وهذا يثير مخاوف بشأن مستقبل الوظائف التقليدية في هذه الصناعة.

ومع ذلك، يرى خبراء الصناعة أن الذكاء الاصطناعي سيؤدي أيضاً إلى ظهور وظائف جديدة. سيحتاج إلى متخصصين في تطوير وصيانة هذه الأدوات الذكية، بالإضافة إلى مطوري المحتوى الذين يمكنهم الاستفادة منها لإنشاء أفلام أكثر إبداعاً وجاذبية. استخدام الأدوات الرقمية في السينما هو بالفعل واقع ملموس، ويتوقع أن يزداد مع تطور التكنولوجيا.

وحول مسألة استقلالية المخرج، أكد تشو أنه كان يخشى أن يتم تداوله كـ “مخرج آسيوي” فقط، مما يحد من فرص العمل المتاحة له. هذا الخوف مشروع، حيث أن التصنيف يمكن أن يخلق حواجز أمام الإبداع والابتكار، ويمنع المخرجين من استكشاف قصص جديدة ومختلفة.

في الوقت الحالي، لا يوجد موقف موحد في صناعة السينما بشأن استخدام الذكاء الاصطناعي. فبعض المخرجين يرحبون بالتكنولوجيا الجديدة باعتبارها أداة قيمة، بينما يرى البعض الآخر أنها تهديد للإبداع البشري. تتوقع النقابات المهنية في هوليوود إجراء المزيد من الحوارات والنقاشات حول هذا الموضوع، بهدف التوصل إلى إطار تنظيمي يضمن استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة أخلاقية ومسؤولة.

من المتوقع أن يتم الإعلان عن نتائج دراسة شاملة حول تأثير الذكاء الاصطناعي على صناعة السينما في الربع الأول من العام المقبل. وستتناول الدراسة جوانب مختلفة، مثل التغيرات في سوق العمل، والتحديات الإبداعية، والمخاطر المحتملة على التنوع الثقافي. ترقبوا المزيد من التطورات في هذا المجال، حيث من المرجح أن تشهد صناعة السينما تحولات كبيرة في السنوات القادمة.