أصبح المستخدمون على منصة “بينترست” يشكون من انتشار محتوى رديء الجودة يتم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي، ما يؤثر على تجربة المستخدم ويزعزع الثقة في المنصة. وقد أثار هذا الأمر جدلاً واسعاً حول مستقبل المحتوى الأصيل على الإنترنت، وتأثير ما يُعرف بـ “AI slop” أو “محتوى الذكاء الاصطناعي الرخيص” على جودة المعلومات المتاحة. وتعتبر هذه الظاهرة تحدياً جديداً تواجهه منصات التواصل الاجتماعي.
بدأت المشكلة في الظهور مؤخراً، حيث لاحظ المستخدمون انتشاراً كبيراً لوصفات الطعام، ونصائح الديكور، ومحتوى آخر يبدو احترافياً للوهلة الأولى، ولكنه يفتقر إلى الأصالة والجودة عند التدقيق. وقد اكتشفت المستخدمة كيتلين جونز، على سبيل المثال، وصفة دجاج بالبروكلي والكريمة، وعندما بدأت في تحضيرها، وجدت أن الخطوة الأولى تتطلب “تسجيل” الدجاج في الطباخ الكهربائي، وهو أمر غير منطقي.
تدهور جودة المحتوى على بينترست: صعود “AI slop”
يشير مصطلح “AI slop” إلى الكم الهائل من المحتوى منخفض الجودة الذي يتم إنتاجه بشكل جماعي بواسطة الذكاء الاصطناعي، والذي يغرق الإنترنت. ويشمل ذلك مقاطع الفيديو، والكتب، والمقالات، ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي. ويقول الخبراء إن “بينترست” أصبحت أرضاً خصبة لهذا النوع من المحتوى، بسبب طبيعة المنصة التي تعتمد بشكل كبير على الصور.
لماذا بينترست تحديداً؟
يعتقد أليكسيوس مانتزارليس، مدير مبادرة الأمن والثقة والسلامة في معهد كورنيل للتكنولوجيا، أن “بينترست” أكثر عرضة لانتشار هذا المحتوى مقارنة بالمنصات التي تركز على الفيديو، لأن إنشاء صور واقعية باستخدام الذكاء الاصطناعي أسهل وأقل تكلفة من إنشاء مقاطع فيديو. بالإضافة إلى ذلك، تعتمد المنصة على توجيه المستخدمين إلى مواقع خارجية، مما يجعل من السهل على مزارع المحتوى تحقيق الدخل من خلال هذه النقرات.
كانت “بينترست”، التي أطلقت في عام 2010، قد رسخت مكانتها كـ “محرك اكتشاف بصري للعثور على الأفكار”، وظلت خالية من الإعلانات لسنوات، مما ساهم في بناء مجتمع مخلص من المبدعين. ومع ذلك، ومع نمو قاعدة المستخدمين لتتجاوز 500 مليون مستخدم نشط، بدأت المنصة في إدخال الإعلانات وتغيير خوارزمياتها، وهو ما أثار استياء العديد من المستخدمين.
يتساءل المستخدمون عما إذا كانت “بينترست” تتخلى عن هويتها الأصلية لصالح الربح السريع، من خلال السماح بانتشار المحتوى الرخيص الذي يتم إنتاجه بواسطة الذكاء الاصطناعي. وقد عبرت كيتلين جونز عن إحباطها الشديد، قائلة إنها لم تعد تثق في المنصة بعد اكتشافها الوصفة المزيفة.
هذه الظاهرة ليست مقتصرة على “بينترست” فحسب، بل تمتد إلى العديد من منصات التواصل الاجتماعي الأخرى. ومع ذلك، فإن تأثيرها على “بينترست” يبدو أكبر، بسبب اعتماد المنصة على المحتوى البصري، وحقيقة أنها كانت تعتبر في السابق ملاذاً للمحتوى الأصيل والإبداعي. وتشير التقارير إلى أن هذه المزارع تستخدم تقنيات متطورة لإنشاء محتوى يبدو مقنعاً، ولكنه يفتقر إلى أي قيمة حقيقية.
تأتي هذه التطورات في سياق أوسع من النقاش حول دور الذكاء الاصطناعي في إنتاج المحتوى على الإنترنت. فمن ناحية، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون أداة قوية لمساعدة المبدعين على إنتاج محتوى أفضل وأكثر كفاءة. ومن ناحية أخرى، يمكن أن يؤدي إلى انتشار المحتوى الرخيص والضار، الذي يهدد بتقويض الثقة في المعلومات المتاحة عبر الإنترنت. وتشمل المخاوف الأخرى المتعلقة بـ “AI slop” قضايا حقوق النشر والملكية الفكرية، فضلاً عن إمكانية استخدامه لنشر معلومات مضللة أو دعائية.
في الوقت الحالي، لم تصدر “بينترست” أي بيان رسمي حول هذه المشكلة. ومع ذلك، من المتوقع أن تتخذ المنصة إجراءات لمعالجة هذه القضية، من خلال تحسين خوارزمياتها للكشف عن المحتوى الذي يتم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي، وتشجيع المستخدمين على الإبلاغ عن أي محتوى مشبوه. من المرجح أن تشمل الخطوات المستقبلية أيضاً تطوير أدوات جديدة لمساعدة المبدعين على التحقق من أصالة المحتوى، وتعزيز الشفافية حول استخدام الذكاء الاصطناعي في إنتاج المحتوى.
يبقى أن نرى ما إذا كانت “بينترست” ستتمكن من استعادة ثقة المستخدمين، من خلال مكافحة انتشار “AI slop” والحفاظ على جودة المحتوى على المنصة. سيكون من المهم مراقبة رد فعل المنصة على هذه الانتقادات، وتقييم فعالية الإجراءات التي تتخذها لمعالجة هذه المشكلة. كما سيكون من الضروري متابعة التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، وفهم كيف يمكن أن يؤثر على مستقبل المحتوى على الإنترنت.










