أطلقت إسرائيل سلسلة غارات جوية على جنوب وشمال شرق لبنان عشية الموعد النهائي في 31 ديسمبر، والذي كان من المفترض أن تسلم فيه منظمة حزب الله سلاحها. وتأتي هذه الغارات في ظل تصاعد التوترات وتزايد المخاوف من اندلاع صراع أوسع نطاقًا. وتستهدف هذه الضربات البنية التحتية التابعة لحزب الله ومواقع الإطلاق، مما يعكس تصميم إسرائيل على منع تجدد قدرات الجماعة المسلحة في المنطقة. الوضع الحالي يثير قلقًا بالغًا بشأن استقرار لبنان والمنطقة بشكل عام، خاصة مع اقتراب الانتخابات التشريعية في عام 2026.
تصعيد التوترات بين إسرائيل وحزب الله
استهدفت الغارات، وفقًا لما ذكرته وكالة أسوشيتد برس نقلاً عن الجيش الإسرائيلي، مواقع تابعة لحزب الله تستخدم في التدريب وحفظ الدورات التدريبية لأعضائه، بالإضافة إلى مخازن الأسلحة التابعة للجماعة. يأتي هذا التصعيد قبيل اجتماع للجنة التي تراقب تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة والذي أنهى الحرب بين إسرائيل وحزب الله قبل عام. ويضم هذا التحالف الولايات المتحدة وفرنسا وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة المنتشرة على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية.
الاجتماعات الدبلوماسية والجهود المبذولة
من المقرر أن يشارك مسؤولون أمريكيون وسعوديون وفرنسيون في اجتماع مع قائد الجيش اللبناني، الجنرال رودولف هايكال. ويهدف هذا الاجتماع، وفقًا لأسوشيتد برس، إلى بحث سبل دعم الجيش اللبناني لتعزيز وجوده في المنطقة الحدودية. وتأتي هذه الجهود بالتزامن مع مساعي دبلوماسية أخرى تهدف إلى تخفيف حدة التوتر.
في المقابل، تشير رويترز، نقلاً عن دبلوماسيين ومسؤولين أوروبيين ولبنانيين، إلى أن الاجتماع في باريس يهدف أيضًا إلى ردع إسرائيل عن التصعيد. ويعرب المسؤولون عن قلقهم بشأن احتمال حدوث شلل سياسي وتدخل المصالح الحزبية، مما قد يعيق الرئيس اللبناني جوزيف عون عن الضغط من أجل نزع سلاح حزب الله، مع استعداد البلاد للانتخابات التشريعية في عام 2026.
تحذيرات إسرائيلية ومخاوف من التصعيد
حذرت إسرائيل حزب الله من “اللعب بالنار”، وطالبت لبنان باتخاذ إجراءات حاسمة بشأن سلاح الجماعة. وقبل هذه الغارات، صرحت إسرائيل بأنها قتلت عنصرًا من حزب الله في جنوب لبنان، مدعية أنه كان يجمع معلومات استخباراتية حول أنشطة الجيش الإسرائيلي في المنطقة و”شارك في محاولات حزب الله لإعادة بناء بنيته التحتية”، وفقًا لبيان صادر عن الجيش الإسرائيلي.
وصرح رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، أن الغارات كانت “رسالة إسرائيلية إلى اجتماع باريس”، وفقًا لأسوشيتد برس. وأضاف خلال اجتماع للبرلمان في بيروت أن “حزام النار من الغارات الجوية الإسرائيلية هو لتكريم آلية الاجتماع غدًا”. هذا التصريح يشير إلى أن الغارات كانت بمثابة إشارة سياسية واضحة.
الوضع السياسي في لبنان وتأثيره على حزب الله
أعلنت الحكومة اللبنانية أنها تتوقع أن يتم تطهير المنطقة الحدودية جنوب نهر الليطاني من أي وجود مسلح لحزب الله بحلول نهاية العام. ومع ذلك، يثير الوضع السياسي المعقد في لبنان، بما في ذلك الانقسامات الطائفية والمصالح الحزبية، شكوكًا حول قدرة الحكومة على تنفيذ هذا الالتزام بشكل كامل. حزب الله يظل قوة سياسية وعسكرية رئيسية في لبنان، ونزع سلاحه يمثل تحديًا كبيرًا.
نزع سلاح حزب الله هو قضية حساسة للغاية في لبنان، حيث يعتبره البعض ضروريًا لتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي، بينما يرى آخرون أنه حق شرعي للمقاومة ضد إسرائيل. هذا الانقسام يعقد جهود الحكومة والمجتمع الدولي للتوصل إلى حل لهذه القضية. الوضع الأمني في المنطقة يتطلب حذرًا شديدًا وتنسيقًا وثيقًا بين جميع الأطراف المعنية.
الانتخابات التشريعية اللبنانية في عام 2026 ستكون حاسمة في تحديد مستقبل العلاقة بين إسرائيل وحزب الله. قد تؤدي نتائج الانتخابات إلى تغيير في السياسات الحكومية تجاه الجماعة المسلحة، مما قد يؤثر على مسار الصراع في المنطقة. التوترات الحدودية بين إسرائيل ولبنان مستمرة منذ سنوات، وتشكل تهديدًا دائمًا للأمن والاستقرار الإقليمي.
من المتوقع أن تستمر الجهود الدبلوماسية خلال الأيام القادمة لتهدئة التوترات ومنع التصعيد. ومع ذلك، يبقى الوضع هشًا وغير مؤكد، ويتطلب مراقبة دقيقة. سيكون من المهم مراقبة رد فعل حزب الله على الغارات الإسرائيلية، وكذلك التطورات السياسية في لبنان، لتقييم المخاطر المحتملة على الأمن الإقليمي.










