أعلنت المفوضية الأوروبية عن حزمة تشريعية جديدة تهدف إلى مكافحة تهريب المخدرات، وهي جريمة متنامية تؤثر بشكل متزايد على حياة المواطنين الأوروبيين من خلال العنف والفساد وتلوث البيئة واستغلال الاقتصاد القانوني. وتعتبر مكافحة تهريب المخدرات أولوية قصوى للاتحاد الأوروبي في الوقت الحالي، حيث تشهد معدلات الاستخدام ارتفاعًا ملحوظًا.
مكافحة تهريب المخدرات: استجابة أوروبية متكاملة
أفاد مفوض الشؤون الداخلية بالاتحاد الأوروبي، ماغنوس برونر، يوم الأربعاء، بأن استخدام المخدرات غير المشروعة يزداد بشكل كبير في الاتحاد الأوروبي، وأن الوضع وصل إلى “نقطة أزمة”. وتشير الإحصائيات إلى وفاة حوالي 7500 شخص في أوروبا سنويًا بسبب تعاطي المخدرات، وفقًا لبيانات المفوضية.
في عام 2023 وحده، تم ضبط 419 طنًا من الكوكايين في جميع أنحاء أوروبا، ويتم تفكيك أكثر من 500 مختبر لإنتاج المخدرات الاصطناعية سنويًا. وتشير التقديرات إلى أن أكثر من نصف الشبكات الإجرامية الأكثر تهديدًا متورطة في تهريب المخدرات، مما يستدعي استجابة قوية ومنسقة.
استراتيجية الاتحاد الأوروبي لمكافحة المخدرات
لمواجهة هذه الشبكات، قدمت المفوضية استراتيجية أوروبية للمخدرات وخطة عمل لمكافحة تهريب المخدرات تتضمن 19 إجراءً تشغيليًا رئيسيًا. تركز هذه الاستراتيجية على تعزيز التعاون الدولي مع الدول الثالثة وزيادة التعاون بين سلطات إنفاذ القانون والقضاء والجمارك في الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي.
بالإضافة إلى ذلك، شدد برونر على أهمية تكييف التدابير المضادة لمواكبة المسارات والأساليب المتطورة التي تستخدمها الشبكات الإجرامية. وأشار إلى أن مهربي المخدرات يستخدمون أحدث التقنيات، وبالتالي يجب التركيز أيضًا على الابتكار لهزيمتهم.
الابتكار والتكنولوجيا في مواجهة الجريمة المنظمة
أعلنت المفوضية عن إطلاق “حرم ابتكار” لاختبار التقنيات المتطورة لتعطيل تهريب المخدرات في عام 2026. ويشمل ذلك استخدام الأصول الجوية، والصور الفضائية عالية الدقة، والطائرات بدون طيار، والتي ستوفرها وكالة الحدود وخفر السواحل الأوروبية (فرونتكس). يهدف هذا الحرم إلى تسريع تطوير ونشر حلول تكنولوجية جديدة لمكافحة الجريمة المنظمة.
ومع ذلك، لا يقتصر الأمر على التكنولوجيا. تتضمن الخطة أيضًا مبادرات لمنع الجريمة وتقليل العنف المرتبط بالمخدرات بين الشباب. واقترحت المفوضية منصة على مستوى الاتحاد الأوروبي لربط الخبراء في جميع أنحاء أوروبا لمكافحة التجنيد عبر الإنترنت، بينما ستساعد قاعدة بيانات جديدة للمواد على مستوى الاتحاد الأوروبي السلطات الوطنية على تحديد المخدرات الناشئة بشكل أفضل.
دور اليوروبول وتعزيز التعاون
سيلعب اليوروبول دورًا حاسمًا في تعزيز تبادل المعلومات الاستخباراتية وتنسيق التحقيقات المشتركة، وفقًا لتصريحات المفوض برونر. وأكد على أن الاتحاد الأوروبي منسق بشكل وثيق مع الدول الأعضاء، ويسعى لمساعدتهم على إنجاز المهمة. ويعتبر التعاون الوثيق بين الدول الأعضاء أمرًا ضروريًا لنجاح هذه الاستراتيجية.
تتضمن خطة العمل أيضًا تعزيز التعاون مع الدول المصدرة للمخدرات، بهدف معالجة الأسباب الجذرية للمشكلة وتقليل العرض. ويشمل ذلك تقديم المساعدة التقنية والمالية للدول التي تعاني من مشاكل المخدرات، وتعزيز سيادة القانون ومكافحة الفساد.
تعتبر مكافحة تهريب المخدرات تحديًا معقدًا يتطلب نهجًا شاملاً ومتعدد الأوجه. بالإضافة إلى ذلك، فإن مكافحة الجريمة المنظمة تتطلب أيضًا معالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي تساهم في تعاطي المخدرات.
من المتوقع أن يتم مناقشة هذه الحزمة التشريعية من قبل البرلمان الأوروبي ومجلس الاتحاد الأوروبي في الأشهر المقبلة. ومن المتوقع أن يتم اعتمادها بحلول نهاية عام 2026. ومع ذلك، لا تزال هناك بعض النقاط التي تحتاج إلى توضيح، مثل توزيع التكاليف بين الدول الأعضاء وتحديد آليات الرقابة والتقييم. ومن المهم مراقبة التطورات المستقبلية لضمان تنفيذ هذه الاستراتيجية بشكل فعال وتحقيق النتائج المرجوة.










