تصاعدت حدة التوتر بين الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا خلال قمة مجموعة العشرين في جوهانسبرغ، حيث وجهت واشنطن انتقادات لاذعة لبريتوريا بسبب طريقة تعاملها مع تسليم رئاسة المجموعة. وتأتي هذه الخلافات في ظل غياب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن القمة، احتجاجًا على ما وصفه بالتمييز العرقي ضد البيض في جنوب أفريقيا، مما أثار جدلاً واسعًا حول مستقبل مجموعة العشرين ودورها العالمي.
أعلنت الإدارة الأمريكية عن استيائها الشديد من رفض الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا السماح لمسؤول أمريكي رفيع المستوى بتولي رئاسة المجموعة بشكل رمزي في حفل الاختتام. ووفقًا لنائبة المتحدثة باسم البيت الأبيض، آنا كيلي، فإن هذا الرفض، بالإضافة إلى محاولة جنوب أفريقيا إصدار إعلان قادة المجموعة على الرغم من اعتراضات واشنطن، يكشف عن “استغلال” بريتوريا لرئاستها لتقويض مبادئ المجموعة.
خلافات حول تسليم رئاسة مجموعة العشرين
كان من المفترض أن تتولى الولايات المتحدة رئاسة مجموعة العشرين في عام 2026، لكن موقف الرئيس رامافوزا أثار تساؤلات حول سلاسة عملية الانتقال. وقد ذكرت مصادر إعلامية أن الرئيس رامافوزا صرح في البداية بأنه سيسلم المطرقة إلى “كرسي فارغ”، وهو ما اعتبرته واشنطن إهانة مباشرة.
في المقابل، دافع المتحدث باسم الرئيس رامافوزا عن موقف بلاده، مشيرًا إلى أن بريتوريا كانت تسعى إلى ضمان تمثيل عادل لجميع الدول الأعضاء في الإعلان الختامي للقمة. وأضاف أن الولايات المتحدة أبدت تحفظات على العديد من النقاط الهامة في الإعلان، بما في ذلك قضايا التغير المناخي والتعاون الاقتصادي.
انسحاب ترامب وتداعياته
قرار الرئيس ترامب بالانسحاب من قمة مجموعة العشرين كان له تأثير كبير على أجواء القمة. وبرر ترامب قراره بادعاءات حول التمييز العرقي ضد البيض في جنوب أفريقيا، وهو ما رفضته الحكومة الجنوب أفريقية بشدة واعتبرته اتهامات لا أساس لها من الصحة.
أثار هذا الانسحاب انتقادات واسعة من قبل العديد من القادة والخبراء، الذين اعتبروه تقويضًا لجهود التعاون الدولي. كما أثار تساؤلات حول التزام الولايات المتحدة بمجموعة العشرين ودورها في معالجة التحديات العالمية.
انتقادات إضافية حول الإعلان الختامي
بالإضافة إلى الخلافات حول تسليم الرئاسة، تعرض الإعلان الختامي لقمة مجموعة العشرين لانتقادات من جهات مختلفة. وانتقد كبير الحاخامات في جنوب أفريقيا، الدكتور وارن غولدشتاين، الإعلان لعدم إدانته “الحرب الجهادية” ضد المسيحيين في أفريقيا، واصفًا ذلك بأنه “وصمة عار أخلاقية”. وأشار إلى أن الإعلان تجاهل الأزمات الإنسانية التي تواجه المجتمعات المسيحية في دول مثل نيجيريا ومالي والكونغو الديمقراطية.
في المقابل، أكد الإعلان الختامي على أهمية احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع دون تمييز، وإدانة الإرهاب بجميع أشكاله. لكن الدكتور غولدشتاين اعتبر أن هذه التصريحات عامة وغير كافية لمعالجة الأزمة الحادة التي يعيشها المسيحيون في أفريقيا.
وقد أعلنت جنوب أفريقيا رسميًا عن غياب الولايات المتحدة عن هذه القمة، حيث اقتصر الوجود الأمريكي على العلم الأمريكي في مركز الإعلام.
في نهاية المطاف، تم إصدار الإعلان الختامي لقمة مجموعة العشرين في جنوب أفريقيا، مع إشارة وحيدة للدين، حيث يدين “جميع الهجمات ضد المدنيين والبنية التحتية”. ويؤكد الإعلان أيضًا على ضرورة التزام جميع الدول بميثاق الأمم المتحدة، بما في ذلك الامتناع عن استخدام القوة أو التهديد بها لتحقيق مكاسب إقليمية، وتعزيز العلاقات الودية بين الدول، بما في ذلك احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع دون تمييز.
من المتوقع أن تستضيف الولايات المتحدة قمة مجموعة العشرين في عام 2026 في منتجع ميامي دورال في فلوريدا، خلال عام الذكرى السنوية للبلاد. ومع ذلك، لا يزال مستقبل مجموعة العشرين غير واضح في ظل التوترات المتزايدة بين الدول الأعضاء، خاصة بين الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا. سيكون من المهم مراقبة كيفية تطور هذه الخلافات وتأثيرها على قدرة المجموعة على معالجة التحديات العالمية الملحة، مثل التنمية الاقتصادية والتغير المناخي والأمن الإقليمي.










