انخفض مستوى التفاؤل بشأن مستقبل الاتحاد الأوروبي بين الأوروبيين، على الرغم من أن أكثر من نصفهم لا يزالون يشعرون بالأمل. هذا ما كشف عنه استطلاع Eurobarometer الأخير، والذي أظهر انخفاضًا في مستويات التفاؤل بنسبة ست نقاط مئوية مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. يشير هذا الانخفاض في التفاؤل الأوروبي إلى قلق متزايد بين المواطنين بشأن قدرة الاتحاد على مواجهة التحديات الحالية.
أظهر الاستطلاع، الذي شمل دولًا أعضاء في الاتحاد الأوروبي، تراجعًا واسع النطاق في المشاعر الإيجابية. مالطا والنمسا وإيطاليا واليونان كانت من بين الدول التي شهدت أكبر انخفاض في مستويات التفاؤل. ومع ذلك، لا يزال أكثر من نصف الأوروبيين يعربون عن شعورهم بالأمل في مستقبل الاتحاد.
تراجع الثقة في الاتحاد الأوروبي: الأسباب والتداعيات
وفقًا للتحليلات، يميل التفاؤل بشأن مستقبل الاتحاد الأوروبي إلى أن يكون أعلى بين الشباب. ويرى الخبراء أن هذا يعكس اختلاف وجهات النظر بين الأجيال، حيث أن الشباب لا يزالون يبنون توقعاتهم، بينما يمكن للمواطنين الأكبر سنًا قياس الاستجابة الحالية للاتحاد الأوروبي مقابل اللحظات السابقة التي أظهر فيها الاتحاد المزيد من التصميم في الدفاع عن مصالحه وقيمه.
نقاط القوة الرئيسية للاتحاد الأوروبي
أظهر الاستطلاع أن الأوروبيين يعتقدون أن القوة الرئيسية للاتحاد الأوروبي تكمن في احترامه للديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون، حيث ذكر 36٪ من المستجيبين ذلك. في 16 دولة عضو، كانت هذه هي القوة الأفضل للاتحاد الأوروبي، مع تسجيل أعلى النسب في لوكسمبورغ والدنمارك والبرتغال.
بالإضافة إلى ذلك، أشاد الأوروبيون بالقوة الاقتصادية والصناعية والتجارية للاتحاد الأوروبي، حيث ذكرت خمس دول عضو أنها القوة الأفضل. وقد سجلت أيرلندا وهولندا وليتوانيا وسلوفينيا وفرنسا أعلى النسب في هذا الصدد.
كما أشار أكثر من ربع المستجيبين إلى أن العلاقات الجيدة والتضامن بين دول الاتحاد الأوروبي هي أفضل ما يميزه. وكانت أعلى نسبة من المستجيبين الذين يشاركون هذا الرأي في فنلندا، بينما كانت الأدنى في إيطاليا والمجر.
التحديات الرئيسية التي تواجه الاتحاد الأوروبي
يرى ما يقرب من نصف المستجيبين في الاتحاد الأوروبي أن الحرب في أوكرانيا لا تزال التحدي الأكبر الذي يواجهه الاتحاد، وذلك بالتزامن مع ظهور مقترح سلام أمريكي جديد لإنهاء الغزو الروسي لأوكرانيا. وقد اعتبرت هذه الحرب التحدي الأكبر في 21 دولة عضو، مع تسجيل أعلى النسب في ليتوانيا وفنلندا والدنمارك.
في هذا السياق، حذرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين من أن الاتحاد الأوروبي لديه ثلاثة معايير رئيسية لأي اتفاق سلام. وأكدت أن الحدود لا يمكن تغييرها بالقوة، وأنه لا يمكن أن تكون هناك قيود على القوات المسلحة الأوكرانية تجعل البلاد عرضة للهجوم في المستقبل، وأن مركزية الاتحاد الأوروبي في تأمين السلام لأوكرانيا يجب أن تنعكس بشكل كامل.
كما أكدت كايا كالاس، رئيسة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، على ضرورة أن يكون للأوروبيين مقعد على طاولة المفاوضات في أي مفاوضات سلام بين أوكرانيا وروسيا. وأوضحت أن أي خطة سلام يجب أن تحظى بدعم أوكرانيا وأوروبا.
تشمل التحديات الرئيسية الأخرى التي يذكرها الأوروبيون الهجرة غير النظامية (38٪) وتكاليف المعيشة والقضايا المناخية (29٪ لكل منهما). هذه القضايا تؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين وتزيد من شعورهم بالقلق وعدم اليقين.
تعزيز الاستقلالية الاقتصادية للاتحاد الأوروبي
أظهر الاستطلاع أن غالبية كبيرة من الأوروبيين يعتقدون أن الاتحاد الأوروبي يجب أن ينوع علاقاته التجارية مع دول حول العالم لتعزيز استقلاله الاقتصادي ودعم الشركات الأوروبية. 81٪ من المستجيبين وافقوا على أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يتخذ إجراءات لمساعدة الصناعات الأوروبية على أن تصبح أكثر تنافسية وتقليل انبعاثات الكربون، بينما وافق 82٪ على أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يتخذ إجراءات لدعم العدالة عبر المجموعات والأجيال الاجتماعية.
من المتوقع أن تستمر المفوضية الأوروبية في مناقشة هذه القضايا ووضع استراتيجيات لمعالجتها في الأشهر المقبلة. سيتم التركيز بشكل خاص على تعزيز القدرة التنافسية للصناعة الأوروبية وتحقيق أهداف الحياد المناخي. كما سيتم إيلاء اهتمام خاص لضمان العدالة الاجتماعية وتقليل التفاوتات بين الأجيال. يبقى من غير الواضح كيف ستتطور الأوضاع في أوكرانيا وتأثيرها على مستقبل الاتحاد الأوروبي، وهو ما يستدعي المتابعة والتحليل المستمر.










