ظهر أسطول “ظلام” ضخم يتكون من حوالي ألف ناقلة نفط، تتجنب العقوبات الدولية، كهدف جديد لواشنطن وكييف. وتعتبر هذه الناقلات، التي تحمل نفطًا إيرانيًا وفنزويليًا وروسيًا خاضعًا للعقوبات، شريان حياة للنظام في روسيا وفنزويلا، حيث تساهم في تمويل الحرب في أوكرانيا. وحذرت المحللة البحرية البارزة ميشيل ويزي بوكمان من المخاطر الجيوسياسية والكارثات البيئية المحتملة، مثل انسكاب النفط بقيمة مليار دولار، التي تشكلها هذه الناقلات.
ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات: تهديد متزايد للأمن البحري
تزايدت جهود الولايات المتحدة وأوكرانيا لاستهداف هذا الأسطول، مع قيام واشنطن بمصادرة ناقلات في فنزويلا وتنفيذ كييف ضربات بطائرات مسيرة بحرية في البحر الأسود. ويأتي هذا التحول في الاستراتيجية في ظل سعي البلدين إلى تعطيل مصادر الإيرادات التي تدعم روسيا، خاصةً في ظل استمرار الحرب في أوكرانيا. تعتبر هذه الناقلات بمثابة “منطقة رمادية” من العدوان، حيث تستغل ثغرات في القوانين الدولية لتجاوز العقوبات.
العمليات الأخيرة وتصعيد التوترات
في الآونة الأخيرة، استهدفت القوات الأوكرانية عدة ناقلات يُزعم أنها جزء من “الأسطول الظل” الروسي في البحر الأسود، وفقًا لوكالة رويترز. لم تكن هذه الناقلات تحمل النفط في وقت الهجوم، مما يشير إلى أن أوكرانيا تستهدف قدرة روسيا على نقل النفط بشكل عام. في الوقت نفسه، قامت القوات الأمريكية بمصادرة الناقلة “Skipper” في منطقة البحر الكاريبي، وهي ناقلة خاضعة للعقوبات عام 2022، بتهمة إخفاء موقعها.
وصفت فنزويلا مصادرة الناقلة “Skipper” بأنها “قرصنة”، مما أدى إلى تصعيد التوترات بين البلدين. وتشير التقديرات إلى أن الناقلة كانت تحمل 1.8 مليون برميل من النفط غير المؤمن عليه، مما يزيد من خطر وقوع كارثة بيئية بحرية كبيرة.
مخاطر السلامة البحرية والتأمين
تثير هذه الناقلات مخاوف كبيرة بشأن السلامة البحرية والبيئة. غالبًا ما تكون هذه السفن قديمة وغير صيانة بشكل صحيح، وتفتقر إلى التأمين اللازم. بالإضافة إلى ذلك، تقوم العديد من هذه الناقلات بتزوير هويتها ورفع أعلام دول أخرى بشكل غير قانوني، مما يجعلها “سفنًا بلا جنسية” ويصعب تتبعها ومساءلتها.
تستخدم بعض الناقلات أيضًا تقنيات التمويه لإخفاء موقعها الحقيقي، مما يزيد من صعوبة رصدها وتنفيذ العقوبات ضدها. هذا التلاعب بأنظمة تحديد الهوية الآلية (AIS) يمثل تهديدًا كبيرًا للملاحة البحرية ويزيد من خطر وقوع حوادث.
الجهود القانونية لمواجهة الأسطول المظلم
تستخدم الولايات المتحدة أدوات قانونية، مثل المادة 110 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، للتصدي لهذه الناقلات. تسمح هذه المادة بصعود السفن التي لا تحمل جنسية إلى السفن المشتبه بها لتقييم وضعها واتخاذ الإجراءات اللازمة.
تعتمد هذه الناقلات على مبدأ “الحق في المرور البريء” لتجنب الاعتراض، وهو مبدأ يسمح للسفن بالمرور عبر المياه الإقليمية للدول الأخرى دون تدخل. ومع ذلك، فإن استخدام هذه الناقلات لرفع أعلام مزورة أو عدم وجود تأمين يضعف هذا الحق ويجعلها عرضة للاعتراض.
تعتبر قضية ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات قضية معقدة تتطلب تعاونًا دوليًا لمواجهتها بفعالية. من المتوقع أن تستمر الولايات المتحدة وأوكرانيا في جهودهما لاستهداف هذا الأسطول، مع التركيز على تعطيل مصادر الإيرادات التي تدعم روسيا. ومع ذلك، فإن نجاح هذه الجهود يعتمد على قدرة الدول على فرض العقوبات بشكل فعال ومنع الناقلات من تغيير هويتها أو استخدام تقنيات التمويه.
في المستقبل القريب، من المهم مراقبة رد فعل روسيا وفنزويلا على هذه الإجراءات، وكذلك التطورات في التشريعات الدولية المتعلقة بالعقوبات البحرية. قد تشهد هذه القضية تطورات جديدة في الأشهر المقبلة، خاصةً مع استمرار الحرب في أوكرانيا وتزايد الضغوط على روسيا.









