أعلنت المفوضية الأوروبية يوم الأربعاء أنها ستقوم بمراجعة قانون الشبكات الأوروبية للطاقة العابرة للحدود، وذلك كجزء من خطة لتحديث شبكة الكهرباء في الكتلة والتي عفا عليها الزمن وتسريع إجراءات الحصول على التصاريح اللازمة للبنية التحتية وتخزين الطاقة ودمج مصادر الطاقة المتجددة. وتعتبر هذه المراجعة خطوة حاسمة نحو تحقيق أهداف الاتحاد الأوروبي في مجال التحول الطاقي وشبكات الطاقة المستقبلية.
وتعترف المفوضية الأوروبية بأن مسألة تقاسم التكاليف لتمويل الشبكات ستكون نقطة خلاف رئيسية بين الدول الأعضاء خلال المفاوضات حول مستقبل البنية التحتية للطاقة في الكتلة. وقد أثارت فرنسا في الماضي اعتراضات على المزيد من التكامل مع شبه الجزيرة الأيبيرية عبر جبال البرانس، مستشهدة بمخاوف إدارية واقتصادية وبيئية.
تحديث شبكات الطاقة الأوروبية: تحديات وفرص
من ناحية أخرى، لا تزال البرتغال وإسبانيا متصلتين بشكل غير كافٍ ببقية دول الاتحاد الأوروبي، وسيزيد الاتصال الأكبر بفرنسا بشكل كبير من قدرتهما على الصمود. وأكد مسؤول في المفوضية أن “مسألة تقاسم التكاليف ليست سهلة الحل وتتسبب في الكثير من التأخير”.
تهدف المفوضية إلى الترويج لإعلان سياسي مشترك بين فرنسا والبرتغال وإسبانيا في الربع الأول من عام 2026 لتأكيد بدء تنفيذ مشروع واحد على الأقل في جبال البرانس. ويأتي هذا في ظل سعي الاتحاد الأوروبي لتعزيز التعاون في مجال الطاقة بين الدول الأعضاء.
وأضاف المسؤولون في المفوضية أن “حافزًا كبيرًا” هو إمكانية تمويل هذه المشاريع من خلال مرفق الربط بين أوروبا، وهو صندوق يستخدم للمشاريع التي تساهم في التحول المناخي، والذي ستناقشه وزارات الطاقة في الاتحاد الأوروبي في 15 ديسمبر. ويعتبر هذا المرفق أداة مهمة لدعم مشاريع البنية التحتية للطاقة.
تكاليف ضخمة واستثمارات ضرورية
تقدر المفوضية الأوروبية أن تكلفة تحديث البنية التحتية لشبكة الكهرباء في الكتلة ستصل إلى 1.2 تريليون يورو بحلول عام 2040. وتشمل هذه التكاليف حوالي 730 مليار يورو للاستثمار في شبكات التوزيع و477 مليار يورو لشبكات النقل، وفقًا للمفوضية. وتؤكد هذه الأرقام على حجم التحدي الذي يواجهه الاتحاد الأوروبي.
لمواجهة حجم الخطة الإجمالية، اقترحت المفوضية زيادة بنسبة خمسة أضعاف في تمويل الاتحاد الأوروبي لهذه المشاريع في ميزانية الكتلة للفترة 2028-2034، من 5.84 مليار يورو إلى 29.91 مليار يورو. ويعكس هذا الالتزام الجدي بالتحول الطاقي.
تأخر التصاريح يعيق دمج الطاقة المتجددة
تعرض نظام التخطيط والترخيص الحالي للشبكة في الكتلة لانتقادات بسبب تجزئته وعدم كفايته للوتيرة المطلوبة للتوسع، وهو ما يمثل عقبة كبيرة أمام دمج الطاقة المتجددة وتحقيق هدف الحياد المناخي بحلول عام 2050. وتعتبر هذه القضية ذات أهمية خاصة في ظل الحاجة الملحة لزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة.
وأشارت المفوضية إلى أنه سيتم مراجعة القوانين المتعلقة بالطاقة المتجددة والغاز وتصميم سوق الكهرباء من قبل الهيئات التشريعية المشتركة للاتحاد الأوروبي للاستجابة بشكل أفضل لاحتياجات الربط البيني. ويهدف هذا إلى تبسيط الإجراءات وتسريع عملية الموافقة على المشاريع.
وقال كريستيان إيلر، المتحدث باسم مجموعة الشعب الأوروبي في لجنة الصناعة والبحث والطاقة في البرلمان الأوروبي، إن تحديث الشبكات الأوروبية أمر “حاسم” لخفض أسعار الطاقة، لكنه طلب أيضًا مزيدًا من الرقابة التنظيمية من الاتحاد الأوروبي – حتى في الحالات التي قد تتعارض فيها قراراته مع المعايير البيئية. ويعكس هذا التوازن بين الحاجة إلى الطاقة والاعتبارات البيئية.
وأضاف إيلر: “نحن بحاجة أيضًا إلى أن نكون أكثر جرأة في مسألة التصاريح. إن بعض الإعفاءات من أجزاء من التشريعات البيئية ليست كافية. نحن بحاجة إلى تغيير التشريعات الأساسية وعكس إجراءات التصريح. مشاريع الطاقة تساهم في التحول الطاقي؛ يجب ألا يعيقها الحماية البيئية.”
ورحب كريستيان روبي، الأمين العام لرابطة الصناعة الكهربائية Eurelectric، بحزمة الشبكات التي أعلنتها المفوضية وحث على التنفيذ العملي. وأكد على أهمية “التوجيه الدقيق للعملية لضمان القدرة على التنبؤ وثقة المستثمرين عبر قطاع الكهرباء بأكمله”.
من جهته، حث توم لويس، خبير السياسات الطاقية في منظمة Climate Action Network Europe غير الحكومية، قادة الاتحاد الأوروبي على الحفاظ على “حماية بيئية قوية”. وحذر من أن “إعادة فتح قانون الطاقة المتجددة في الكتلة وأحكامه البيئية المتعلقة بالتصاريح قد تحمل خطرًا حقيقيًا في تأخير النقل والتنفيذ، وبالتالي، قدرة أوروبا على نشر مصادر الطاقة المتجددة التي تحتاجها بشدة”.
من المتوقع أن تستمر المناقشات حول مقترحات المفوضية في الأشهر المقبلة، مع التركيز بشكل خاص على مسألة تقاسم التكاليف والإعفاءات البيئية المحتملة. وسيكون من المهم مراقبة مدى التوصل إلى توافق بين الدول الأعضاء حول هذه القضايا الرئيسية، حيث أن ذلك سيحدد سرعة ونجاح تحديث شبكات الطاقة الأوروبية.









