نشرت قناة يورونيوز الحلقة الخامسة من برنامجها الحواري الجديد “The Ring”، والذي يهدف إلى تقديم نسخة مصغرة من قاعة البرلمان الأوروبي للمشاهدين. وقد دار النقاش في هذه الحلقة، التي تم تسجيلها في البرلمان الأوروبي ببروكسل، حول دور الاتحاد الأوروبي في إنهاء الحرب في أوكرانيا، مع التركيز على ضرورة تعزيز القدرات الدفاعية للاتحاد، وهو موضوع الدفاع الأوروبي الذي يكتسب أهمية متزايدة في ظل التطورات الجيوسياسية الحالية.
شارك في الحلقة كل من النائبة في البرلمان الأوروبي عن حزب تجديد أوروبا، سينثيا ني مورشيو، والنائب المحافظ الروماني، كريستيان تيريش. على الرغم من اختلاف معتقداتهما السياسية بشكل كبير، اتفق السياسيان على العديد من النقاط المتعلقة بدور الاتحاد الأوروبي في الأزمة الأوكرانية، مع اختلاف في وجهات النظر حول أفضل السبل لتحقيق ذلك.
أهمية تعزيز الدفاع الأوروبي في ضوء الحرب في أوكرانيا
أكد كريستيان تيريش على ضرورة أن يزيد الاتحاد الأوروبي بشكل سريع من قدراته الدفاعية وأن يكون مستعدًا للحرب، مشيرًا إلى أن إظهار القوة هو رادع فعال ضد العدوان الروسي. وقال: “إذا أظهرت قوة، فلن تهاجمك روسيا. روسيا مثل الدب، الدب سيهاجم الحيوان الضعيف”. يأتي هذا الرأي في سياق تزايد المخاوف بشأن التهديدات الأمنية التي تواجه القارة الأوروبية.
وأضاف تيريش أنه كان ينبغي على الاتحاد الأوروبي أن يفعل المزيد ويكون أسرع في تقديم المساعدة لأوكرانيا. وتناغمت هذه التصريحات مع دعوات متزايدة لزيادة الدعم العسكري والمالي لأوكرانيا.
في المقابل، دافعت سينثيا ني مورشيو عن الجهود الدبلوماسية التي بذلها الاتحاد الأوروبي بقيادة كايا كالاس، مؤكدة على أهمية المفاوضات الجادة التي قادتها كالاس وفريقها. وقالت: “لا أقبل أي انتقاد. قد لا تظهر كايا كالاس في الصور، لكنني لا أعتمد على رؤيتها في الصور. أنا أعتمد عليها وفريقها في التفاوض بجد، وقد فعلوا ذلك. لم ينسحبوا”.
الخلاف حول النهج الأمثل لدعم أوكرانيا
يعكس هذا الجدل حول أفضل طريقة لدعم أوكرانيا انقسامًا أوسع في وجهات النظر داخل الاتحاد الأوروبي. يرى البعض أن التركيز يجب أن يكون على تعزيز القدرات العسكرية والردع، بينما يفضل آخرون إعطاء الأولوية للدبلوماسية والمساعدات الإنسانية.
ومع ذلك، اتفق الطرفان على أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يلعب دورًا حاسمًا في إنهاء الحرب، وأن استقرار أوكرانيا يمثل مصلحة حيوية لأوروبا. هذا الاتفاق على الأهداف العامة، على الرغم من الاختلاف في الوسائل، يسلط الضوء على التحديات التي تواجه الاتحاد الأوروبي في صياغة استجابة موحدة للأزمة.
تداعيات الحرب على سياسات الأمن الأوروبية
لقد أدت الحرب في أوكرانيا إلى إعادة تقييم شاملة لسياسات الأمن والدفاع في أوروبا. وقد أدت إلى زيادة الإنفاق العسكري في العديد من الدول الأعضاء، وإلى دعوات لإنشاء قوة عسكرية أوروبية مشتركة. كما سلطت الضوء على الاعتماد المفرط لأوروبا على الولايات المتحدة في مجال الأمن.
بالإضافة إلى ذلك، أدت الحرب إلى تسريع عملية توسيع الاتحاد الأوروبي لتشمل أوكرانيا ومولدوفا وجورجيا. ويرى المؤيدون أن التوسع سيساعد على تعزيز الاستقرار والأمن في المنطقة، بينما يثير المعارضون مخاوف بشأن التكاليف السياسية والاقتصادية. تعتبر قضية السيادة الأوروبية من القضايا التي برزت بشكل كبير في هذا السياق.
الجهود الدبلوماسية للاتحاد الأوروبي
لا يزال الاتحاد الأوروبي ملتزمًا بالحل الدبلوماسي للصراع في أوكرانيا. وقد أرسل مبعوثين خاصين إلى المنطقة لإجراء محادثات مع الأطراف المعنية، ويواصل الضغط على روسيا لإنهاء عدوانها. تتضمن الجهود الدبلوماسية أيضًا دعم وساطة الأمم المتحدة وغيره من الجهات الفاعلة الدولية.
ومع ذلك، يعترف الاتحاد الأوروبي بأن الحل العسكري قد يكون ضروريًا إذا فشلت الدبلوماسية. وقد بدأ في التخطيط لسيناريوهات مختلفة، بما في ذلك إمكانية نشر قوات حفظ سلام في أوكرانيا. تتطلب هذه الخطوات دراسة متأنية للتداعيات المحتملة.
الجدير بالذكر أن هذه المناقشات تأتي في وقت تشهد فيه الانتخابات الأوروبية اقترابها، مما يجعل الاستقرار السياسي في أوروبا أكثر أهمية من أي وقت مضى. ويتوقع أن تكون قضايا الأمن والدفاع من بين أهم القضايا التي ستطرح على الناخبين.
في الختام، يتضح أن الحرب في أوكرانيا قد أحدثت تحولاً عميقًا في المشهد الأمني الأوروبي. من المتوقع أن يستمر الاتحاد الأوروبي في تعزيز قدراته الدفاعية وتنسيق سياساته الأمنية مع حلفائه. في الأشهر المقبلة، من المهم مراقبة التقدم المحرز في المفاوضات الدبلوماسية وتطور الوضع الأمني على الأرض، بالإضافة إلى نتائج الانتخابات الأوروبية وتأثيرها على السياسات المستقبلية. لا تزال المنطقة في حالة عدم يقين، ويتطلب الأمر يقظة مستمرة وتخطيطًا دقيقًا لمواجهة التحديات القادمة.










