تشهد مدارس فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا تحقيقًا رسميًا بسبب تصاعد حالات معاداة السامية داخل الفصول الدراسية. وقد أعلنت السلطات المحلية عن قلقها العميق إزاء المناخ المتزايد المناهض لليهود، والذي يشمل اتهامات بنشر المعلمين لمعاداة السامية والموافقة على فعاليات تثير الفتنة والعزلة بين الطلاب اليهود. يركز التحقيق على مدى توافق ممارسات المنطقة التعليمية مع قوانين مكافحة التمييز، وخاصةً المادة السادسة من قانون الحقوق المدنية.
أعرب حاكم ولاية بنسلفانيا، جوش شابيرو، عن رفضه القاطع لأي شكل من أشكال معاداة السامية في المؤسسات التعليمية. مؤكدًا أن مثل هذه الأفعال “غير مقبولة على الإطلاق” ولا مكان لها في الولاية، وخاصةً في المدارس. وتأتي هذه التصريحات بعد تقارير متزايدة عن حوادث وتصريحات معادية للسامية في مدرسة فيلادلفيا العامة، وهي ثامن أكبر منطقة مدرسية في البلاد.
التحقيق في مدرسة فيلادلفيا: تصاعد حالات معاداة السامية
بدأ تحقيق الكونجرس في أعقاب هذه الاتهامات، حيث يسعى إلى تحديد ما إذا كانت هناك بيئة معادية للطلاب اليهود في المدارس. وقد تلقت لجنة التعليم والقوى العاملة بمجلس النواب الأمريكي العديد من الشكاوى التي تفيد بأن المنطقة التعليمية فشلت في الوفاء بالتزاماتها بموجب المادة السادسة، والتي تحظر التمييز على أساس العرق أو اللون أو الأصل القومي.
تشير الوثائق التي تم الحصول عليها إلى أن بعض المعلمين يدعمون ما يسمى بـ “المقاومة الفلسطينية”، وهو مصطلح يثير الجدل لارتباطه في بعض الأحيان بأعمال عنف وإرهاب. بالإضافة إلى ذلك، هناك ادعاءات بأن معلمين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي للتواصل مع الطلاب بشكل غير لائق، وهو ما يتعارض مع سياسة المنطقة التعليمية. هذا السلوك يعتبر خرقًا لسياسة الحياد المهني التي يجب على المعلمين الالتزام بها.
دور جماعة “معلمو فيلادلفيا من أجل فلسطين”
حصلت مصادر إخبارية على رسائل ومستندات من مجموعة خاصة على تطبيق “Signal” تضم معلمين من فيلادلفيا يدعمون القضية الفلسطينية. تتضمن هذه الوثائق ما يسمى بـ “التزامات التأصيل” التي تدافع عن جميع أشكال “المقاومة” الفلسطينية، وهو ما يعتبره البعض تبريرًا للعنف. وقد اتهم البعض المجموعة بتجنيد طلاب المدارس لدفع أجندتها السياسية.
هناك تقارير تشير إلى أن بعض المعلمين يتبنون وجهات نظر منحازة تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في فصولهم الدراسية. ويقولون إنهم يقللون من شأن تجارب اليهود ويعرضون مواد تعليمية مثيرة للجدل تحد من حرية التعبير وتزيد من انقسام الطلاب. وقد أثار هذا القلق مخاوف جدية بشأن الحياد والنزاهة الأكاديمية.
اتهامات موجهة لمسؤولين في المنطقة التعليمية
وجهت اتهامات محددة إلى إسماعيل جيمينيز، مدير المناهج الدراسية للتاريخ والعلوم الاجتماعية في المنطقة التعليمية. ويتهمه البعض بنشر آراء معادية للسامية على وسائل التواصل الاجتماعي وتقويض العلاقة التاريخية لليهود بأرض فلسطين. بالإضافة إلى ذلك، هناك ادعاءات بأن كازيا ريدجواي، وهي معلمة أخرى، قامت بتهديد الطلاب وأولياء الأمور اليهود عبر الإنترنت.
تشير التقارير إلى أن بعض المدارس قامت بإزالة خريطة لإسرائيل من المعروضات الثقافية، كما أن بعض المجموعات الطلابية بدأت في بيع شارات تحمل شعارات مثيرة للجدل مثل “من النهر إلى البحر”. ووصف ناشطون هذا الشعار بأنه يعبر عن معاداة السامية ويدعو إلى تدمير إسرائيل. وتثير هذه الأحداث تساؤلات حول مدى التزام المنطقة التعليمية بمكافحة التمييز وتعزيز التسامح.
في هذه الأجواء المتوترة، أعرب العديد من أولياء الأمور والمعلمين اليهود عن مخاوفهم من التعرض للانتقام إذا تحدثوا علنًا. ويفضلون البقاء مجهولين لحماية وظائفهم وسلامتهم الشخصية. وهذا يعيق جهود التحقيق ويجعل من الصعب تحديد مدى انتشار المشكلة الحقيقية.
وفي سياق متصل، يذكر أن منظمة “رابطة مكافحة التشهير” (ADL)، وهي منظمة أمريكية غير حكومية لمكافحة معاداة السامية والتمييز، وصفت شعار “من النهر إلى البحر” بأنه “شعار معاد للسامية” يستخدم في الحملات المعادية لإسرائيل.
تأتي هذه التطورات في أعقاب هجوم حركة “حماس” على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 1200 شخص، بينهم أكثر من 40 أمريكيًا. وقد أثار هذا الهجوم موجة من المشاعر القوية وتصاعد التوترات في جميع أنحاء العالم، ولا سيما في المدن التي تضم مجتمعات يهودية وفلسطينية كبيرة.
الخطوات التالية والرقابة المستمرة
في الوقت الحالي، ترفض السلطات المحلية التعليق على التحقيق، مشيرة إلى أن الأمر يتعلق بالمنطقة التعليمية وليس بالحكومة. ومع ذلك، فإن رد فعل حاكم الولاية يؤكد على اهتمام رفيع المستوى بهذه القضية. من المتوقع أن يقوم التحقيق بجمع الشهادات والوثائق وتقييم مدى توافق سياسات المنطقة التعليمية مع القوانين الفيدرالية. قد يؤدي هذا إلى إجراءات تصحيحية أو حتى عقوبات إذا تبين وجود مخالفات. يجب متابعة تطورات هذا التحقيق عن كثب، بالإضافة إلى أي خطوات تتخذها المنطقة التعليمية لمعالجة هذه المشكلة وضمان بيئة تعليمية آمنة وشاملة لجميع الطلاب، بما في ذلك الطلاب اليهود.










