أفادت تقارير إخبارية حديثة أن جهاز الاستخبارات البريطاني يحقق في دخول مشتبه بهما روسيين إلى المملكة المتحدة بشكل سري عبر سفن شحن تجارية. يشتبه في أن هذين الشخصين، واللذين يُعتقدان أنهما جواسيس روس، قد دخلا البلاد خلال فصلي الربيع والصيف الماضيين، مستغلين طرقًا غير تقليدية لتجنب الرقابة المشددة على نقاط الدخول الحدودية الرسمية. وتأتي هذه التطورات في ظل تصاعد التوترات بين المملكة المتحدة وروسيا.
ووفقًا لصحيفة “آي” البريطانية، فقد وصل المشتبه بهما إلى موانئ في توركواي وميدلزبرة وغرينجوث، وهي مناطق قريبة من قواعد عسكرية رئيسية وبنية تحتية حكومية حيوية. وتشير المصادر إلى أن هذه التحركات قد تكون جزءًا من عملية أوسع لجمع المعلومات أو التخطيط لأعمال تخريبية محتملة. كما أكد مصدر دفاعي بريطاني أن الرجلين مرتبطان بشبكات عسكرية واستخباراتية تابعة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
تحقيقات في أنشطة جواسيس روس داخل المملكة المتحدة
تعتبر هذه الحادثة بمثابة تذكير بالتحديات المستمرة التي تواجهها أجهزة الاستخبارات الغربية في مواجهة التهديدات الروسية. يأتي استخدام سفن الشحن التجارية كطريقة للتسلل خبيئةً في محاولة للالتفاف على الإجراءات الأمنية المعمول بها. وتشير الخبراء إلى أن هذه الطريقة قد تكون أكثر فعالية من محاولة دخول البلاد بشكل رسمي، حيث أن سفن الشحن تخضع لفحص أقل صرامة.
استغلال طرق الشحن التجارية
يبدو أن المشتبه بهما قد تمكنا من الوصول إلى البلاد من خلال استغلال نقاط ضعف في إجراءات الأمن البحري. فقد أوضح مسؤول كبير في حلف الناتو مسؤول عن حماية الممرات المائية الأوروبية، أن الاستخبارات رصدت عوامل روسية تسافر على متن سفن شحن لا تثير الشبهات. وهذه السفن، على حد تعبيره، توفر وسيلة مثالية لتحريك الأفراد بسرية تامة.
ولم تكن السفن التي استخدمها المشتبه بهما مسجلة تحت علم روسي، ولم تكن جزءًا من الأسطول “الخيالي” الخاضع للعقوبات والمتعلق بالكرملين، مما قلل من احتمالية لفت انتباه السلطات. ومع ذلك، تشير التقارير إلى أن وكالات الاستخبارات الروسية تراقب وتختبر الموانئ الأوروبية باستمرار لتحديد نقاط الضعف المحتملة.
مناطق الاهتمام: قواعد عسكرية وبنية تحتية حيوية
يشير التحقيق إلى أن أحد المشتبه بهما دخل المملكة المتحدة عبر توركواي قادمًا من فنلندا. بينما يُعتقد أن المشتبه به الآخر، والذي شوهد سابقًا في موسكو بالقرب من منشأة مرتبطة بالاستخبارات، قد سافر من كالينينغراد ودخل عبر ميدلزبرة وغرينجوث.
بعد قضاء بعض الوقت بالقرب من منشأة تخزين في غرينجوث، سافر هذا المشتبه به أيضًا إلى فالكيرك، حيث زار مركزًا تجاريًا. يجدر بالذكر أن كلا الميناءين البريطانيين قد اقترحا مؤخرًا من قبل وزارة الدفاع كمواقع محتملة لمصانع أسلحة مستقبلية في المملكة المتحدة. وهذا يزيد من المخاوف بشأن الآثار الأمنية المحتملة لهذه الزيارات.
وفي هذا السياق، صرحت إليزابيث براو من مجلس الاستخبارات والزميلة البارزة في المجلس الأطلسي بأن استغلال الاستخبارات الروسية لهذه الثغرات يبدو منطقيًا. وأضافت أن هذه الاستراتيجية لا تهدف فقط إلى جمع المعلومات، بل أيضًا إلى الحفاظ على وجود فعلي للعوامل الروسية داخل البلاد للقيام بأنشطة استخباراتية أخرى.
التهديدات الهجينة الروسية والرد عليها
تأتي هذه الحوادث في إطار أوسع من التهديدات الهجينة الروسية التي تستهدف الدول الغربية، بما في ذلك التجسس والتخريب والتدخل في الانتخابات. وتشمل هذه التهديدات أيضًا الهجمات الإلكترونية واستخدام المعلومات المضللة.
في وقت سابق من هذا الشهر، حذرت وزارة الدفاع البريطانية من أن سفينة تجسس روسية كانت تعمل على مقربة من المياه البريطانية. بينما يدرس حلف الناتو حاليًا استجابة “أكثر حزمًا” للتهديدات الهجينة الروسية، وفقًا لتقارير إعلامية.
كما تستخدم الولايات المتحدة فنلندا لسد “فجوة كاسحات الجليد” في القطب الشمالي مع توسع نفوذ روسيا والصين في المنطقة القطبية، مما يؤكد على أهمية التعاون الدولي في مواجهة التحديات الأمنية المتزايدة.
من المتوقع أن تواصل أجهزة الاستخبارات البريطانية التحقيق في أنشطة المشتبه بهما الروسيين وتحديد مدى تورطهما في أنشطة استخباراتية أو تخريبية. كما سيتم التركيز على تعزيز الأمن في الموانئ والبنية التحتية الحيوية لمنع تكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل. يبقى الوضع متطورًا، وسيتم مراقبة أي تطورات جديدة عن كثب.










