أكد رئيس لجنة عسكرية الاتحاد الأوروبي، الجنرال شون كلانسي، على ضرورة إعادة هيكلة استراتيجية الدفاع في ضوء الاستخدام المتزايد للطائرات بدون طيار في الصراعات، وخاصة في الحرب الأوكرانية، واختراق هذه الطائرات للمجال الجوي الأوروبي. وتأتي هذه التصريحات في الوقت الذي يستعد فيه الاتحاد الأوروبي لإطلاق مبادرة جديدة للدفاع عن نفسه ضد التهديدات الهجينة التي تمثلها الطائرات بدون طيار، وذلك بهدف تعزيز الاستعداد العملياتي والاستقلالية الاستراتيجية. وتم نشر التحديثات الأخيرة حول هذه المبادرة في 4 ديسمبر 2025.
تهديدات الطائرات بدون طيار وتوحيد الاستجابة الأوروبية
شهدت الحرب في أوكرانيا استخدامًا واسع النطاق للطائرات بدون طيار من كلا الجانبين، مما أظهر قدرتها على تغيير طبيعة المعارك الحديثة. وقد أدت هذه التطورات، بالإضافة إلى الحوادث المتزايدة المتعلقة باختراق المجال الجوي في دول مثل الدنمارك وبلجيكا وبولندا، إلى إدراك الحاجة الملحة إلى تعزيز الدفاعات الأوروبية ضد هذه التهديدات. وأشار الجنرال كلانسي إلى أن القضية تتعلق بأمن أوروبا بأكملها، وأن التعامل مع هذه التهديدات يتطلب مسؤولية جماعية.
مبادرة الدفاع عن الطائرات بدون طيار: نظرة عامة
أطلق الاتحاد الأوروبي مبادرة الدفاع عن الطائرات بدون طيار لمواجهة التحديات المتزايدة التي تشكلها التهديدات الهجينة. تهدف المبادرة إلى بناء شبكة متعددة الطبقات قادرة على اكتشاف وتتبع وتحييد الطائرات بدون طيار المعادية. بالإضافة إلى ذلك، تسعى المبادرة إلى تطوير قدرات هجومية دقيقة باستخدام منصات بدون طيار متقدمة، وستعتمد بشكل كبير على الخبرات المكتسبة من ساحة المعركة الأوكرانية.
وتشمل المبادرة أبعادًا مزدوجة، مما يعني أنه يمكن استخدامها في كل من السياقات العسكرية والمدنية. فبالإضافة إلى تعزيز الأمن الدفاعي، يمكن أيضًا استخدامها في مجالات مثل حماية الحدود والاستجابة للكوارث. ويعتبر التنسيق الوثيق بين الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو) أمرًا بالغ الأهمية لنجاح هذه المبادرة، حيث يركز كل من الطرفين على تحقيق التلاحم وتجنب الازدواجية.
وفقًا لتصريحات الجنرال كلانسي، من الضروري وجود علاقة أقوى بين الاتحاد الأوروبي والناتو. يجب أن يكون هناك تماسك في الجهود، وأن يتم تقليل التكرار قدر الإمكان. وتعد مبادرة الدفاع عن الطائرات بدون طيار وسيلة لتعزيز هذا التماسك بين المجتمع المدني والجيش والحلفاء. ويؤكد كلانسي على الدور الأساسي الذي يلعبه حلف الناتو في الدفاع عن أوروبا وردع أي تهديدات محتملة.
ويرى خبراء الأمن الأوروبي أن هذا التحول يمثل اعترافًا متزايدًا بضرورة الاستعداد لمواجهة التهديدات غير التقليدية. ففي الماضي، كانت الاستراتيجيات الدفاعية تركز بشكل كبير على التهديدات العسكرية التقليدية، لكن التطورات الأخيرة أظهرت أن التهديدات الهجينة، والتي غالبًا ما تتضمن استخدام الطائرات بدون طيار، يمكن أن تكون بنفس القدر من الخطورة، إن لم يكن أكثر.
كما أشار الجنرال كلانسي إلى أن الحرب في أوكرانيا أدت إلى تطور شكل من أشكال الحرب الخنادق جنبًا إلى جنب مع الاستخدام المكثف للطائرات بدون طيار، مما أدى إلى إبطاء وتيرة التقدم على الجبهة. وأكد على أهمية استعداد أوروبا للمرحلة التالية من تطور الحرب، والتي تتطلب استثمارات كبيرة في البحث والتطوير والابتكار. يُعد هذا الاستثمار ضروريًا لضمان حصول الاتحاد الأوروبي على الموارد اللازمة لمواجهة التحديات المستقبلية في مجال الحرب الحديثة.
وتسعى المبادرة إلى إرساء نهج متكامل في جميع أنحاء أوروبا، نظرًا لأن سلاح الطائرات بدون طيار قد تم استخدامه في مختلف الدول الأعضاء. ويقع على عاتق كل دولة عضو المسؤولية الأساسية عن حماية أجوائها ومواجهة هذه التهديدات.
جدول زمني للتنفيذ
من المتوقع إطلاق مبادرة الدفاع عن الطائرات بدون طيار في ربيع عام 2026. وستصل إلى قدرتها التشغيلية الأولية بحلول نهاية عام 2026، وتصبح جاهزة للعمل بشكل كامل بحلول نهاية عام 2027. يأتي هذا الجدول الزمني في إطار الجهود الأوسع التي يبذلها الاتحاد الأوروبي لتعزيز دفاعه وقدراته الأمنية في مواجهة التحديات المتزايدة.
ومع ذلك، لا تزال هناك بعض أوجه عدم اليقين بشأن التنفيذ الفعلي للمبادرة. تتعلق هذه الشكوك بشكل أساسي بتحديد التمويل اللازم وتنسيق الجهود بين الدول الأعضاء المختلفة. ومن المتوقع أن تشهد الأشهر القادمة مناقشات مكثفة حول هذه القضايا، وأن يتم اتخاذ قرارات حاسمة بشأن مستقبل مبادرة الدفاع عن الطائرات بدون طيار.










