فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على 12 شخصاً، من بينهم مسؤول سابق في إنفاذ القانون الأمريكي وعضوان من القوات المسلحة الفرنسية والسويسرية، وذلك يوم 15 ديسمبر، وذلك ردًا على حملة التضليل الروسية المستمرة ضد دول الاتحاد الشريك. وتأتي هذه الإجراءات في ظل تزايد المخاوف بشأن الدعاية الروسية وتأثيرها المحتمل على الرأي العام في أوروبا.
وتشمل العقوبات مواطنين روسيين بتهمة المشاركة في عمليات الحرب الهجينة التي تستهدف الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء. وتهدف هذه الخطوة إلى التصدي للجهود الروسية التي يسعى من خلالها إلى تقويض الثقة في المؤسسات الديمقراطية ونشر معلومات مضللة.
تأثير العقوبات على شبكات الدعاية الروسية
يشير خبراء إلى أن الأفراد الغربيين الذين تم استهدافهم استخدموا مناصبهم السابقة في الشرطة أو الجيش أو الاستخبارات للحصول على مصداقية، مما ساعدهم على نشر روايات مؤيدة لسياسات الكرملين. ويعزو المحللون قدرة هؤلاء الأفراد على الترويج لأفكارهم إلى استغلالهم لسمعتهم السابقة، مما يمنحهم سلطة تلقائية على الجمهور.
وقال هيرفي ليتوكويس، الرئيس التنفيذي لشركة Check First المتخصصة في رصد المعلومات المضللة، إن “المسيرات المهنية السابقة لهؤلاء الأفراد في مجال الاستخبارات والجيش تثير أفكارًا عن السرية، بالإضافة إلى مفهوم ‘الدولة العميقة’ في أذهان الجمهور”. وأضاف ليتوكويس، الذي ترأس سابقًا الوكالة الفرنسية للتدخل الرقمي الأجنبي Viginum، أن “حقيقة أن هؤلاء الأفراد لديهم هذه المهن السابقة تسمح لهم بالقول بأي شيء تقريبًا، مما يعني أنهم ليسوا مضطرين لإثبات أي شيء. إنه يمنحهم نوعًا من السلطة، حتى يتمكنوا من قول أي شيء يريدون.”
كسافيير مورو
يُعتبر كسافيير مورو، وهو ضابط سابق في الجيش الفرنسي ورجل أعمال، من أبرز ناشري “دعاية الكرملين” في أوروبا، وفقًا لتصريح وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو. حصل مورو على الجنسية الروسية في عام 2013، ويقيم في روسيا منذ عام 2000.
وقد قام مورو بنشر العديد من الروايات المؤيدة للكرملين التي تم دحضها، بما في ذلك الادعاء بأن الغزو الروسي لأوكرانيا تم تنفيذه بتوجيه من حلف شمال الأطلسي، وأن كييف كانت مسؤولة عن إسقاط الرحلة الجوية الماليزية MH17 في عام 2014.
في عام 2014، شارك مورو في ما يسمى باستفتاءات روسيا بشأن ضم شبه جزيرة القرم ومنطقة دونباس – والتي لم تعترف بها المجتمع الدولي – بصفته “مراقبًا أجنبيًا”. وفي العام نفسه، أطلق موقع “Stratpol” الإلكتروني، وقدم نفسه على أنه “خبير في التحليل السياسي والاستراتيجي”. ومنذ ذلك الحين، ظهر مورو كضيف في عدد من قنوات يوتيوب المتطرفة، بالإضافة إلى وسائل الإعلام الرئيسية مثل Sud Radio و LCI.
بالإضافة إلى ذلك، أجرى مورو مقابلات مع وسائل الإعلام الروسية مثل Sputnik و Russia Today France. بعد حظر نشره على حسابه في يوتيوب في عام 2022، بسبب انتهاك سياسات الكراهية في المنصة، أصبح مورو نشطًا على منصات البث Rumble و Odysee.
جاك بود
يُعد جاك بود، وهو ضابط سابق في الجيش السويسري ومحلل استراتيجي، الشخص السويسري الثاني الذي يتم استهدافه بعقوبات تتعلق بأنشطة الدعاية الروسية، بعد حظر المدونة المؤثرة السويسرية الكاميرونية ناتالي يامب من دخول الاتحاد الأوروبي في أبريل.
يظهر بود بانتظام في البرامج التلفزيونية والإذاعية المؤيدة لروسيا، ويقترح على سبيل المثال أن أوكرانيا قد خططت لغزوها بنفسها، كجزء من خطة للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.
وقال ليتوكويس إن “الأفراد الخاضعين للعقوبات يشتركون، بطريقة ما، في إعجابهم بالسلطة الاستبدادية. على سبيل المثال، أظهر جاك بود تعاطفًا مع بشار الأسد، وأنكر الانتهاكات التي ارتكبها نظامه”. وأضاف أن تأثير الدعاية التي ينشرها مورو وبود محدود نسبيًا، حيث “إنهم يستهدفون أو يسعون على الأقل إلى إقناع شريحة من السكان لديهم بالفعل ميول قوية نحو نظريات المؤامرة والقومية المتطرفة.”
لكنه لفت إلى أن ظهورهما الإعلامي قد يكون له تأثير أكبر، “حتى وقت قريب، كانت عدد من وسائل الإعلام – وخاصة في فرنسا – تمنحهما وقتًا للبث والسماح لهما بنشر رواياتهما المؤيدة للكرملين بانتظام، والوصول إلى شريحة من السكان التي قد تكون أقل قدرة على اكتشاف هذه الروايات.”
جون مارك دوغان
جون مارك دوغان، وهو مواطن أمريكي عمل كنائب لمأمور الشرطة في فلوريدا وهرب إلى موسكو في عام 2016، يقع أيضًا ضمن قائمة العقوبات.
وقد لعب دوغان دورًا رئيسيًا في تعزيز حملات التضليل المؤيدة للكرملين في جميع أنحاء أوروبا، ودعم أنشطة Storm-1516، وهي عملية دعائية روسية تهدف إلى تشويه سمعة الغرب وأوكرانيا. كما شارك في الترويج لشبكة CopyCop من مواقع الأخبار المزيفة، وهي عبارة عن منافذ على الإنترنت تحاكي عمل المؤسسات الإخبارية الشرعية من خلال مقاطع الفيديو والقصص، والتي ينتج الكثير منها باستخدام الذكاء الاصطناعي.
وتم الاشتباه في أن دوغان كان يدير شبكة تضم أكثر من 100 موقع ويب يعتمد على الذكاء الاصطناعي قبل الانتخابات الفيدرالية المبكرة في ألمانيا في فبراير. وتشير تقارير من السلطات الغربية، بالإضافة إلى التحقيقات الصحفية، إلى أن دوغان مرتبط بوكالة عسكرية روسية، بالإضافة إلى مركز الخبرة الجيوسياسية، وهو مركز أبحاث مقرّه موسكو، وقد تم ربطه بعمليات المعلومات والتلاعب التي تستهدف الغرب وأوكرانيا.
من المتوقع أن يواصل الاتحاد الأوروبي مراقبة وتقييم أنشطة الدعاية الروسية، وقد يفرض المزيد من العقوبات على الأفراد والكيانات المتورطة. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح مدى فعالية هذه الإجراءات في الحد من انتشار المعلومات المضللة والتأثير على الرأي العام. ومن الأهمية بمكان متابعة التطورات في هذا المجال لتقييم المخاطر المحتملة وتحديد الاستراتيجيات الفعالة لمواجهتها.










