أظهر تقرير حديث صادر عن محكمة حسابات الاتحاد الأوروبي (ECA) وجود قصور في تحقيق الأهداف المرجوة من صناديق الاتحاد الأوروبي المخصصة للبيئة، والتي تهدف إلى دعم مشاريع رئيسية لمواجهة تحديات تغير المناخ. ووفقًا للتقرير، فإن تأثير هذه الصناديق، والتي تركز على مجالات مثل استعادة الطبيعة، غير واضح المعالم، مما يثير تساؤلات حول فعاليتها في تحقيق الأهداف البيئية الطموحة للاتحاد الأوروبي.
يهدف برنامج LIFE، وهو البرنامج الرئيسي للاتحاد الأوروبي لحماية البيئة، إلى مساعدة الدول الأعضاء على تنفيذ قوانين العمل المناخي، بما في ذلك تدابير لحماية الموائل الطبيعية والموارد المائية وجودة الهواء. وقد راجعت محكمة الحسابات الأوروبية 22 مشروعًا في فنلندا وبولندا وإسبانيا، وخلصت إلى أن تأثيرها “غير واضح”.
تقييم غير واضح لصناديق الاتحاد الأوروبي المخصصة للبيئة
وأشار التقرير إلى أن هذا النقص في الوضوح يقلل من الفوائد التي تعود على الدول والمناطق التي تلقت تمويلًا للمشاريع. بالإضافة إلى ذلك، أوضحت المحكمة أن الدروس المستفادة وأفضل الممارسات نادرًا ما تتم مشاركتها، مما يحد من فرص التكرار والتأثير الأوسع.
كما وجدت المحكمة “نقاط ضعف” في طريقة ترتيب نتائج الاستدامة لبعض المشاريع. وذكرت أن العديد من المشاريع تم اختيارها دون مراعاة الاحتياجات البيئية والمناخية الأكثر إلحاحًا للدول الأعضاء، مما يثير تساؤلات حول عملية تحديد الأولويات.
وجاء في تقرير محكمة حسابات الاتحاد الأوروبي: “لا تسمح مناهج المراقبة الحالية بتقييم كافٍ للمساهمة التي تقدمها مشاريع LIFE الاستراتيجية في الأهداف البيئية والمناخية للاتحاد الأوروبي”.
وصرحت جويل إلفينجر، عضو محكمة حسابات الاتحاد الأوروبي المسؤولة عن التدقيق، بأن مشاريع LIFE الاستراتيجية تهدف إلى تقديم دعم قيم وجذب تمويل إضافي. ومع ذلك، أعربت عن أسفها لـ “عدم الاتساق” في مراقبة وتقارير الأموال الإضافية من المصادر الوطنية أو الخاصة.
ضعف التقارير وتأثير غير واضح
وانتقدت محكمة حسابات الاتحاد الأوروبي أيضًا السلطة التنفيذية للاتحاد الأوروبي لعدم تقديم المبالغ التي تم إنفاقها بالفعل لكل مشروع، بل تقديم التوقعات فقط. وأشارت إلفينجر إلى أن “نقاط الضعف لا تزال قائمة في تحديد الأولويات والمراقبة ومشاركة النتائج، وغالبًا ما تكون الآثار طويلة المدى والفوائد المستدامة للمشاريع غير واضحة”.
يأتي هذا التحذير من مدققي الاتحاد الأوروبي بشأن المراقبة غير الكافية لصناديق المناخ الرئيسية في الاتحاد الأوروبي بعد إعلان المفوضية عن تمويل إضافي بقيمة 358 مليون يورو لـ 123 مشروعًا في إطار برنامج LIFE. وبين عامي 2014 و 2020، منح البرنامج 70 مشروعًا استراتيجيًا تمويلًا بقيمة 701 مليون يورو، ومنذ عام 2021، تم تخصيص 436 مليون يورو لـ 25 مشروعًا آخر.
في مراجعة لبرنامج LIFE عام 2024، ذكرت المفوضية الأوروبية أنها حسّنت الوضع الحفظي لـ 435 نوعًا وقللت من تلوث غازات الاحتباس الحراري وأكاسيد النيتروجين، مما حقق عائدًا عشرة أضعاف على الاستثمار البالغ 3.46 مليار يورو خلال الفترة من 2014 إلى 2020.
تحويل صناديق المناخ إلى الصناعة
ومع ذلك، فقد حظي برنامج LIFE، وهو البرنامج الرائد لحماية البيئة في الاتحاد الأوروبي، باهتمام متزايد منذ أن اقترحت المفوضية هذا الصيف دمج تمويل LIFE في إطار الميزانية الجديدة للفترة 2028-2034 في صناديق التماسك والتنافسية الجديدة.
وصف باتريك تن برينك، الأمين العام للمنظمة غير الحكومية البيئية الأوروبية (EEB)، خطط السلطة التنفيذية للاتحاد الأوروبي بأنها “تخريب”. وأضاف: “إن إلغاء برنامج LIFE ودمج ما تبقى منه في صندوق تنافسية أوسع، مع تجريد التنوع البيولوجي والبيئة، سيقوض واحدة من أكثر أدوات الاتحاد الأوروبي فعالية في الوقت الذي نحتاجها فيه بشدة، على الرغم من التكاليف الهائلة لعدم اتخاذ أي إجراء”.
وقالت بروكي مور، محللة الأبحاث في مركز السياسات الأوروبية، إن قرار المفوضية يخاطر بتهميش التنوع البيولوجي لصالح الأولويات الصناعية. وأوضحت: “لقد تم استيعاب برنامج LIFE الآن في الصندوق الأوروبي للتنافسية، مع حصر التنوع البيولوجي إلى حد كبير في تسميات أضيق مثل ‘الاقتصاد الحيوي‘، كما أنه ينتشر عبر خطوط ميزانية أخرى مختلفة”.
أكدت المفوضية بشكل غير مباشر لـ Euronews أن تمويل برنامج LIFE سيتم دمجه مع برامج تمويل أخرى للاتحاد الأوروبي. وأفاد متحدث باسم المفوضية: “ستستمر الأهداف والإجراءات التي تم تمويلها سابقًا من خلال LIFE في التمويل في إطار ميزانية الاتحاد الأوروبي للفترة 2028-2036 من خلال الخطط الوطنية والإقليمية والشراكات، ومن خلال الصندوق التنافسي”.
ومع استمرار المناقشات حول ميزانية الاتحاد الأوروبي متعددة السنوات، تسعى بعض الدول الأعضاء إلى عكس هذا التغيير. وقال دبلوماسي من الاتحاد الأوروبي، طلب عدم الكشف عن هويته، إن المساس ببرنامج LIFE لم يكن “النهج الأكثر بناءً”. وأضاف: “نفضل أن يظل برنامج LIFE بمثابة ‘علامة تجارية’ مستقلة، لكن المناقشات لا تزال جارية”.
من المتوقع أن تستمر المناقشات حول ميزانية الاتحاد الأوروبي للفترة 2028-2034 في الأشهر المقبلة، مع التركيز بشكل خاص على مستقبل تمويل البيئة والتنوع البيولوجي. وستراقب الدول الأعضاء والمنظمات غير الحكومية عن كثب ما إذا كانت المفوضية ستعيد النظر في قرارها بدمج برنامج LIFE في صناديق أخرى، وما إذا كانت ستضمن تخصيص موارد كافية لحماية البيئة وتحقيق أهداف المناخ الطموحة للاتحاد الأوروبي.










