انتشرت مؤخرًا على منصة “إكس” (تويتر سابقًا) ادعاءات تفيد بأن الدنمارك قد فرضت حدًا أدنى للذكاء يبلغ 85 نقطة للمتبرعين بالحيوانات المنوية، مما أثار جدلاً واسعًا وتداولًا للعديد من الميمات. ومع ذلك، فإن هذه الادعاءات مضللة. ففي حين أن الدنمارك لا تفرض قانونيًا شرطًا للذكاء على المتبرعين، إلا أن جميع المتبرعين يخضعون لتقييم شامل للمخاطر وفحص للتاريخ الطبي لاستبعاد أي عوامل وراثية محتملة. هذا الخبر يثير تساؤلات حول معايير اختيار متبرعي الحيوانات المنوية.
تُعرف الدنمارك بسياساتها الليبرالية المتعلقة بالتبرع بالحيوانات المنوية، حيث يوجد بها ما لا يقل عن دزينة من بنوك الحيوانات المنوية النشطة، على الرغم من عدم وجود سجل عام رسمي لهذه البنوك. من بين أكبر هذه البنوك وأكثرها شهرة على المستوى الدولي بنك “European Sperm Bank” وبنك “Cryos International”، الذي يُوصف بأنه “أكبر بنك للحيوانات المنوية والبويضات في العالم”.
معايير اختيار متبرعي الحيوانات المنوية في الدنمارك: ما هو صحيح وما هو مضلل؟
أفاد بنك “Cryos International” أن المتبرعين يجب أن يكونوا بين سن 18 و 45 عامًا، وأن يتمتعوا بصحة جسدية وعقلية جيدة، وأن يخضعوا لفحوصات قانونية وطبية، وأن يكونوا مقيمين في الدنمارك أثناء عملية التبرع. تسمح اللوائح الدنماركية للمتبرع الواحد بالتبرع لما يصل إلى 12 عائلة.
في عام 2011، تبنى بنك “Cryos” شرطًا إضافيًا، حيث رفض المتبرعين ذوي الشعر الأحمر، وذلك لأن البنك كان يمتلك بالفعل مخزونًا كافيًا من هذا النوع. هذا القرار أثار جدلاً حول معايير الاختيار غير التقليدية.
بنك “European Sperm Bank” يتبنى نفس متطلبات العمر، ويؤكد أن المتبرعين يخضعون لـ “عملية فحص شاملة” للتحقق من الأمراض الوراثية الخطيرة والالتهابات المنقولة جنسيًا.
ومع ذلك، هناك بنك واحد يفرض شرط الذكاء: “Donor Network”، وهو بنك حيوانات منوية يقع في مدينة أرهوس. أكد الرئيس التنفيذي للبنك أنهم يطلبون حدًا أدنى للذكاء يبلغ 85 نقطة، ويرفضون أيضًا المتبرعين الذين لديهم سجل جنائي.
صرح الرئيس التنفيذي لـ “Donor Network”، ياكوب كنودسن، قائلاً: “على حد علمنا، نحن البنك الوحيد في العالم الذي يفرض هذه المتطلبات”.
يعود أصل هذا الجدل إلى مقال نشرته هيئة الإذاعة الدنماركية “DR” في نوفمبر، والذي سلط الضوء على سياسات “Donor Network”. لاحقًا، تم تداول منشور يحتوي على إعادة صياغة لمقتطف من المقال على نطاق واسع عبر الإنترنت، مما أدى إلى الاعتقاد الخاطئ بأن متطلبات “Donor Network” قد تم توسيعها لتشمل جميع بنوك الحيوانات المنوية في الدنمارك.
الجدل الأخلاقي حول معايير اختيار المتبرعين
على الرغم من انتشار الميمات حول متطلبات “Donor Network”، إلا أن الموضوع يثير بعض الاعتبارات الأخلاقية الهامة. وفقًا لـ “DR”، يشير خبراء الأخلاقيات الطبية إلى أن فحص المتبرعين بحثًا عن بعض الحالات الوراثية يقلل من احتمالية حدوث نتائج سلبية، مثل حالة متبرع دنماركي يحمل طفرة جينية تزيد من خطر الإصابة بالسرطان، والذي أدى إلى إنجاب 52 طفلاً بين عامي 2007 و 2018.
ومع ذلك، ترى دانييلا كوتاس، الأستاذة المساعدة في الأخلاقيات الطبية بجامعة لوند، أن فحص المتبرعين المحتملين بناءً على معدل الذكاء والسجل الجنائي أمر أكثر تعقيدًا، لأنه يفترض أن الذكاء العالي وعدم وجود سجل جنائي يمكن تحديدهما وراثيًا.
هناك إجماع واسع على أن العوامل البيئية تلعب دورًا رئيسيًا في تشكيل التطور المعرفي للطفل، على الرغم من أن سمات مثل معدل الذكاء لدى الوالدين يمكن أن تؤثر على ذكاء الطفل.
لكن كنودسن يوضح أن الأدبيات العلمية تشير إلى أن “معدل الذكاء هو مؤشر قوي ليس فقط على النجاح الأكاديمي والدخل، ولكن أيضًا على الوفيات وخطر الإصابة باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، وله قابلية وراثية عالية تتراوح بين 50 و 80٪”. ويضيف: “لن نشعر بالراحة في بيع هؤلاء الأفراد كمتبرعين، ولن نوصي بهم لمرضانا”.
تتطور المناقشات حول التبرع بالحيوانات المنوية ومعايير الاختيار باستمرار. من المتوقع أن تستمر هيئة الإذاعة الدنماركية “DR” في متابعة هذا الموضوع وتقديم المزيد من التحليلات حول سياسات بنوك الحيوانات المنوية المختلفة. كما يجب مراقبة أي تغييرات محتملة في اللوائح الحكومية المتعلقة بـ جودة الحيوانات المنوية وفحوصات المتبرعين. في الوقت الحالي، لا يزال مستقبل هذه المعايير غير واضحًا، ويتوقف على التطورات العلمية والآراء الأخلاقية المتغيرة.










