عاد أندريه بابيش إلى السلطة كرئيس وزراء للجمهورية التشيكية، مما يثير تساؤلات حول مستقبل البلاد ضمن الاتحاد الأوروبي وسياساتها الخارجية. هذا التطور، الذي يأتي بعد فوز حزبه في الانتخابات، يمثل تحديًا جديدًا للوحدة الأوروبية، خاصةً مع صعود قوى شعبوية أخرى في المنطقة. يراقب المراقبون عن كثب تأثير هذا الحدث على دعم أوكرانيا والسياسات البيئية في التشيك.
عودة بابيش: تحليل لتشكيلة الحكومة الجديدة وتأثيرها على التشيك
بعد فوزه في الانتخابات التشيكية، واجه أندريه بابيش عقبة من الرئيس بيتر بافل الذي رفض تعيينه حتى وافق على نقل إمبراطوريته التجارية الضخمة، Agrofert، إلى إدارة مستقلة. هذا الشرط، الذي يهدف إلى ضمان عدم وجود تضارب في المصالح، أخر تشكيل الحكومة الجديدة لبعض الوقت. تم تشكيل الحكومة في نهاية المطاف بتحالف مع حزبي “السائقين” و”SPD”، وهما حزبان متطرفان في مواقفهما.
تشكيلة الحكومة: توازن القوى
تضم الحكومة الجديدة 16 عضوًا، حيث حصل حزب “السائقين” على أربعة مقاعد وحزب “SPD” على ثلاثة مقاعد. ومع ذلك، احتفظ بابيش بتسع حقائب وزارية رئيسية لنفسه ولأعضاء حزبه، مما يضمن له السيطرة على القرارات الرئيسية. يعكس هذا التوزيع الدقيق للقوى أسلوب بابيش الإداري الذي يشبه إدارة الشركات، حيث يحرص على الاحتفاظ بالسيطرة على العمليات الأساسية.
يعتبر البعض أن هذه الحكومة تمثل استمرارًا للسياسات التي اتبعها بابيش في فترة حكمه السابقة، والتي اتسمت بالتركيز على المصالح الوطنية والتشكيك في بعض سياسات الاتحاد الأوروبي.
السياسة الخارجية: أوكرانيا والاتحاد الأوروبي
على الرغم من تصريحاته المتشددة بشأن دعم أوكرانيا، تشير التقارير إلى أن بابيش لن يوقف مصانع الأسلحة التشيكية من بيع الذخيرة إلى كييف. يعزى ذلك إلى أن هذه الصناعة تمثل مصدرًا هامًا للربح للاقتصاد التشيكي.
بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يعارض بابيش “الصفقة الخضراء” للاتحاد الأوروبي، لكنه قد يفعل ذلك بهدف حماية صناعة السيارات التشيكية، التي تمثل 10٪ من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد وربع صادراتها.
قد يلجأ بابيش إلى التهديد بالخروج من الاتحاد الأوروبي للحصول على صفقة أفضل للتشيك، لكن من غير المرجح أن يدمر الاتحاد الأوروبي بالكامل، بحسب بعض المحللين، لأنه يمتلك مصالح اقتصادية كبيرة فيه.
تأثير صعود بابيش على المشهد السياسي الأوروبي
يثير صعود أندريه بابيش مخاوف بشأن مستقبل الديمقراطية الليبرالية في أوروبا الوسطى. يشبه البعض بابيش بفيكتور أوربان في المجر، لكن هناك اختلافات جوهرية بينهما. أوربان هو أيديولوجي، بينما بابيش هو رجل أعمال يركز على المصالح الاقتصادية والسياسية العملية.
يعكس هذا التحول السياسي في التشيك اتجاهًا أوسع في أوروبا نحو صعود الأحزاب الشعبوية والقومية، التي تستغل مخاوف المواطنين بشأن الهجرة والاقتصاد والعولمة.
تعتبر السياسة التشيكية الآن نقطة مراقبة رئيسية للاتحاد الأوروبي، حيث يراقب المسؤولون الأوروبيون عن كثب سياسات الحكومة الجديدة وتأثيرها على وحدة الكتلة. أندريه بابيش يمثل تحديًا للقيم الأوروبية التقليدية، وقد يؤدي صعوده إلى السلطة إلى تفاقم الانقسامات داخل الاتحاد. الانتخابات التشيكية الأخيرة أظهرت قوة الحركات الشعبوية في المنطقة، مما يثير تساؤلات حول مستقبل الديمقراطية في أوروبا الوسطى. الحكومة التشيكية الجديدة ستواجه تحديات كبيرة في الموازنة بين المصالح الوطنية والتزاماتها تجاه الاتحاد الأوروبي. السياسة الخارجية للتشيك قد تشهد تغييرات كبيرة في ظل قيادة بابيش، خاصة فيما يتعلق بدعم أوكرانيا والتعامل مع روسيا.
من المتوقع أن يعقد البرلمان التشيكي جلسة لمناقشة ميزانية الدولة الجديدة في الأسبوع المقبل. سيكون هذا الحدث بمثابة اختبار مبكر لقدرة الحكومة الجديدة على تحقيق توافق في الآراء بشأن القضايا الرئيسية. كما يراقب المراقبون عن كثب رد فعل الاتحاد الأوروبي على سياسات الحكومة الجديدة، وما إذا كان سيفرض أي عقوبات على التشيك بسبب مخالفتها لقواعد الاتحاد. يبقى مستقبل التشيك في الاتحاد الأوروبي غير مؤكد، وسيتوقف على قدرة بابيش على الموازنة بين المصالح الوطنية والتزاماته تجاه الكتلة.










