تصاعد الخلاف الدبلوماسي بين اليابان والصين بسبب تصريحات رئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايشي حول تايوان، حيث قدمت اليابان ردًا رسميًا على أحدث احتجاج صيني للأمم المتحدة. وتأتي هذه التطورات في ظل توترات إقليمية متزايدة، وتصاعد المخاوف بشأن الاستقرار في منطقة المحيط الهادئ. تعتبر قضية تايوان حساسة للغاية بالنسبة لبكين، وتصريحات طوكيو أثارت غضبًا رسميًا.
ردّ سفير اليابان لدى الأمم المتحدة، كازويوكي يامازاكي، على الرسالة الصينية التي اتهمت طوكيو بانتهاك قيم الأمم المتحدة واستفزاز بكين، مؤكدًا أن “الادعاءات الواردة فيها لا تستند إلى حقائق، وتفتقر إلى أي أدلة، وهي غير مقبولة على الإطلاق”. وأشار يامازاكي إلى التزام اليابان الدائم بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، ودورها في دعم نظام دولي قائم على سيادة القانون.
موقف اليابان من تايوان والخلاف مع الصين
جاء رد اليابان بعد خطاب صيني ثانٍ قدم إلى الأمم المتحدة احتجاجًا على تصريحات تاكايشي. كانت رئيسة الوزراء قد صرحت الشهر الماضي بأن أي هجوم صيني على تايوان قد يُنظر إليه على أنه “تهديد لبقاء” اليابان، مما أثار تكهنات باحتمال تدخل عسكري ياباني في سيناريو كهذا، بالتعاون مع دول أخرى. وتعتبر هذه التصريحات بمثابة إشارة قوية إلى الدعم المتزايد لتايوان في طوكيو.
اتهمت الصين في خطابها الأخير اليابان بتحدي نتائج الحرب العالمية الثانية والنظام الدولي الذي أعقبها، بالإضافة إلى “إحياء النزعة العسكرية” وتوسيع قدراتها العسكرية. بينما نفى الجانب الياباني هذه الاتهامات بشدة، وأكد على عدم وجود تغيير في موقفه الرسمي تجاه تايوان.
تأكيد الموقف الياباني
أوضح كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني، مينورو كيهارا، صباح الجمعة أنه لم يطرأ أي تغيير على موقف اليابان بشأن تايوان، وأن طوكيو قد أبلغت بكين بهذا الأمر مرارًا وتكرارًا. وأضاف أن اليابان ستواصل “الرد بالشكل المناسب” على أي تصعيد أو استفزازات من الجانب الصيني. هذا التأكيد يأتي في محاولة لتهدئة التوترات وتجنب المزيد من التصعيد.
يعود أصل الخلاف إلى البيان المشترك الصيني الياباني الصادر عام 1972، والذي أعربت فيه اليابان عن “فهمها واحترامها” لوقف الصين الرسمي الذي يعتبر تايوان جزءًا لا يتجزأ من أراضيها. ومع ذلك، لم يتضمن هذا البيان اعترافًا صريحًا بمبدأ “الصين الواحدة” الذي تصر عليه بكين. أشارت تاكايشي إلى هذا التمييز في حديثها أمام البرلمان، ما فُسر في الصين على أنه تراجع عن الالتزام السابق.
تصريحات رئيسة الوزراء اليابانية حظيت بتقدير من جانب تايوان، حيث أعرب رئيس جمعية التبادل اليابانية التايوانية، سومي شوزو، عن الامتنان لدعم طوكيو للسلام عبر مضيق تايوان، ووصف تصريحاتها بأنها انعكاس للعدالة في مواجهة الضغوط الخارجية.
التداعيات الاقتصادية والجيوسياسية
تأتي هذه التوترات في وقت تشهد فيه العلاقات الاقتصادية بين اليابان والصين بعض التراجع. وقد أثارت تصريحات تاكايشي مخاوف في بكين بشأن النوايا الاستراتيجية لطوكيو، وعن احتمال قيام اليابان بتقويض سيادة الصين على تايوان. تعتبر تايوان مركزًا رئيسيًا لصناعة أشباه الموصلات العالمية، وأي اضطرابات في المنطقة قد يكون لها تداعيات خطيرة على الاقتصاد العالمي.
وتشكل قضية تايوان نقطة اشتعال رئيسية في العلاقات بين الولايات المتحدة والصين أيضًا. لقد عبّرت الولايات المتحدة عن دعمها لتايوان، وأكدت على أهمية الحفاظ على السلام والاستقرار في مضيق تايوان. موقف اليابان، الذي يبدو أنه يقترب من موقف الولايات المتحدة، يثير قلق بكين ويعزز من التوترات الإقليمية.
من المرجح أن تستمر هذه الخلافات في المستقبل القريب، حيث تصر بكين على موقفها الثابت بشأن تايوان، في حين تواصل طوكيو تعزيز علاقاتها مع تايوان والتعبير عن قلقها بشأن أي تهديدات لاستقرار المنطقة. يتوقع مراقبون استمرار الحوار الدبلوماسي بين البلدين، لكنهم لا يتوقعون حلولاً سريعة.
في الأيام والأسابيع القادمة، يجب مراقبة ردود فعل الصين على موقف اليابان المتصلب، والتطورات المحتملة في التعاون الأمني بين اليابان والولايات المتحدة، وأي تغييرات في الخطاب الرسمي من جانب جميع الأطراف المعنية.










