شهدت أسواق الأسهم الأمريكية ارتفاعاً طفيفاً يوم الجمعة، لكنها توقفت عن تحقيق مكاسب كبيرة مع ترقب المستثمرين قرار البنك الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة الأسبوع المقبل. يعكس هذا التباطؤ حذراً في السوق قبل الإعلان المتوقع، حيث يفضل المتعاملون تجنب المخاطر الكبيرة. وارتفعت مؤشرات رئيسية مع استمرار المخاوف بشأن التضخم والنمو الاقتصادي.
صعد مؤشر S&P 500 بنسبة 0.2%، بينما ارتفع مؤشر Nasdaq 100 بنسبة 0.4%. في المقابل، تراجع مؤشر Russell 2000 الذي يقيس أداء الشركات الصغيرة بعد أن سجل مستوى قياسياً جديداً في اليوم السابق. كما شهدت السندات الحكومية ارتفاعاً في العائد، حيث ارتفع عائد السندات لأجل 10 سنوات إلى 4.14%، مما يشير إلى قلق المستثمرين بشأن التضخم المستقبلي.
تطورات التضخم وتأثيرها على أسعار الفائدة
لم تُحدث البيانات الاقتصادية الأخيرة المتعلقة بالتضخم تغييرات كبيرة في توقعات وول ستريت بشأن قرار الفائدة القادم. فقد جاء مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي، وهو المقياس المفضل للاحتياطي الفيدرالي، متوافقاً مع التوقعات بارتفاع بنسبة 0.2% في شهر سبتمبر. وهذا يعكس استقراراً في الضغوط التضخمية، على الرغم من أنها لا تزال أعلى من الهدف الذي حدده الفيدرالي.
تشير التقديرات الحالية إلى أن الاحتياطي الفيدرالي قد يقوم بخفض أسعار الفائدة مرتين على الأقل خلال عام 2026. لكن هذه التوقعات ليست قاطعة، مع وجود اختلافات في الآراء بين المراقبين حول مدى سرعة استجابة الفيدرالي للتغيرات الاقتصادية.
قال إيان لينغن من BMO: “البيانات تدعم خفضاً للفائدة بمقدار 25 نقطة أساس الأسبوع المقبل، لكنها لا تبرر تسريع وتيرة التخفيض في المستقبل.” هذا يشير إلى أن الفيدرالي قد يتبع نهجاً حذراً، في انتظار المزيد من البيانات لتقييم الوضع الاقتصادي بشكل كامل.
في المقابل، يرى ريك ريدر، الرئيس التنفيذي للاستثمار في الدخل الثابت العالمي لدى BlackRock، أن هناك احتمالية وجود معارضة وخلافات داخل اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة حول قرار خفض الفائدة في الاجتماع المقبل.
أداء قطاع التكنولوجيا
شهد قطاع التكنولوجيا تحركات متباينة. فقد تلقى القطاع دعماً إيجابياً بعد إعلان شركة Hon Hai Precision Industry، وهي شريك رئيسي لشركة Nvidia، عن مبيعات قوية. كما شهدت أسهم Moore Threads Technology، وهي شركة صينية متخصصة في رقائق الذكاء الاصطناعي، قفزة كبيرة بلغت 425% في أول يوم تداول لها في شنغهاي، مما يعكس الاهتمام المتزايد بهذا القطاع.
بالمقابل، تراجعت أسهم Netflix بعد إعلانها عن شراكة جديدة مع Warner Bros Discovery. قد تشير هذه الشراكة إلى تغييرات في استراتيجية Netflix التنافسية.
تذبذبات سوق العملات المشفرة
واصلت العملات المشفرة، وعلى رأسها Bitcoin، إظهار تذبذبات كبيرة في الأسعار. شهد صندوق iShares Bitcoin Trust التابع لـ BlackRock، وهو صندوق متداول في البورصة يتبع أداء Bitcoin، أطول سلسلة من التدفقات الخارجة الأسبوعية منذ إطلاقه في يناير 2024. وقد تجاوز حجم التدفقات الخارجة 2.7 مليار دولار خلال الخمسة أسابيع الماضية، مما يشير إلى تراجع شهية المستثمرين المؤسسيين تجاه البيتكوين.
تراجع سعر البيتكوين إلى ما دون 90 ألف دولار، مما زاد من الضغوط على السوق. يتأثر سعر البيتكوين بعوامل متعددة، بما في ذلك التغيرات في السياسات النقدية وتقلبات المخاطر العالمية.
نظرة مستقبلية وتحليلات اقتصادية
يشير تحليل خبراء Bloomberg Economics إلى وجود عاملين رئيسيين يعيقان أي موجة صعود محتملة في نهاية العام. أولاً، الانخفاض المستمر في أسعار العملات المشفرة، بما في ذلك البيتكوين. وثانياً، استمرار حالة عدم اليقين بشأن مسار السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي.
قال إدوارد هاريسون، استراتيجي الاقتصاد الكلي في Markets Live: “التراجع في أسعار العملات المشفرة أضعف شهية المخاطرة، مما يؤثر على أداء الأسواق بشكل عام”.
بقي سعر خام غرب تكساس الوسيط مستقراً بالقرب من 60 دولاراً للبرميل، في حين تراجعت أسعار الذهب عن مكاسبها السابقة. يراقب المستثمرون عن كثب هذه التطورات، حيث يمكن أن يكون لها تأثير كبير على أداء الأسواق.
من المتوقع أن يعقد الاحتياطي الفيدرالي اجتماعاً الأسبوع المقبل لمناقشة السياسة النقدية واتخاذ قرار بشأن أسعار الفائدة. ستكون البيانات الاقتصادية القادمة، وخاصة بيانات سوق العمل، حاسمة في تحديد مسار الفائدة. يجب على المستثمرين متابعة هذه التطورات عن كثب وتقييم المخاطر المحتملة قبل اتخاذ أي قرارات استثمارية.










