باربي، الدمية التي رافقت أجيالاً من الفتيات حول العالم، قد لا تكون كما نعتقد. كتاب جديد يكشف عن تاريخ غير متوقع للدمية، مسلطاً الضوء على أصولها المثيرة للجدل واستراتيجيات التسويق التي ساهمت في نجاحها الهائل. يزعم الكتاب أن باربي لم تكن ابتكاراً فريداً، بل هي نسخة مقلدة رُفعت مكانتها من خلال الترويج الذكي، والاستغلال، وحتى التجسس الصناعي.
تاريخ باربي: أكثر من مجرد دمية
لطالما روجت شركة ماتيل لباربي كبديل ثوري ومُمكن للفتيات مقارنة بالدمى التقليدية. ومع ذلك، يكشف كتاب “Barbieland: The Unauthorized History” للمؤلفة تاربلي هيت عن سرد مختلف تماماً. الكتاب، الذي أثار جدلاً واسعاً، يوضح أن باربي لم تكن أول دمية للبالغين، وأن دمية ألمانية سابقة، “Bild Lilli”، كان لها تأثير كبير على تصميمها، وهو ما حاولت ماتيل إخفاءه لسنوات.
بدأت “Lilli” كشخصية كاريكاتورية جريئة في صحيفة “Bild” الألمانية، ثم تحولت إلى دمية في عام 1955. وقبل ظهور باربي، كانت “Lilli” قد حققت شعبية كبيرة في أوروبا، بل وظهرت في فيلم سينمائي خاص بها في عام 1958. وفقاً للكتاب، اعترفت روث هاندر، مؤسسة ماتيل، برؤيتها لـ “Lilli” في سويسرا عام 1956، لكنها أصرت على أنها فكرت في فكرة الدمية البالغة قبل ذلك بكثير.
الاستيلاء على الفكرة والتسويق
يزعم الكتاب أن مهندس ماتيل، جاك ريان، حصل على دمية “Lilli” من روث هاندر، وطلب منها نسخها. وبالفعل، باعت ماتيل دمية باربي بكميات كبيرة، حتى قبل أن تحصل الشركة الألمانية على براءة اختراع لدمية “Lilli” في الولايات المتحدة عام 1960. لاحقاً، اشترت ماتيل حقوق دمية “Lilli” العالمية، وقامت بدفن تاريخها، بحسب ما ورد في الكتاب.
لم يقتصر الأمر على أصول الدمية، بل سعت ماتيل أيضاً إلى التحكم في صورتها العامة. عندما طلبت الشركة إنتاج كتاب “Art of Barbie” في عام 1994، رفضت صورة فوتوغرافية لباربي تظهر عليها علامات الشيخوخة. كما أن الممثلة شارون ستون ذكرت أنها تلقت “محاضرة وطردت من الباب” عندما قدمت فكرة فيلم عن باربي لماتيل في التسعينيات.
معارك قانونية وصورة العلامة التجارية
واجهت ماتيل العديد من الدعاوى القضائية على مر السنين، بما في ذلك قضية ضد فرقة Europop “Aqua” بسبب أغنيتها “Barbie Girl” عام 1997. ورغم أن الفرقة فازت بالقضية، إلا أن هذا يعكس مدى حرص ماتيل على حماية صورة باربي.
في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، خاضت ماتيل معركة شرسة ضد شركة MGA Entertainment بسبب خط دمى “Bratz”. اتهمت ماتيل مصممة سابقة لديها بسرقة أفكار باربي. وردت MGA باتهام مماثل، مدعية أن ماتيل مارست التجسس الصناعي لسرقة أسرارها التجارية. وقد شهد أحد جواسيس ماتيل في المحكمة، وكشف عن استخدام أسماء مستعارة وبطاقات عمل مزيفة للتسلل إلى معارض المنافسين وجمع المعلومات. في النهاية، حكمت المحكمة لصالح MGA، وأمرت ماتيل بدفع 85 مليون دولار كتعويضات، وهو المبلغ الذي تم تخفيضه لاحقاً إلى تغطية رسوم MGA القانونية فقط.
هذا التاريخ المعقد يلقي بظلال من الشك على الصورة المثالية التي لطالما ارتبطت بـ باربي.
من المفارقات أن ماتيل سمحت بإنتاج فيلم “Barbie” عام 2023، والذي يسخر بشكل ما من صورة الدمية. الفيلم، الذي لعبت فيه مارغو روبي دور البطولة، يصور باربي وهي تعاني من أزمة وجودية بعد اكتشافها لظهور السيلوليت على ساقها.
ومع ذلك، وفقاً لهيت، فإن ماتيل كانت في وضع صعب بحلول عام 2018، وكانت بحاجة إلى تغيير صورتها وزيادة أرباحها. وقد أدرك الرئيس التنفيذي الجديد للشركة أهمية الشاشة في مستقبل باربي، وسعى إلى تحويل ماتيل إلى شركة تعتمد على الملكية الفكرية.
على الرغم من ذلك، يظل فيلم “Barbie” وفياً للأسطورة الأساسية للدمية: فكرة أن باربي غيرت الطريقة التي ترى بها الفتيات أنفسهن، وألهمتهن ليصبحن مصممات، ومغامرات، وسيدات أعمال، وحتى رئيسات. باربي أصبحت رمزاً للاستهلاك الأمريكي، مثلها مثل “Golden Arches” في ماكدونالدز والبطاطس المقلية.
من المتوقع أن تستمر ماتيل في استكشاف إمكانات باربي كعلامة تجارية متعددة الوسائط. ومع ذلك، فإن نجاحها المستقبلي سيعتمد على قدرتها على التوازن بين الحفاظ على الأسطورة الكلاسيكية للدمية والتكيف مع التوقعات المتغيرة للمستهلكين. سيكون من المهم مراقبة كيفية تعامل ماتيل مع القضايا المتعلقة بالتنوع والشمولية، وكيف ستستجيب للانتقادات المحتملة بشأن تاريخها التسويقي.










