أظهرت دراسة حديثة أجراها باحثون في كلية كينجز في لندن أن مادة الثيوبرومين، وهي مادة كيميائية طبيعية توجد في الشوكولاتة الداكنة وتعطيها مذاقها المر، قد تمتلك خصائص مضادة للشيخوخة. وتأتي هذه النتائج في وقت يزداد فيه الاهتمام بالعلاقة بين النظام الغذائي والصحة على المدى الطويل.
تعتبر هذه الدراسة، التي نُشرت الأسبوع الماضي في مجلة Aging، إضافة مهمة إلى فهمنا لكيفية تأثير العناصر الغذائية على عملية الشيخوخة البيولوجية. وقد شملت الدراسة عينات من المشاركين في دراسات أوروبية مختلفة، مما يعزز من مصداقية النتائج.
الفوائد المحتملة للشوكولاتة الداكنة في مكافحة الشيخوخة
تختلف الشيخوخة البيولوجية عن العمر الزمني، فالأول يعكس حالة الخلايا والأعضاء، بينما الثاني هو مجرد عدد السنوات التي عاشها الفرد. وتتأثر الشيخوخة البيولوجية بعوامل متعددة، بما في ذلك الوراثة ونمط الحياة والبيئة والنظام الغذائي.
ركز الباحثون في دراستهم على التغيرات الكيميائية في الحمض النووي (DNA) وطول التيلوميرات لتقدير العمر البيولوجي للمشاركين. التيلوميرات هي أغطية واقية موجودة في نهايات الكروموسومات، والتي تقصر مع التقدم في العمر، مما قد يساهم في ظهور الأمراض المرتبطة بالعمر مثل السرطان والسكري من النوع الثاني وأمراض القلب.
الثيوبرومين وتأثيره على التيلوميرات
أظهرت الدراسة أن الأفراد الذين لديهم مستويات أعلى من الثيوبرومين في الدم يميلون إلى أن يكون لديهم عمر بيولوجي أقل. وهذا يشير إلى أن الثيوبرومين قد يلعب دورًا في الحفاظ على طول التيلوميرات وحماية الخلايا من التلف.
وفقًا للدكتورة جوردانا بيل، المؤلفة الرئيسية للدراسة، فإن هذا الاكتشاف يربط بين مكون رئيسي في الشوكولاتة الداكنة وإمكانية إبطاء عملية الشيخوخة. ومع ذلك، شددت على أن هذه النتائج لا تعني بالضرورة أنه يجب على الناس زيادة استهلاكهم للشوكولاتة الداكنة.
تشير الأبحاث السابقة إلى أن الثيوبرومين قد يحمي الدماغ من مرض الزهايمر، وقد يساعد أيضًا في التخفيف من الأضرار التي يسببها ارتفاع الكوليسترول على الذاكرة والوظائف الإدراكية. وقد اختبر فريق بيل مواد أخرى موجودة في الكاكاو لتحديد ما إذا كانت لها نفس التأثيرات المضادة للشيخوخة، لكنهم وجدوا أن الثيوبرومين هو الأكثر ارتباطًا بالاختلافات في الشيخوخة.
دور مضادات الأكسدة والبولي فينول
بالإضافة إلى الثيوبرومين، تحتوي الشوكولاتة الداكنة على مركبات أخرى مفيدة، مثل البولي فينول، وهي مضادات أكسدة قوية تقلل من الالتهابات في الجسم وتحمي من أضرار الجذور الحرة، وتدعم صحة الدماغ، وتساعد في الوقاية من الأمراض العصبية التنكسية. ويعتقد الباحثون أن البولي فينول قد يؤثر على الطريقة التي يعمل بها الثيوبرومين داخل الجسم.
الدكتور رامي سعد، الباحث الرئيسي في الدراسة، أوضح أن هذا الاكتشاف يفتح الباب أمام المزيد من الأبحاث لفهم العلاقة بين المستقلبات الغذائية والجينوم. وأضاف أن هذا النهج قد يؤدي إلى اكتشافات مهمة في مجال الشيخوخة، والأمراض الشائعة والنادرة.
ومع ذلك، يحذر الخبراء من أن زيادة تناول الشوكولاتة الداكنة ليست حلاً مضمونًا لمكافحة الشيخوخة. فالشوكولاتة تحتوي أيضًا على نسبة عالية من السكر والدهون والسعرات الحرارية. وتؤكد الدراسات على ضرورة إجراء المزيد من التحليلات قبل التوصل إلى استنتاجات نهائية وتقديم توصيات غذائية محددة.
تعتبر هذه الدراسة خطوة أولى مهمة في فهم العلاقة المعقدة بين النظام الغذائي والشيخوخة. ومن المتوقع أن تركز الأبحاث المستقبلية على تحديد الآليات الدقيقة التي يعمل بها الثيوبرومين، وكيف يتفاعل مع المركبات الأخرى الموجودة في الكاكاو، وما هي الجرعة المثالية لتحقيق أقصى فائدة صحية. ومن المهم متابعة هذه التطورات لمعرفة ما إذا كانت الشوكولاتة الداكنة يمكن أن تكون جزءًا من استراتيجية شاملة لتعزيز الصحة وطول العمر.










