من المتوقع أن يشهد قطاع الطاقة الشمسية العالمي تباطؤًا في النمو خلال العام المقبل 2026، وهو ما يمثل تحولًا ملحوظًا بعد عقود من التوسع القوي. جاء هذا التوقع في تقرير “آفاق سوق الخلايا الكهروضوئية العالمية” الصادر عن “بلومبرغ إن إي إف”، والذي يرجع هذا الانخفاض إلى تغييرات في السياسات، وتشبع بعض الأسواق الرئيسية، مما يؤثر على وتيرة الطلب على تركيبات الطاقة الشمسية.
تشير التوقعات إلى أن قدرة الطاقة الشمسية الجديدة المُضافة على مستوى العالم ستصل إلى 649 غيغاواط في 2026، وهو ما يمثل انخفاضًا طفيفًا مقارنة بالعام 2025. ويأتي هذا النمو الضعيف بعد سنوات من الزخم الكبير، مما يثير تساؤلات حول مستقبل القطاع على المدى القصير.
تراجع زخم قطاع الطاقة الشمسية
أكدت “بلومبرغ إن إي إف” في تقريرها أن قطاع الطاقة الشمسية يدخل مرحلة نمو أكثر اعتدالًا بعد فترة طويلة من التوسع السريع. يعزى هذا الانحسار بشكل كبير إلى التطورات السياسية في كل من الصين والولايات المتحدة، وهما أكبر سوقين للطاقة الشمسية، مما أدى إلى تراجع في معدلات نمو الطلب.
في الصين، أدت سياسة التسعير القائمة على آليات السوق لتوربينات الطاقة المتجددة، التي تم تطبيقها في يونيو الماضي، إلى زيادة مؤقتة في عمليات التركيب، سرعان ما تبعها تباطؤ ملحوظ. وقد خفضت “بلومبرغ إن إي إف” توقعاتها لتركيبات الطاقة الشمسية في الصين لعام 2025 بنسبة 9% لتصل إلى 372 غيغاواط، مع توقعات بانخفاض إضافي بنسبة 14% في عام 2026.
تأثير السياسات الأمريكية
أما في الولايات المتحدة، فإن التوجه نحو تقليل الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة والتركيز على الوقود الأحفوري، والذي يقوده الرئيس دونالد ترمب، يُتوقع أن يؤثر سلبًا على نمو سوق الطاقة الشمسية. هذا التحول في السياسات قد يقلل من الاستثمارات في مشاريع الطاقة الشمسية الجديدة.
بالإضافة إلى ذلك، تشهد أسواق راسخة أخرى مثل إسبانيا والبرازيل تباطؤًا في النمو، بعد فترة من التوسع السريع. أدى هذا التوسع إلى زيادة في إنتاج الطاقة الشمسية، مما أدى بدوره إلى انخفاض أسعار الكهرباء وزيادة حالة عدم اليقين، وهو ما يثبط الاستثمارات الجديدة.
تحديات أسعار المواد الخام
يشير التقرير إلى أن أسعار المواد الخام المستخدمة في صناعة الطاقة الشمسية، مثل البولي سيليكون، ستظل منخفضة تاريخيًا حتى عام 2026. يعود ذلك إلى ضعف الطلب وزيادة المعروض من السعة التصنيعية والمخزونات المتاحة. على الرغم من جهود توحيد القطاع التي أدت إلى ارتفاع أسعار البولي سيليكون بنحو 50% منذ يونيو الماضي، إلا أن تشبع السوق سيحد من فرص حدوث تعافٍ كبير في الأسعار.
الطلب على الطاقة المتجددة
يُعد ضعف الطلب على الطاقة الشمسية تحديًا كبيرًا للمصنعين، خاصة في الصين، حيث تعاني الشركات من فائض في الإنتاج وخسائر مالية. هذا الوضع قد يدفع بعض الشركات إلى تقليل الإنتاج أو حتى الخروج من السوق.
ومع ذلك، تتوقع “بلومبرغ إن إي إف” أن يعود قطاع الطاقة الشمسية إلى النمو المحدود اعتبارًا من عام 2027. يعتمد هذا التوقع على تكيف الصين والولايات المتحدة مع ديناميكيات العرض والطلب الجديدة، بالإضافة إلى التوسع في أسواق جديدة. تشير التقديرات إلى أن إجمالي التركيبات في عام 2027 قد يصل إلى 688 غيغاواط.
بشكل عام، يواجه قطاع الطاقة الشمسية فترة من عدم اليقين والتحديات. من المهم مراقبة التطورات السياسية والاقتصادية في الأسواق الرئيسية، بالإضافة إلى تطورات التكنولوجيا وأسعار المواد الخام. من المتوقع أن تشهد السنوات القادمة تحولات كبيرة في هذا القطاع، وسيتطلب الأمر استراتيجيات جديدة للتغلب على هذه التحديات والاستفادة من الفرص المتاحة في مجال الطاقة المتجددة.
في الختام، من المقرر أن يتم تحديث تقرير “آفاق سوق الخلايا الكهروضوئية العالمية” في الربع الأول من عام 2025، مما قد يوفر رؤى جديدة حول مستقبل قطاع الطاقة الشمسية. يجب على المستثمرين والشركات العاملة في هذا المجال متابعة هذه التحديثات عن كثب لاتخاذ قرارات مستنيرة.










