أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن استعداده لمناقشة سبل إنهاء الحرب في أوكرانيا، وذلك على الرغم من تحفظاته حول التعديلات المقترحة على خطة السلام الأمريكية. يأتي هذا الإعلان في وقت تتصاعد فيه التوترات وتشتد المعارك في عدة جبهات، مما يضع الضوء على فرص جديدة لإنهاء الصراع المستمر. تتناول هذه المقالة آخر تطورات الموقف الروسي بشأن الحرب في أوكرانيا، والتباينات في الرؤى حول حلول السلام المحتملة.
جاء تصريح بوتين خلال مؤتمره الصحفي السنوي الذي عقد في موسكو يوم الجمعة، حيث أكد أنه وافق “مبدئياً” على بعض المقترحات التي تم طرحها خلال محادثات قمة مع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في أغسطس. وشدد بوتين على أن المسؤولية الرئيسية عن استمرار الحرب تقع على عاتق الحكومات الغربية، وخاصة أوكرانيا وقادتها الأوروبيين.
موقف روسيا من مفاوضات السلام في أوكرانيا
أوضح الرئيس بوتين أن روسيا لم ترفض بشكل قاطع أي مبادرات لإنهاء الحرب. ومع ذلك، أشار إلى أن التعديلات التي أدخلتها كييف وبعض الدول الأوروبية على الخطة الأمريكية الأصلية تجعلها غير مقبولة بالنسبة لموسكو. وذكر بوتين أن الخطة التي نوقشت مع الرئيس ترامب كانت تعتبر أساساً جيداً للمفاوضات، ولكنها تعرضت لتغييرات جوهرية.
الخلافات حول شروط السلام
تشمل الخلافات الرئيسية حول شروط السلام قضايا مثل الوضع المستقبلي للمناطق التي تسيطر عليها روسيا في أوكرانيا، وضمانات أمنية لكييف، ومسألة عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي (الناتو). تصر روسيا على أن أي حل يجب أن يراعي مصالحها الأمنية وأن يضمن عدم توسيع الناتو شرقاً.
في المقابل، تسعى أوكرانيا وحلفاؤها الغربيون إلى استعادة كامل سيادتها على أراضيها، بما في ذلك شبه جزيرة القرم والمناطق الشرقية. كما يطالبون بتقديم ضمانات أمنية قوية لأوكرانيا لمنع أي عدوان روسي مستقبلي. تعارض روسيا بشدة أي سيناريو يتضمن عضوية أوكرانيا في الناتو، وتعتبر ذلك تهديداً مباشراً لأمنها القومي.
بالإضافة إلى ذلك، تتضمن الخلافات مسألة تعويضات الحرب، حيث تطالب أوكرانيا بتعويضات كبيرة من روسيا عن الأضرار التي لحقت ببلادها نتيجة للقتال. غير أن روسيا ترفض هذه المطالبات وتعتبر أن الأضرار ناجمة عن تدخل خارجي ودعم للجيش الأوكراني.
تأتي هذه التصريحات في أعقاب تقارير تشير إلى أن الولايات المتحدة وأوروبا تعملان على صياغة خطة سلام جديدة لأوكرانيا تتضمن تنازلات من كلا الجانبين. يركز هذا الجهد الدبلوماسي على إيجاد حل مقبول للطرفين ينهي القتال ويضع الأساس لاستقرار طويل الأمد في المنطقة.
تطورات الوضع الميداني و ردود الأفعال الدولية
على الصعيد الميداني، تستمر المعارك العنيفة في شرق وجنوب أوكرانيا، مع تركيز القوات الروسية على السيطرة على المزيد من الأراضي. تفيد الأنباء بوقوع خسائر فادحة في صفوف كلا الجانبين، وتدمير واسع النطاق للبنية التحتية المدنية. يشكل هذا التصعيد تحدياً إضافياً للجهود الدبلوماسية الرامية إلى التوصل إلى حل سلمي.
أعربت العديد من الدول الغربية عن قلقها إزاء التصعيد الأخير في القتال، ودعت إلى وقف فوري للأعمال العدائية. وقدمت بعض الدول مساعدات عسكرية واقتصادية إضافية لأوكرانيا لدعم جهودها الدفاعية. في الوقت نفسه، حثت الولايات المتحدة وأوروبا روسيا على إظهار حسن النية والانخراط في مفاوضات جادة لإنهاء الحرب. تتعلق جهود الوساطة الدولية بشكل خاص بمسألة الأسرى وتبادلهم.
بينما ترفض روسيا وصف أفعالها بأنها “غزو”، وتصر على أنها تنفذ “عملية عسكرية خاصة” لحماية سكانها الناطقين بالروسية في أوكرانيا، يرى المجتمع الدولي أن الحرب تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي ومبادئ السيادة الوطنية. تعتبر قضية الأزمة الأوكرانية من أهم التحديات التي تواجه الأمن والاستقرار العالميين.
وفي سياق متصل، جدد الرئيس السابق دونالد ترامب تأكيداته على أن روسيا تحتل موقعاً قوياً في هذه الحرب، مشيراً إلى أن الإدارة الأمريكية الحالية فشلت في إدارة الملف بشكل فعال. أثارت هذه التصريحات جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والإعلامية الأمريكية، حيث اتهم البعض ترامب بالتقليل من شأن خطر روسيا واسترضاء بوتين.
يُذكر أن الحرب في أوكرانيا قد بدأت في فبراير 2022، وقد أدت إلى مقتل الآلاف من الأشخاص وتشريد الملايين. كما تسببت في أزمة إنسانية واقتصادية واسعة النطاق، وأثرت على أسعار الطاقة والغذاء في جميع أنحاء العالم. تستمر هذه الأزمة الإنسانية في التفاقم مع استمرار القتال.
من المتوقع أن تستمر الجهود الدبلوماسية الرامية إلى التوصل إلى حل سلمي في أوكرانيا خلال الأسابيع القادمة. لكن يبقى من غير الواضح ما إذا كان الطرفان مستعدين لتقديم تنازلات كافية لإنهاء الحرب. يجب مراقبة التطورات على الأرض، وكذلك مواقف القوى الكبرى المعنية، لتقييم فرص تحقيق السلام في أوكرانيا. كما أن اجتماعات مستقبلية بين المسؤولين الروس والأمريكيين قد تعطي مؤشرات حول مدى الجدية في إيجاد حل سياسي للصراع.










