تزايدت حالات الشكاوى الزوجية المتعلقة بتقاسم المسؤوليات المنزلية ورعاية الأطفال، خاصةً مع تزايد مشاركة المرأة في القوى العاملة. وقد أثارت قصة زوجة بريطانية على موقع “Mumsnet” نقاشًا واسعًا حول هذا الموضوع، حيث عبّرت عن إحباطها من سلوك زوجها العاطل عن العمل بسبب ظروف صحية، والذي يشتكي من الاضطرار إلى رعاية أطفالهما بينما هي تعمل بدوام جزئي. هذه الظاهرة، التي يمكن وصفها بـ “الزوج المتذمر”، أصبحت موضوعًا شائعًا في المجتمعات الغربية والعربية على حد سواء.
الزوج المتذمر: تحديات جديدة في العلاقات الأسرية
تُظهر القصة المذكورة أعلاه نمطًا سلوكيًا يتسم بعدم التقدير لجهود الزوجة العاملة، والتوقع بأن رعاية الأطفال هي مسؤولية حصرية للمرأة. الزوج في هذه الحالة، على الرغم من اعترافه المسبق بجدول عمل زوجته، إلا أنه يعبر عن استيائه من اضطراره لرعاية الأطفال في أيام عملها. هذا السلوك يثير تساؤلات حول المساواة بين الجنسين وتقاسم الأعباء داخل الأسرة.
أسباب التذمر الزوجي
هناك عدة عوامل يمكن أن تساهم في هذا النوع من السلوك. قد يكون الزوج يعاني من صعوبة التكيف مع دوره الجديد كـ “أب ربة منزل”، خاصةً إذا كان معتادًا على العمل لفترة طويلة. كما أن الشعور بالعجز والإحباط بسبب عدم القدرة على العمل قد يتحول إلى تذمر تجاه الآخرين. بالإضافة إلى ذلك، قد تلعب التوقعات الاجتماعية والثقافية دورًا في تعزيز هذا السلوك، حيث لا يزال يُنظر إلى رعاية الأطفال على أنها مسؤولية المرأة بشكل أساسي.
وفي سياق مشابه، كشفت قصة أخرى على موقع “Reddit” عن زوج طلب من زوجته الخروج في إجازة بعد أسبوعين فقط من عملية قيصرية كبرى. هذا الطلب، الذي وصفته الزوجة بأنه “صادم ومؤلم”، يوضح مدى عدم إدراك بعض الأزواج لمتطلبات الرعاية بعد الولادة، والتوقعات غير الواقعية من شريكاتهم.
تتفق العديد من التعليقات على كلا المنتديين على أن هذا السلوك غير مقبول، وأن الزوج يجب أن يساهم بشكل فعال في حياة الأسرة، سواء من خلال رعاية الأطفال أو الأعمال المنزلية. واقترحت بعض التعليقات على الزوجة البريطانية طلب المساعدة المهنية، مثل الاستشارة الزوجية، لمساعدة زوجها على التكيف مع وضعه الجديد.
تُعتبر هذه القصص مجرد أمثلة لظاهرة أوسع انتشارًا، حيث تواجه العديد من النساء العاملات تحديات مماثلة في حياتهن الزوجية. وتشير الدراسات إلى أن عدم المساواة في تقاسم المسؤوليات المنزلية يمكن أن يؤدي إلى زيادة التوتر والقلق والاكتئاب لدى النساء، بالإضافة إلى التأثير سلبًا على جودة العلاقات الزوجية. الزوج المتذمر يمثل عبئًا إضافيًا على الزوجة ويقلل من شعورها بالتقدير والاحترام.
من المهم الإشارة إلى أن هذه المشكلة ليست حصرية للثقافات الغربية. ففي العديد من الدول العربية، لا تزال التوقعات التقليدية تلعب دورًا كبيرًا في تحديد أدوار الجنسين داخل الأسرة. ومع ذلك، فإن تزايد عدد النساء العاملات واللاتي يسعين إلى تحقيق التوازن بين حياتهن المهنية والشخصية، قد يؤدي إلى زيادة الوعي بهذه القضية، وظهور مطالب أكبر بالمساواة في تقاسم المسؤوليات. المرأة العاملة تواجه ضغوطًا مضاعفة في مجتمعاتنا.
تتطلب معالجة هذه المشكلة تغييرًا في المفاهيم الاجتماعية والثقافية، وتعزيز الوعي بأهمية المساواة بين الجنسين وتقاسم الأعباء داخل الأسرة. كما يجب على الأزواج العمل معًا لإيجاد حلول عملية تناسب ظروفهم واحتياجاتهم. التعاون الزوجي هو أساس الأسرة السعيدة.
من المتوقع أن يستمر النقاش حول هذه القضية في التوسع، خاصةً مع تزايد مشاركة المرأة في سوق العمل. كما أن هناك حاجة إلى إجراء المزيد من الدراسات لفهم الأسباب الجذرية لهذه الظاهرة، وتحديد أفضل الطرق لمعالجتها. ستكون متابعة التطورات في هذا المجال، بما في ذلك السياسات الحكومية والمبادرات المجتمعية، أمرًا بالغ الأهمية في المستقبل القريب.










