أعلنت حركة حماس، مساء الاثنين، عن مقتل حذيفة سمير عبد الله الكحلوت، المعروف باسم “أبو عبيدة”، المتحدث العسكري باسم كتائب القسام، وذلك في غارة جوية إسرائيلية على قطاع غزة. وقد اشتهر أبو عبيدة بوجهه الملثم وصوته الجهوري كأحد أبرز الوجوه الإعلامية للمقاومة الفلسطينية، خاصة خلال الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة منذ السابع من أكتوبر. هذا الإعلان يمثل نقطة تحول في الصراع، ويطرح تساؤلات حول مستقبل التواصل الإعلامي لحماس.
وقع الاغتيال في غارة جوية استهدفت منطقة الرمال غرب مدينة غزة، حسبما أفادت مصادر في حماس. أعلنت إسرائيل أن الضربة كانت “قاتلة” لجهاز القسام الإعلامي، لكن حماس ظلت صامتة لفترة قبل تأكيد مقتل القيادي البارز. يأتي هذا الإعلان ضمن سلسلة اغتيالات قادة كبار في كتائب القسام أعلنت عنها حماس في نفس الوقت.
من هو أبو عبيدة؟
حذيفة الكحلوت، أو أبو عبيدة كما عُرف، ولد في مخيم جباليا شمال قطاع غزة في 11 فبراير 1985، لعائلة تنحدر من مدينة المجدل (عسقلان) في فلسطين التاريخية. انضم إلى الكتلة الإسلامية، الجناح الطلابي لحماس، خلال المرحلة الثانوية، ثم التحق بصفوف كتائب القسام، حيث تلقى تدريباً عسكرياً وثقافياً ودينياً مكثفاً.
حصل أبو عبيدة على درجة الماجستير في أصول الدين من الجامعة الإسلامية في غزة. وصفه قياديون في حماس بأنه شخصية جمعت بين الجدية العسكرية والقدرة على التواصل بفعالية، مع لمسة من روح الدعابة. تدرج في صفوف القسام ليصبح الناطق الرسمي باسمها في عام 2002، وهو المنصب الذي ظل يشغله حتى مقتله.
دور أبو عبيدة في العمليات العسكرية
اشتهر أبو عبيدة بإعلانه عن العديد من العمليات العسكرية التي نفذتها كتائب القسام ضد إسرائيل. أحد أبرز الأدوار التي لعبها كانت إعلانه عن عملية أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط في يونيو 2006. وقد أدت هذه العملية إلى مفاوضات معقدة انتهت بإطلاق سراح شاليط في عام 2012 مقابل أكثر من 100 أسير فلسطيني.
بعد هجوم “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر 2023، أصبح أبو عبيدة الوجه الإعلامي الرئيسي للمقاومة الفلسطينية، حيث قدم بيانات متلفزة بشكل منتظم حول تطورات الحرب. أصبحت بياناته منتظرة بشدة من قبل الفلسطينيين ووسائل الإعلام المحلية والإسرائيلية والعالمية. تشير مصادر إلى أنه أصبح من المقربين من دائرة صنع القرار في المجلس العسكري للقسام.
تداعيات اغتيال أبو عبيدة
يأتي اغتيال أبو عبيدة في سياق تصاعد الجهود الإسرائيلية لاستهداف القيادة العسكرية لحماس. وقد تعرض أبو عبيدة لمحاولات اغتيال سابقة، لكنه نجا منها. يعتبر هذا الاغتيال ضربة قوية لقدرات حماس الإعلامية، حيث كان أبو عبيدة يتمتع بشعبية كبيرة وقدرة على التأثير في الرأي العام.
ومع ذلك، أكدت حماس أنها ستواصل المقاومة، وأنها عينت بالفعل متحدثاً جديداً باسم كتائب القسام سيحمل نفس الاسم “أبو عبيدة”. تؤكد الحركة على وجود آلية منظمة لملء الفراغات القيادية التي تحدث نتيجة للاغتيالات أو الوفاة، بناءً على انتخابات داخلية ولوائح تنظيمية.
حماس أعلنت أيضاً عن مقتل قادة بارزين آخرين في كتائب القسام، بما في ذلك قائد الأركان محمد السنوار، وقائد لواء رفح محمد شبانة، وقائد ركن التصنيع العسكري رائد سعد، وقائد ركن الأسلحة والخدمات القتالية حكم العيسى. هذه الاغتيالات المتتالية تثير تساؤلات حول قدرة حماس على الحفاظ على هيكلها القيادي في ظل استمرار الحرب.
من المتوقع أن تشهد الأيام القادمة تصعيداً في حدة القتال بين حماس وإسرائيل. الوضع في غزة يظل متفجراً، مع استمرار القصف الجوي والبري، وتدهور الأوضاع الإنسانية. يجب مراقبة تطورات الأحداث عن كثب، وتقييم تأثير اغتيال أبو عبيدة على مسار الصراع.
في الختام، يمثل مقتل أبو عبيدة خسارة كبيرة لحماس، لكن الحركة تؤكد أنها مستعدة لمواصلة المقاومة. من غير الواضح حتى الآن كيف ستؤثر هذه الخسائر على قدرة حماس على القتال، أو على مسار المفاوضات المحتملة. يبقى الصراع الفلسطيني الإسرائيلي معقداً ومتشابكاً، ولا توجد حلول سهلة في الأفق.










