يثير تدهور مهارات القراءة والاستيعاب لدى الطلاب في الولايات المتحدة قلقًا متزايدًا، حيث كشفت معلمة في دالاس بولاية تكساس عن مستويات مقلقة من الضعف في مهارات القراءة والفهم لدى طلاب الصف الثامن لديها. وأظهرت مشاركاتها على وسائل التواصل الاجتماعي أن غالبية الطلاب يكافحون مع مهام القراءة الأساسية، مما أثار نقاشًا واسعًا حول أسباب هذا الانحدار المحتمل في القدرات المعرفية.
تراجع مهارات القراءة: تقارير مقلقة من المدارس الأمريكية
أعربت المعلمة، التي تُعرف باسم “السيدة ل”، عن دهشتها من أن اثنين فقط من طلابها الـ 110 يقرأون على مستوى صفهم. وذكرت أن 18 طالبًا يقرأون بمستوى الروضة، بينما يقع 55 طالبًا بين الصفين الثاني والرابع. وقد لا تكون هذه الحالة معزولة، حيث تشير تقارير وطنية إلى وجود مشكلة أوسع نطاقًا.
وفقًا لـ “التقرير الوطني للتقدم التعليمي” (National Assessment of Education Progress) لعام 2022، والذي يُعرف أيضًا باسم “بطاقة الأمة”، فقد حصل 70% من المراهقين على نتائج أقل من “مستوى الكفاءة” في القراءة، بينما حصل 40% على نتيجة “أقل من الأساسي”. هذه الأرقام تثير تساؤلات حول فعالية أساليب التدريس الحالية وتأثير العوامل الخارجية على تعلم الطلاب.
أبعاد المشكلة وتأثيرها
لا يقتصر الانخفاض في المهارات المعرفية على المراهقين، بل يمتد ليشمل أجيالًا متعددة. فقد أشار العديد من المعلقين على منشورات السيدة ل إلى أنهم يلاحظون نفس النمط من الضعف في مهارات التفكير النقدي والاستيعاب لدى طلاب المدارس الثانوية وحتى الجامعات. وهذا يشير إلى أن المشكلة قد تكون أعمق وأكثر تعقيدًا مما كان يُعتقد في البداية.
وتشمل الصعوبات التي يواجهها الطلاب، وفقًا للسيدة ل، عدم القدرة على الاستنتاج، ومعالجة الأسئلة الطويلة، وربط السبب بالنتيجة، وتتبع الأفكار متعددة الخطوات. هذه المهارات ضرورية للنجاح الأكاديمي والمهني، وغيابها قد يعيق قدرة الطلاب على التكيف مع متطلبات الحياة الحديثة.
يرى البعض أن الاعتماد المتزايد على التكنولوجيا، وخاصة وسائل التواصل الاجتماعي، يلعب دورًا كبيرًا في هذا التدهور. فقد أشار المعلقون إلى أن “جيل الأيباد” يفتقر إلى الفرص اللازمة لتطوير مهارات القراءة والكتابة والتفكير النقدي من خلال الأنشطة التقليدية مثل قراءة الكتب وكتابة التقارير.
إجراءات للحد من تأثير التكنولوجيا
في أستراليا، اتخذت الحكومة خطوة جريئة من خلال فرض حظر على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للأفراد دون سن 16 عامًا. ويهدف هذا الحظر إلى الحد من الوقت الذي يقضيه الشباب على الشاشات وتقليل تعرضهم للمحتوى الضار الذي قد يؤثر سلبًا على صحتهم ورفاههم. من المتوقع أن يتم تقييم نتائج هذا الحظر في المستقبل القريب.
في الولايات المتحدة، تتخذ بعض الولايات إجراءات مماثلة. على سبيل المثال، ستدخل قوانين جديدة في ولاية فيرجينيا حيز التنفيذ في 1 يناير 2026، تحد من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي إلى ساعة واحدة في اليوم للأفراد دون سن 16 عامًا. ويعتقد السيناتور شيلر فان فالكينبورغ، راعي مشروع القانون، أن هذه القيود ستشجع الطلاب على الانخراط بشكل أكبر في دراستهم وعلاقاتهم الاجتماعية.
هناك أيضًا اهتمام متزايد بتعزيز مهارات القراءة والكتابة في المدارس من خلال برامج تعليمية مبتكرة وأنشطة خارج المنهج الدراسي. وتشمل هذه الأنشطة نوادي القراءة، وورش الكتابة الإبداعية، والمشاريع البحثية التي تتطلب من الطلاب تحليل المعلومات وتقييمها.
ومع ذلك، لا يزال هناك جدل حول أفضل السبل لمعالجة هذه المشكلة. فمن ناحية، يرى البعض أن فرض قيود صارمة على استخدام التكنولوجيا قد يكون ضروريًا لحماية الأطفال والمراهقين. ومن ناحية أخرى، يرى آخرون أن التكنولوجيا يمكن أن تكون أداة قيمة للتعلم إذا تم استخدامها بشكل صحيح.
في الختام، يظل مستقبل مهارات القراءة والاستيعاب لدى الطلاب في الولايات المتحدة غير واضح. من المتوقع أن يتم تقييم تأثير القوانين الجديدة في ولاية فيرجينيا وغيرها من الولايات في السنوات القادمة. كما أن مراقبة نتائج الحظر المفروض على وسائل التواصل الاجتماعي في أستراليا ستوفر رؤى قيمة حول العلاقة بين استخدام التكنولوجيا والقدرات المعرفية. من الضروري مواصلة البحث والتحليل لتحديد أفضل الاستراتيجيات لضمان حصول جميع الطلاب على المهارات اللازمة للنجاح في القرن الحادي والعشرين.










