تصاعدت الادعاءات الروسية بشأن محاولة أوكرانيا استهداف مقر إقامة للرئيس فلاديمير بوتين باستخدام طائرات مسيرة، لكن هذه الادعاءات قوبلت بالرفض من قبل خبراء عسكريين، حيث وصفها أحدهم بأنها “من الصعب تصديقها” وأنها غير منطقية من الناحية التكتيكية. وتأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه الأزمة الأوكرانية الروسية تطورات متسارعة، مع استمرار الجهود الدبلوماسية لإيجاد حل سلمي.
تحليل الادعاءات الروسية حول استهداف بوتين بالطائرات المسيرة
أعرب كاميرون تشيل، الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة “Draganfly” المصنعة للطائرات المسيرة والتي تزود وزارة الدفاع الأمريكية والجيوش المتحالفة بما في ذلك أوكرانيا، عن شكوكه في مصداقية المزاعم الروسية. وقال تشيل إن الطريقة التي تستخدم بها أوكرانيا الطائرات المسيرة تتميز بالذكاء والكفاءة، مما يجعل الهجوم المزعوم على مقر إقامة بوتين أمرًا غير متوقع.
وزعت وزارة الدفاع الروسية بيانًا تفصيليًا زاعمة أنها اعترضت 91 طائرة مسيرة في 8 مناطق روسية، بما في ذلك 18 طائرة فوق منطقة نوفغورود. لكن هذه الأرقام تعارضت مع التصريحات السابقة، حيث ذكرت الوزارة في البداية أنها أسقطت 89 طائرة مسيرة. لاحقًا، أضافت الوزارة أنها اعترضت 23 طائرة أخرى فوق منطقة بريانسك، مدعية أن هذه الطائرات كانت متجهة أيضًا إلى مقر إقامة بوتين.
التناقضات في الرواية الروسية
تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف زادت من الشكوك حول هذه الادعاءات. ففي حين أعلن لافروف عن اعتراض 91 طائرة مسيرة، أشار إلى تفاصيل جديدة حول مسارها المزعوم، مما أثار تساؤلات حول دقة المعلومات المقدمة. من جانبها، وصفت المتحدثة باسم الرئاسة الأوكرانية، يوليا سكيبيتسكا، هذه الادعاءات بأنها “استفزازية” وتهدف إلى تبرير المزيد من الهجمات الروسية.
يرى تشيل أن تنفيذ هجوم بالطائرات المسيرة على مقر إقامة رئاسي شديد الحراسة، كما هو الحال مع بوتين، يتطلب طائرات مسيرة متطورة طويلة المدى وسريعة الحركة. وأشار إلى أن هذه الطائرات كان يجب أن تنطلق من مسافة قريبة نسبيًا، ربما داخل روسيا نفسها، وهو ما يثير الريبة. وأضاف أن أوكرانيا لا تعلن عادةً عن عملياتها مسبقًا، مما يجعل الهجوم المزعوم غير متسق مع أساليبها المعلنة.
علاوة على ذلك، استبعد تشيل استخدام أنظمة الملاحة GPS أو الذكاء الاصطناعي في الهجوم بسبب احتمالية التشويش والرؤية المحدودة في الليل. وأكد أن الهجوم يتطلب تنسيقًا دقيقًا ومعرفة تفصيلية بالمنطقة، وهو ما يجعله أكثر صعوبة وتعقيدًا.
السياق السياسي والجهود الدبلوماسية
تأتي هذه الاتهامات المتبادلة في خضم جهود دبلوماسية مكثفة لحل الأزمة الأوكرانية. وقد عقد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب اجتماعًا مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في فلوريدا مؤخرًا، حيث ناقر الطرفان سبل التوصل إلى سلام. ووفقًا لتقارير إعلامية، أعرب ترامب عن غضبه إزاء الهجوم المزعوم على مقر إقامة بوتين، لكنه أضاف أنه سيبحث في الأمر.
من جهته، أكد زيلينسكي أن الادعاءات الروسية محض اختلاق، واتهم موسكو بتهيئة الظروف لتصعيد جديد. الطائرات المسيرة أصبحت جزءًا أساسيًا من الحرب في أوكرانيا، حيث تستخدمها كلا الطرفين لأغراض مختلفة، بما في ذلك الاستطلاع والهجوم. الأمن الروسي يعي بشكل كبير التهديد الذي تمثله هذه التكنولوجيا، ويسعى باستمرار إلى تطوير أنظمة الدفاع المضاد للطائرات المسيرة. العدوان الروسي المستمر يضع ضغوطًا هائلة على أوكرانيا وحلفائها، مما يستدعي جهودًا حثيثة لإيجاد حل سلمي.
على الرغم من هذه التصريحات المتبادلة، لا تزال آفاق المفاوضات غير واضحة. حذر لافروف من أن روسيا قد تتخذ إجراءات انتقامية، لكنه أكد في الوقت نفسه أن بلاده ستواصل الحوار مع واشنطن. وفي الوقت نفسه، دعا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إلى وصف رد الفعل الغربي على الادعاءات الروسية بأنه “غير عقلاني”.
من المتوقع أن تستمر الجهود الدبلوماسية في الأيام والأسابيع القادمة، مع التركيز على إيجاد أرضية مشتركة بين الطرفين. إلا أن التوترات المتزايدة وتصاعد الاتهامات المتبادلة تمثل تحديًا كبيرًا أمام تحقيق تقدم ملموس. يبقى الوضع في أوكرانيا معقدًا وغير مؤكد، وتتطلب تطوراته مراقبة دقيقة.










